سوره فرقان











سوره فرقان



(وفيها سبع آيات)

1 ـ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ / 25.

2 ـ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَي يَدَيْهِ (إلي) وَکَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً / 27 ـ 29.

3 ـ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّکَّرُوا / 50.

4 ـ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً / 54.

5 ـ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا / 74.

«وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِکَةُ تَنْزِيلاً».

الفرقان/ 25

روي العلاّمة المير محمد صالح الکشفي، (الحنفي)، الترمذي، في کتابه (المناقب المرتضوية) نقلاً عن تفسير الحافظي، عن أبي عبد الله في قوله تعالي:

«وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ».

أنّ الغمام الذي تشقق السماء به (علي)[1] .

(أقول): لعلّ هذا التفسير من باب أن الغمام مظهر الرحمة والرجاء، وفي أهوال يوم القيامة، ورعب المحشر، ظهور وجه علي (عليه السلام) من الأعلي، يبعث الأمل والرجاء في قلوب المؤمنين، أو في الجميع، فلذلک کُنّي عنه بالغمام.

(ولعلّ) الأمر ليس کناية، وتفسيراً، وإنّما تتشقق السماء يوم القيامة، وينزل منها علي بن أبي طالب، ولا مانع فيه.

«وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلي يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يا وَيْلَتي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّکْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَکانَ الشَّيْطانُ لِلإِنْسانِ خَذُولاً»

الفرقان/ 27 ـ 29

عليٌّ هو السبيل إلي النبي بعده:

روي العلاّمة البحراني، عن محمد بن إبراهيم، النعمان، المعروف بابن زينب، في کتاب (الغيبة)، رواه عن طريق النصاب، (عن) محمد بن عبد الله المعمر الطبراني ـ وهو من موالي يزيد بن معاوية، ومن النصاب (بإسناده المذکور)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ـ في حديث طويل:

فقالوا: يا رسول الله، ومن وصيک؟

فقال: (صلي الله عليه وآله وسلّم)

هو الذي يقول الله فيه:

«وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلي يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً».

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم): وصيي السبيل إلي من بعدي (علي بن أبي طالب). ..[2] .

وروي هو أيضاً عن صاحب کتاب (الصراط المستقيم) ـ عن طريق العامة قال:

حدث الحسين بن کثير عن أبيه، قال: دخل محمد علي أبيه[3] وهو يتلّوي:

فقال: ما حالک؟

قال: مظلمة (علي) بن أبي طالب فلو استحللته؟

فقال: لعلي في ذلک.

فقال: قل له: ايت المنبر وأخبر الناس بظلامتي.

فبلغه فقال: فما أراد أنْ يصلي علي أبيک اثنان.

فقال محمد: کنتُ عند أبي أنا و (......)[4] فدعا بالويل ثلاثاً وقال:

هذا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) يبشرني بالنار، ومعه الصحيفة التي تعاقدنا عليها.

فخرجوا دوني وقالوا: يهجر.

فقلت (لأبي): تهذي؟

قال: لا والله، لعن الله ابن صهاک[5] ، فهو الذي أضلني عن الذکر بعد إذا جاءني).

فما زال يدعو بالثبور حتي غمضته[6] .

(أقول): (الذکر) قوله «لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّکْرِ» يحتمل معنيين.

(أحدهما): علي بن أبي طالب ـ بحذف المضاف ـ أي: أضلني عن أهل الذکر، لما سبق من أنّ علياً هو المقصود بقوله تعالي: «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» (النحل/ 43) وبغيرها أيضاً.

(ثانيهما): القرآن، لإطلاق الذکر عليه في قوله تعالي:

«وَهذا ذِکْرٌ مُبارَکٌ أَنْزَلْناهُ» (الأنبياء/ 50) وفي غيره أيضاً، ويکون المقصود (القرآن) الذي نزل بحق علي بن أبي طالب، ووجوب موالاته واتباعه.

«وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّکَّرُوا فَأَبي أَکْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ کُفُوراً»

الفرقان/ 50

أخرجه الحافظ الحسکاني (الحنفي) قال: قرأت في التفسير العتيق بالسند المذکور عن أبي جعفر (الباقر) في قوله تعالي:

«فَأَبي أَکْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ کُفُوراً».

قال: بولاية علي يوم أقامه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم)[7] .

(أقول): مَرّ مثل هذا النص في سورة الإسراء ـ آية89، لتکرار هذه الآية الجملة في القرآن بنصّها مرتين، وورودها في فضل علي ـ تأويلاً ـ فتکون آيتان في فضله (عليه السلام) لا آية واحدة.

«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَکانَ رَبُّکَ قَدِيراً»

الفرقان/ 54

أخرج العلاّمة (الشافعي) السيد المؤمن الشبلنجي في نور الأبصار، عن محمد بن سيرين، في قوله تعالي:

«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً» أنّها نزلت في النبي ـ (صلي الله عليه وآله وسلّم) ـ وعلي بن أبي طالب ـ کرّم الله وجهه ـ هو ابن عم النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) وزوج فاطمة (رضي الله عنها) فکان نسباً وصهراً[8] .

ونقله أيضاً علاّمة الهند بسمل في مناقبه[9] ، وکذلک نقله الحافظ البلخي محمد بن يوسف (الشافعي) في مناقبه[10] .

«وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً»

الفرقان/ 74

روي الحاکم الحافظ الحسکاني (الحنفي) عن فرات الکوفي في تفسيره (بإسناده المذکور) عن أبي سعيد[11] في قوله تعالي:

«هَبْ لنا» الآية.

قال النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) قلت: يا جبرئيل من أزواجنا؟

قال: خديجة.

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم): ومن ذرياتنا؟

قال: فاطمة.

و: قرة أعين؟

قال الحسن والحسين.

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم): واجعلنا للمتقين إماماً؟ قال (جبرئيل): علي[12] .

(أقول): يعني بالمتقين علي بن أبي طالب وإمامه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم).









  1. المناقب للکشفي/ الباب الأول.
  2. غاية المرام/ ص443.
  3. الظاهر کونه من أصحاب النبي الذين ظلموا علياً بعد رسول الله، وقد قال القرآن عنهم «أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابکم» /آل عمران144.
  4. هنا فراغ بعدد أسماء سقطت.
  5. ابن صهاک لعله صديق لهذا الصحابي، قد سبب الضلالة له.
  6. غاية المرام/ ص443.
  7. شواهد التنزيل/ ج1/ ص352.
  8. نور الأبصار/ ص102.
  9. أرجح المطالب/ ص72.
  10. المناقب للبلخي/ ص9.
  11. هو سعد بن مالک بن سنان الأنصاري الخزرجي الخدري، من أجلاء الصحابة، روي کثيراً عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) وعن بعض أصحابه، وروي عنه جمع من الصحابة، وآخرون من التابعين، روي عنه کل أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد أحاديث کثيرة، أخرج أحاديث عديدة في فضائل أهل البيت عامة، وفضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) خاصة، مات عام (74) للهجرة. ذکره وترجم له الکثير من المؤلفين في الرجال، والسيرة والتاريخ، نذکر جمعاً منهم ـ من العامة ـ للملاحظة وهم: ـ

    محمد بن إسماعيل البخاري في (التاريخ الصغير) ص70 وفي (التاريخ الکبير) ج2/ ق2/ ص45.

    ومحمد بن أحمد الدولابي في (الکُني والأسماء) ج1 ص34.

    والطبري في (الذيل والمذيل) ص114.

    وأبو نعيم الأصبهاني في (حلية الأولياء) ج1 ص369.

    وعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري في (المعارف) ص116.

    وابن عبد البر القرطبي في (الاستيعاب) ج2 ص690.

    ومحمد بن طاهر القيسراني في (الجمع بين رجال الصحيحين) ص158.

    وأبو القاسم بن عساکر الدمشقي في (تاريخ دمشق) ج6 ص158.

    وعبد الرحمن بن علي المعروف بـ (ابن الجوزي) في (صفة الصفوة) ج1ص 299. وفي (تلقيح فهوم أهل الأثر) ص74.

    وخير الدين الزرکلي في (الأعلام) ج3 ص138.

    وعبد الله بن أسعد اليافعي في (مرآة الجنان) ج1 ص155.

    وإسماعيل بن عمر بن کثير الدمشقي في (البداية والنهاية) ج9 ص3.

    وابن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب) ج1 ص81.

    والعلامة الذهبي في (دول الإسلام) ج1 ص36. وفي (تذکرة الحفاظ) ج1 / ص41 وفي تجريد أسماء الصحابة ج1 ص234.

    وابن حجر العسقلاني في (تقريب التهذيب) ص141 وفي (تهذيب التهذيب) ج3 ص479 وفي (الإصابة) ج3 ص85. وآخرون....

  12. شواهد التنزيل/ ج1 ص416.