سوره مطففين











سوره مطففين



(وفيها تسع عشرة آية)

1 ـ کَلاَ إِنَّ کِتَابَ الأبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، (إلي) فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ / 18 ـ 26.

2 ـ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ / 27 ـ 28.

3 ـ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا کَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَکُونَ. (إلي) مَا کَانُوا يَفْعَلُونَ / 29 ـ 36.

«کَلاَّ إِنَّ کِتابَ الأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَما أَدْراکَ ما عِلِّيُّونَ * کِتابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَي الأَرائِکِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتامُهُ مِسْکٌ وَفِي ذلِکَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ»

المطففين/ 18 ـ 26

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: حدثنا الحاکم أبو عبد الله الحافظ (بإسناده المذکور) عن أبي الزبير، عن جابر (بن عبد الله الأنصاري)[1] : أن النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) في غزوة الطائف دعا علياً فانتجاه، ثم قال:

أيُّها الناس، إنّکم تقولون: إني انتجيت علياً، ما أنا انتجيته، إنّ الله انتجاه.

ثم قال (صلي الله عليه وآله وسلّم):

«وَفِي ذلِکَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ»[2] .

(أقول): ذکرنا الآيات السابقة علي هذه الآية التي تلاها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) وذلک لأنّ کلمة (ذلک) إشارة إلي تلک الآيات، فهي في کونها آيات وحدة واحدة، ومعني غير متفرق.

«وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ»

المطففين/ 27 ـ 28

روي الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: حدثنا الحاکم الوالد (بإسناده المذکور) عن جابر بن عبد الله، عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) في قوله تعالي:

«وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ».

قال: هو أشرف شراب الجنة، يشربه آل محمد، وهم المقرّبون السابقون، رسول الله، وعلي بن أبي طالب، وخديجة وذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان[3] .

«إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا کانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَکُونَ * وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلي أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَکِهِينَ * وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ * وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْکُفَّارِ يَضْحَکُونَ * عَلَي الأَرائِکِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْکُفَّارُ ما کانُوا يَفْعَلُونَ»

المطفّفين/ 29 ـ 36

روي الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: في تفسير (مقاتل) رواية إسحاق عنه.

«إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا کانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَکُونَ»

وذلک: أنّ علي بن أبي طالب انطلق في نفر إلي النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) فسخر منهم المنافقون وضحکوا، وقالوا: «إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ» يعني: يأتون محمداً يرون أنّهم علي شيء.

فنزلت هذه الآية قبل أنْ يصل علي ومن معه إلي النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) فقال (تعالي):

«إنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا» يعني: المنافقين.

«کانوا من الذين آمنوا» يعني: علياً وأصحابه.

«يضحکون» إلي آخرها (يعني إلي آخر الآيات، وإلي آخر السورة، وکلاهما واحد)[4] .

وروي هو أيضاً، قال: (روي) سعيد بن أبي سعيد البلخي (بإسناده المذکور) عن الضحاک، عن ابن عباس في قوله (تعالي):

«إنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا».

قال: هم بنو عبد شمس، مرَّ بهم علي بن أبي طالب، ومعه نفر فتغامزوا به وقالوا هؤلاء الضلال، فأخبر (الله تعالي) ما للفريقين عنده جميعاً يوم القيامة، قال:

«فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا» علي وأصحابه.

«مِنَ الْکُفَّارِ يَضْحَکُونَ * عَلَي الأَرائِکِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْکُفَّارُ ما کانُوا يَفْعَلُونَ» بتغامزهم، وضحکهم، وتضليلهم علياً وأصحابه.

فبشّر النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) علياً وأصحابه الذين کانوا معه، إنّکم ستنظرون إليهم وهم يُعذّبون في النار[5] .

وأخرجه الخطيب البغدادي، أبو بکر أحمد بن علي في مناقبه قال:

إنّ علي بن أبي طالب جاء في نفر من المسلمين إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) فسخر منهم المشرکون وقالوا لأصحابهم: رأينا الأصلع فضحکنا منه، فأنزل الله الآية قبل أنْ يصلَ علي إلي النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم)[6] .

وروي نحواً منه الفخر الرازي في تفسيره الکبير[7] .

والزمخشري في تفسيره[8] .

ونقله أخطب الخطباء الخوارزمي، عن مقاتل والکلبي في مناقبه[9] .

وآخرون أيضاً...









  1. هو أبو عبد الله، جابر بن عبد الله بن عمرو السلمي الخزرجي الأنصاري، من کبار أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) بايع معه بيعة الرضوان، وکان مع النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) في الکثير من مواقفه، وقد ذکر في حقه أنّه شهد المشاهد کلها، يعد في المکثرين من الأحاديث، مدحه کل من ذکره، وأخرج أحاديثه أصحاب الصحاح الستة وغيرهم من أصحاب الصحاح والسنن، والمسانيد، أخذ عنه الکثير من الصحابة والتابعين، أدرک بعد النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) من أهل بيته علياً، والحسن، والحسين وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي الباقر، (عليهم السلام)، له الکثير من الأحاديث التي رواها عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفضائل أهل البيت (عليه وعليهم السلام) مات في عام (78) للهجرة.

    ذکره وترجم له الکثير من أصحاب الرجال والتاريخ والسيرة، نذکر جماعة منهم ـ من العامة ـ للمراجعة: ـ

    ابن قتيبة الدينوري في (المعارف) ص133.

    والإمام البخاري (التاريخ الکبير) ج1/ ق2/ ص207. وفي (التاريخ الصغير) ص92.

    وابن أبي حاتم الرازي في (الجرح والتعديل) ج1/ ق1/ ص492.

    والإمام الطبري في (الذيل المذيل) ص22.

    ومحمد بن أحمد الدولابي في (الکني والأسماء) ج1/ ص77.

    والمطهر بن طاهر المقدسي في (البدء والتاريخ) ج5/ ص116.

    وابن عبد البر القرطبي في (الاستيعاب) ج1/ ص85.

    وأبو الفضل بن القيسراني في (الجمع بين رجال الصحيحين) ص72.

    وأبو القاسم بن عساکر الدمشقي (تاريخ دمشق) ج3/ ص386.

    وابن الأثير الجزري في (الکامل في التاريخ) ج4/ ص186.

    وفي (أسد الغابة) ج1/ ص256.

    وأبو زکريا النواوي في (تهذيب الأسماء) ص184.

    والعلامة الذهبي في (تجريد أسماء الصحابة) ج1/ ص77. وفي (تذکرة الحفاظ) ج1 ص40. وفي (دول الإسلام) ج1/ ص37.

    ومحمد بن محمود الخوارزمي في (جامع المسانيد) ج2/ ص346.

    وأحمد بن حجر العسقلاني في (الإصابة) ج1/ ص222. وفي (تهذيب التهذيب) ج2/ ص42. وفي (تقريب التهذيب) ص63.

    وعبد الله بن أسعد اليافعي في (مرآة الجنان) ج1/ ص158.

    ومحمود بن أحمد العيني في (عمدة القارئ) ج1/ ص77.

    وأحمد بن عبد الله الخزرجي في (خلاصة تهذيب التهذيب) ص59.

    وخير الدين الزرکلي في (الأعلام) ج2/ ص92.

    وأبو الفلاح بن العماد في (شذرات الذهب) ج1/ ص84.

    وآخرون....

  2. شواهد التنزيل/ ج2/ ص325.
  3. شواهد التنزيل/ ج2/ ص326.
  4. شواهد التنزيل/ ج2/ ص329.
  5. شواهد التنزيل/ ج2/ ص328 ـ 329.
  6. مناقب الخطيب البغدادي/ ص186.
  7. مفاتيح الغيب/ سورة المطففين.
  8. الکشاف/ سورة المطففين.
  9. المناقب للخوارزمي/ ص194.