سوره حج











سوره حج



(وفيها عشرون آية)

1 ـ إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ / 14.

2 ـ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ (إلي) وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ / 19 ـ 22:

3 ـ إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَهُدُوا إِلَي الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَي صِرَاطِ الْحَمِيدِ / 23 ـ 24.

4 ـ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَي الْقُلُوبِ / 32.

5 ـ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُکِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَي مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاَةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ / 34 ـ 35.

6 ـ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا / 39.

7 ـ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ / 40.

8 ـ الَّذِينَ إِنْ مَکَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ / 41.

9 ـ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ کَرِيمٌ / 50.

10 ـ وَإِنَّ اللهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَي صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ / 39.

11 ـ الْمُلْکُ يَوْمَئِذٍ للهِ يَحْکُمُ بَيْنَهُمْ / 56.

12 ـ وَيُمْسِکُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَي الأرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ / 65.

13 ـ اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِکَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ / 75.

14 ـ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْکَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّکُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ* وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاکُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْکُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيکُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاکُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَکُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْکُمْ وَتَکُونُوا شُهَدَاءَ عَلَي النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّکَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاَکُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَي وَنِعْمَ النَّصِيرُ/ 77 ـ 78.

«إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ»

الحج/ 14.

أخرج العلاّمة المير محمد صالح الکشفي (الحنفي) (الترمذي)، في کتاب (المناقب المرتضوية) بإسناده عن مجاهد:

أن قوله تعالي: «إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ».

نزل في علي وحمزة وعبيدة، حيث قاتلوا مع عتبة وشيبة (والوليد)[1] .

«هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ کَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * کُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ»

الحج/ 19 ـ 22

أخرج سفيان بن سعيد بن مسروق في تفسيره، عن أبي ذر أنّه: (يقسم بأنْ نزلت هذه الآية في ستة من قريش: حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحرث وعتبة وشيبة ابني وربيعة والوليد بن عتبة:

«هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ الآية»[2] .

علي (عليه السلام) وخصماءه:

أخرج المفسّر علي بن أحمد الواحدي النيسابوري في تفسيره المخطوط، بسنده عن قيس بن عباد قال: سمعت أبا ذر يقول: أقسم بالله لنزلت هذه الآية «هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ» في هؤلاء الستة: حمزة وعبيدة وعلي بن أبي طالب.

وعتبة وشيبة ـ ابني ربيعة ـ والوليد بن عتبة.

رواه البخاري، عن حجّاج بن منهال... الخ[3] .

وأخرج نحواً منه بالفارسية المفسّر الکشفي البيهقي في تفسيره المخطوط أيضاً المسمي بـ (المواهب العلية)[4] .

وروي السّيوطي عن صحيح البخاري قال:

في صحيح البخاري، من الجزء الخامس، في آخر کراسة منه (بإسناده المذکور) عن قيس بن عباد، عن علي بن أبي طالب قال:

أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة.

قال قيس: وفيهم نزلت: «هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ».

قال: هم الذين بارزوا يوم بدر:

علي وحمزة وعبيدة.

وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة[5] .

وروي الحافظ الحسکاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قران (بإسناده المذکور) عن علي (بن أبي طالب) قال: فينا نزلت هذه الآية، وفي مبارزتنا يوم بدر.

«هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ـ إلي قوله ـ الحريق»:[6] .

وأخرج الحديث مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري في (صحيحه) عن أبي ذر أنّه قال:

وأُقسم أنّ آية «هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ» نزلت في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث بن المطلب لمّا أمرهم النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) يوم بدر بمبارزة عتبة وشيبة ابني ربيعة ووليد بن عتبة[7] .

وأخرجه أيضاً محبُّ الدين الطبري في (ذخائر العقبي)[8] .

کما أخرجه أيضاً باختلاف في الألفاظ واتحاد في المعني علاّمة العامة، محمد بن محمد الحسني، في تفسيره المخطوط، عن قيس بن عباد[9] ، عن أبي ذر، أنّه کان يقسم قسماً علي ذلک[10] .

ونقله المفسّر المعاصر في کتابه في التفسير المسمي بـ (الذکر الحکيم) وهو تفسير لسور ثلاث من القرآن[11] .

وأخرجه کذلک علاّمة الأحناف، أخطب خطباء خوارزم، في کتابه في فضائل علي بن أبي طالب[12] .

وأخرج ذلک أيضاً عدد آخر من الحفّاظ والأثبات.

(ومنهم) علاّمة الشوافع، الحافظ، ابن المغازلي في مناقبه[13] .

(ومنهم) البخاري في کتابه الجامع الصحيح[14] .

(ومنهم) الحاکم في مستدرکه[15] .

(ومنهم) الواحدي في أسباب النزول[16] .

(ومنهم) السّيوطي (الشافعي) في صفحات الأقران[17] .

(ومنهم) أبو داود الطيالسي في مسنده[18] .

(ومنهم) ولي الله بن عبد الرحيم في کتابه فتح خبير[19] .

«إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ * وَهُدُوا إِلَي الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلي صِراطِ الْحَمِيدِ»

الحج/ 23 ـ 24.

روي الحافظ الحسکاني (قال): أخبرنا محمد بن عبد الله الصدفي (بإسناده المذکور) عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن جدّه في قوله تعالي:

«إنّ الله يدخل الذين آمنوا ـ إلي قوله ـ صراط الحميد» قال:

ذلک: علي، وحمزة، وعبيد بن الحارث، وسلمان، وأبو ذر والمقداد[20] .

وأخرجه أيضاً بتغيير في بعض الألفاظ واتحاد في المعني المقصود إبراهيم الوصالي في أسني المطالب[21] .

(أقول): علي، وحمزة، وعبيدة، شأنهم وفضلهم غير قابل للإنکار، وأما الثلاثة الباقون فهم يتلون السابقين في الذکر.

أمّا سلمان[22] فيکفي فيه قول النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) (سلمانٌ منّا أهل البيت).

وأمّا أبو ذر[23] فيکفي فيه أيضاً الحديث الشريف (أبو ذر منّا أهل البيت).

وأمّا المقداد، فيکفي فيه الحديث الشريف (کان إيمانه کزبر الحديد).

فأجدر بهم جميعاً أن تنزل فيهم مثل هذه الآيات.

«... وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَي الْقُلُوبِ»

الحج/ 32.

أخرج الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) في ينابيعه (بسنده) عن علي بن أبي طالب في خطبة له، أنّه قال فيها:

(نحن الشعائر والأصحاب، والخزنة والأبواب)[24] .

(أقول): مرّ ذکر هذا الحديث في سورة المائدة أيضاً مع تعليق منا حوله.

«... وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذا ذُکِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلي ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ»

الحج/ 34 ـ 35.

روي الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: حدثونا عن أبي بکر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي (بإسناده المذکور) عن ابن عباس في قوله تعالي:

«وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ».

قال: نزلت في علي[25] .

وأخرجه أيضاً المير محمد صالح الترمذي (الحنفي) في مناقبه عن ابن مردويه[26] .

(أقول): إنّما ذکرنا الآية الثانية مع أنّ الوارد في حديث ابن عباس هي الآية الأولي فقط، لأنّ الثانية صفة لمن نزلت بحقه الأولي، فإذا کان تنزيل الآية الأولي في حقّ علي (عليه السلام) کانت الثانية صفة لعلي (عليه السلام) أيضاً ـ کما لا يخفي ـ.

«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلي نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»

الحج/ 39.

روي العلاّمة الحسکاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو الحسن الأهوازي (بإسناده المذکور) عن زياد المديني، عن زيد بن علي (في قوله تعالي):

«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا» الآية.

(قال): نزلت فينا[27] .

«الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ»

الحج/ 40.

روي الحافظ الحسکاني (الحنفي) قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد (بإسناده المذکور) عن محمد بن زيد، عن أبيه قال:

سألت أبا جعفر محمد بن علي فقلت له:

«الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ».

قال: (نزلت في علي وحمزة، وجعفر، ثم جرت في الحسين)[28] .

«الَّذِينَ إِنْ مَکَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّکاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْکَرِ»

الحج/ 41.

روي الحافظ الحسکاني (الحنفي) عن فرات بن إبراهيم ـ في تفسيره، بإسناده عن أبي جعفر (الباقر) في قوله تعالي:

«الَّذِينَ إِنْ مَکَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ» الآية.

قال: فينا والله، نزلت هذه الآية[29] .

(أقول): (فينا) هنا وفي غيره يعني: أهل البيت، الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً، ولا شک أنّ علياً (عليه السلام) من أهل البيت، بل هو سيّدهم وکبيرهم ـ کما مرّ غير مرة، وسيأتي أيضاً ـ.

«فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ کَرِيمٌ»

الحج/ 50.

أخرج الحافظ الحسکاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسي بن إسحاق (بسنده المذکور) عن عکرمة، عن ابن عباس قال:

ما في القرآن آية:

«الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها[30] .

«... وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ»

الحج/ 39.

روي الحافظ الحسکاني (الحنفي) قال: (أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الفقيه (بإسناده المذکور) عن جابر بن عبد الله (الأنصاري) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم):

إنّ الله جعل علياً، وزوجته، وابناءه حجج الله علي خلقه، وهم أبواب العلم في أُمّتي، ومن اهتدي بهم هدي إلي صراط مستقيم[31] .

«الْمُلْکُ يَوْمَئِذٍ للهِ يَحْکُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ»

الحج/ 56.

روي الحافظ الحسکاني (الحنفي) (قال): حدّثني علي بن موسي بن إسحاق (بإسناده المذکور) عن عکرمة، عن ابن عباس قال:

ما في القرآن آية: «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجلٌ، إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذکر علياً إلاّ بخير[32] .

(أقول): قد مرّ نظيره غير مرة.

«... وَيُمْسِکُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَي الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ...).

الحج/ 65.

روي أبو الحسن الفقيه ابن شاذان ـ من طريق العامة بحذفه الإسناد عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) قال:

حدثني جبرئيل عن ربّ العزّة جلّ جلاله أنّه قال:

من علم أن لا إله إلا أنا وحدي، وأنّ محمداً عبدي ورسولي، وأنّ علي بن أبي طالب خليفتي، والأئمّة من ولده حججي، أدخلته الجنة برحمتي، ونجيته من النار بعفوي، وأبحت له جواري، وأوجبت له کرامتي، وأتممت عليه نعمتي، وجعلته من خاصتي وخالصتي، وإن ناداني لبّيته، وإن دعاني، أجبته، وإن سألني، أعطيته، وإن سکت، ابتدأته، وإن أساء، رحمته، وإن فرّ مني، دعوته، وإن رجع إليّ، قبلته، وإن قرع بابي، فتحته.

ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي، أو شهد بذلک ولم يشهد بأنّ محمداً عبدي ورسولي، أو شهد بذلک، ولم يشهد بأنّ علي بن أبي طالب خليفتي أو شهد بذلک ولم يشهد أنّ الأئمّة من ولده حججي، فقد جحد نعمتي، وصغر عظمتي، وکفر بآياتي، وکتبي، ورسلي، إن قصدني، حجبته وإن سألني حرمته، وإن ناداني، لم اسمع نداءه، وإن دعاني، لم أستجب دعاءه، وإن رجاني، خيّبت رجاءه مني، وما أنا بظلاّمٍ للعبيد.

فقام جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، مَن الأئمّةُ من ولد علي بن أبي طالب؟

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم): الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيّد العابدين في زمانه، علي بن الحسين، ثم الباقر، محمد بن علي ـ وستدرکه يا جابر، فإذا أدرکته فأقرئه مني السلام ـ ثم الصادق، جعفر بن محمد، ثم الکاظم، موسي بن جعفر، ثم الرضا، علي بن موسي، ثم التقي، محمد بن علي، ثم النقي، علي بن محمد، ثم الزکي، الحسن بن علي ثم ابنه القائم بالحق، مهدي أُمّتي، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً، هؤلاء يا جابر، خلفائي، وأوصيائي، وأولادي، وعترتي، من أطاعهم، فقد أطاعني، ومن عصاهم، فقد عصاني، ومن أنکرهم، أو أنکر واحداً منهم، فقد أنکرني، وبهم يمسک الله السماء أنْ تقع علي الأرض، وبهم يحفظ الله الأرض أنْ تميد بأهلها[33] .

«اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِکَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ»

الحج/ 75.

روي الفقيه الشافعي (السّيوطي)، في تفسير هذه الآية، بإسناده المذکور، عن زيد بن أبي أوفي قال: دخلت علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) في مسجده فقال (صلي الله عليه وآله وسلّم): أين فلان، أين فلان! فجعل ينظر في وجوه أصحابه، ويتفقدهم، ويبعث إليهم، حتي توافوا عنده، فلمّا توافوا عنده، حمد الله، وأثني عليه (ثم قال) (صلي الله عليه وآله وسلّم): إنّي مُحدّثکم حديثاً، فاحفظوه، وعوه وحدّثوا به من بعدکم، إنّ الله عزّ وجلّ اصطفي من خلقه خلقاً ثم تلا (صلي الله عليه وآله وسلّم) (قوله تعالي):

«اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِکَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ»

خلقاً يدخلهم الجنة وإنّي أصطفي منکم من أحبُّ أصطفيه.

وموآخٍ بينکم، کما آخي الله عزّ وجلّ بين ملائکته (إلي أنْ قال):

فقال (صلي الله عليه وآله وسلّم) لعلي بن أبي طالب: والذي بعثني بالحق، ما أخرتک إلاّ لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسي، إلاّ أنّه لا نبي بعدي، وأنت أخي، ووارثي، ورفيقي،... الخ[34] .

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْکَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّکُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ * وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباکُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْکُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيکُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاکُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَکُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْکُمْ وَتَکُونُوا شُهَداءَ عَلَي النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاکُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلي وَنِعْمَ النَّصِيرُ»

الحج/ 77 ـ 78.

روي العلاّمة البحراني (قُدِّس سرُّه)، عن إبراهيم بن محمد الحمويني، (الفقيه الشافعي)، (بإسناده المذکور)، عن سليم بن قيس الهلالي ـ في حديث طويل ـ:

أقسم علي بن أبي طالب، بمحضر أکثر من مائتي رجل من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) والتابعين أولئک جميعاً، وأشهدهم علي أمور، وقال عليٌّ فيما قال ـ:

أنشدکم الله أتعلمون أنّ الله أنزل في سورة الحج:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْکَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّکُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ... إلي آخر السورة».

فقام سلمان فقال: يا رسول الله، من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد، وهم شهداء علي الناس، الذين اجتباهم الله، ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملّة إبراهيم؟

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم):

عني بذلک ثلاثة عشر رجلاً خاصة دون هذه الأمة.

قال سلمان: بيّنهم لنا يا رسول الله؟

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم):

أنا، وأخي علي، وأحد عشر من ولدي.

(قالوا): اللّهم، نعم[35] .

(أقول): أجاب رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) سلمان بأنّ الآيتين نزلت فيه، وفي علي، والأئمّة الأحد عشر من ولده.

وهذا ـ کما کرّرنا ذکره ـ من باب المصداق الأکمل، والفرد الأتم، أو من باب شأن النزول، لا عدم الشمول لغيرهم من المؤمنين.









  1. المناقب للکشفي/الباب الأول.
  2. تفسير سفيان ص167.
  3. تفسير (الوسيط بين المقبوض والبسيط) المخطوط، عند تفسير سورة الحج.
  4. تفسير (المواهب العلية) المخطوط، عند تفسير سورة الحج.
  5. الدر المنثور/ ج4/ ص348.
  6. الحج/22.
  7. صحيح لمسلم/ ج2/ ص89.
  8. ذخائر العقبي/ ص89.
  9. هو أبو عبد الله قيس بن عباد القيسي الضبعي البصري، من أجلّة التابعين، أدرک عدداً من أصحاب النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) وروي عنهم وعن عدد من التابعين، وروي عنه جمع من التابعين وتابعيهم، قليل الرواية، نقل أحاديث في فضائل أمير المؤمنين، وفضائل أهل البيت ـ (عليه وعليهم الصلاة والسلام) کان متصلباً في الحق صامداً عليه، عارض الحجاج وأنکر عليه منکراته، فقتله عام (85) للهجرة.

    ذکره وترجم له العديد من أصحاب الرجال، والسيرة، والتاريخ، نذکر جمعاً منهم ـ من العامة ـ للمراجعة وهم: ـ

    خير الدين الزرکلي في (الأعلام) ج6 ص57.

    ومحمد بن سعد ـ کاتب الوافدي ـ في (الطبقات الکبري) ج7 ق1 ص95.

    وأحمد بن عبد الله الخزرجي في (خلاصة تهذيب التهذيب) ص318. ومحمود بن أحمد العيني في (عمدة القارئ) ج8 ص149 وأحمد بن حجر العسقلاني في (تقريب التهذيب) ص307 وفي (تهذيب التهذيب) ج8 ص400.

    ومحمد بن إسماعيل البخاري في (التاريخ الکبير) ج4/ ق1 ص145.

    وابن أبي حاتم الرازي في (الجرح والتعديل) ج3/ ق2 ص101.

    ومحمد بن أحمد الدولابي في (الکني والأسماء) ج2 ص59.

    ومحمد بن طاهر القيسراني في (الجمع بين رجال الصحيحين) ص418 وآخرون...

  10. التبيان في معاني القرآن/مخطوط/ ج2/ الصفحة الأولي من الورقة المرقمة (36).
  11. الذکر الحکيم/ ص180.
  12. المناقب للخوارزمي/ ص107.
  13. المناقب لابن المغازلي/ ص264 ـ 265.
  14. صحيح البخاري/ ج5/ ص95 (کتاب المغازي).
  15. المستدرک علي الصحيحين/ ج2/ ص386.
  16. أسباب النزول/ ص230.
  17. مفحمات الأقران/ ص43.
  18. مسند أبي داود الطيالسي/ ص65.
  19. فتح خبير/ ص182.
  20. شواهد التنزيل/ ج1/ ص395.
  21. أسني المطالب للوصابي/الفصل الثالث عشر/ أو آخره.
  22. هو أبو عبد الله سلمان الخير، أو سلمان المحمدي، من أعاظم أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) وقد أطراه النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) في أحاديث عديدة، وکذلک أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، کان يفتي علي عهد النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) أوتي علوماً من المنايا والبلايا، روي عنه جمع من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) وبعض التابعين، قليل الحديث، روي أحاديثه کل أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد، مات عام (36) للهجرة علي الأصح ودفن بالمدائن (قرب بغداد) وله مزار معروف هناک ذکره وترجم له الکثير من المؤلفين في الرجال، والسيرة، والتاريخ، نذکر جماعة منهم ـ من العامة ـ للمراجعة وهم.

    محمد بن سعد کاتب الواقدي في (الطبقات الکبري) ج4/ق2/ص136.

    ومحمد بن إسماعيل البخاري في (التاريخ الکبري) ج2/ ق1/ ص53.

    وفي (التاريخ الصغير) ص38.

    وابن قتبية الدينوري في (المعارف) ص117.

    ومحمد بن أحمد الدولابي في (الکني والأسماء ج1 ص78.

    وأبو الفرج بن الجوزي في (تلقيح فهوم أهل الأثر) ص66. وفي (صفة الصفوة) ج1 ص210.

    وابن عساکر الدمشقي في تاريخ دمشق ج6 ص188.

    ومحمد بن طاهر القيسراني في (المجمع بين رجال الصحيحين) ص193

    وأبو نعيم الأصبهاني في (حلية الأولياء) ج1 ص185 وفي (ذکر أخبار أصبهان) ج1 ص48.

    وابن عبد البر ـ يوسف بن عبد الله القرطبي ـ في (الاستيعاب) ج2 ص556.

    وعلي بن الحسين المسعودي في (مروج الذهب) ج1 ص320.

    والإمام الطبري في (الذيل المذيل) ص26.

    وحافظ المشرق الإمام الرازي في (الجرح والتعديل) ج2/ ق1 ص296.

    والمطهر بن طاهر المقدسي في (البدء والتاريخ) ج5/ ص110.

    وخير الدين الزرکلي في (الأعلام) ج3 ص169.

    وعبد الحي بن العماد في (شذرات الذهب) ج1 ص44.

    وابن الأثير الجزري في (أسد الغابة) ج2 ص328: وفي (الکامل في التاريخ) ج3 ص123.

    وابو زکريا النواوي في (تهذيب الأسماء) ص292 والعلاّمة الذهبي في (تذکرة الحفاظ) ج1 ص43. وفي (تجريد أسماء الصحابة) ج1 ص247.

    وفي (دول الإسلام) ج1 ص17.

    وعبد الله بن أسعد اليافعي في (مرآة الجنان) ج1 ص100.

    وابن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب) ج4 ص137 وفي (تقريب التهذيب) ص153، وفي (الإصابة) ج3 ص113.

    وأحمد بن عبد الله الخزرجي في (خلاصة ـ تهذيب التهذيب) ص147.

    ومحمود بن أحمد العيني في (عمدة القارئ) ج8 ص133. وأخرون....

  23. هو جندب بن جنادة بن سفيان الغفاري المکني بـ (أبي ذر). من أجلاّء الصحابة، صدرت له مدائح عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) وعلي (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام)، له مناقب کثيرة، کان مجاهراً بالحق صامداً عليه، نفي عدة مرات من المدينة علي أثر ترکه المداهنة مع الباطل وأهله، حتي مات جوعاً في المنفي، شهد الکثير من المشاهد مع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) روي کثيراً عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) وعن علي (عليه السلام) أخرج أحاديثه کل أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد، نقل أحاديث عديدة في فضائل أهل البيت وخاصة فضائل أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، مات من الجوع عام (32) للهجرة في (الرّبذة) وقبره معروف هناک يزار بين مکة والمدينة (يسمي اليوم: واسط) علي بعد (130) کيلو متراً تقريباً عن المدينة المنورة ذکره وترجم له الکثير من المؤلفين في الرجال، والسيرة، والتاريخ، نذکر جماعة منهم ـ من العامة ـ للمراجعة وهم: ـ

    خير الدين الزرکلي في (الأعلام) ج2 ص136.

    وأحمد بن عبد الله الخزرجي في (خلاصة تهذيب التهذيب) ص449.

    وعبد الحي بن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب) ج1 ص39.

    والإمام البخاري في (التاريخ الصغير) ص35. وفي (التاريخ الکبير) ج1/ ق2/ ص220.

    وأبو جعفر البغدادي ـ محمد بن حبيبب ـ في (المجد) ص237 وأحمد بن أحمد الدولابي في (الکني والأسماء ج1 ص28. وابن سعد کاتب الوافدي في (الطبقات الکبري) ج4/ ق1 ص161.

    وشمس الدين الذهبي في (تذکرة الحفاظ) ج1 ص17.

    وفي (تجريد أسماء الصحابة) ج2 ص175وفي (دول الإسلام) ج1 ص14.

    وعبد الله بن أسعد اليافعي في (مرآة الجنان) ج1 ص88.

    وابن کثير الدمشقي في (البداية والنهاية) ج7 ص164.

    وابن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب) ج12ص90 وفي (تقريب التهذيب) ص418 وفي (الإصابة) ج7 ص60.

    ومحمود بن أحمد العيني في (عمدة القارئ) ج1 ص239.

    وعبد الرحمن القيرواني في (معالم الإيمان) ص74.

    وأبو زکريا النواوي في (تهذيب الأسماء) ص714.

    وأبو المؤيد الخوارزمي في (جامع المسانيد) ج2 ص449.

    وابن الأثير الجزري في (الکامل في التاريخ) ج3 ص55 وفي (أسد الغابة) ج5 ص186.

    وأبو الفرج بن الجوزي في (تلقيح فهوم أهل الأثر) ص198. وفي (صفة الصفوة) ج1 ص238.

    ومحمد بن طاهر القيسراني في (المجمع بين رجال الصحيحين) ص75.

    وابن عبد البر في (الاستيعاب) ج2 ص645.

    والطبري ـ محمد بن جرير ـ في (الذيل المذيل) ص27.

    وأبو نصر بن ماکولا في (الإکمال) ج1 ص257. وآخرون....

  24. ينابيع المودّة/ ص135.
  25. شواهد التنزيل/ ج1/ ص397.
  26. المناقب للمير محمد صالح الترمذي/ أواخر الباب الأول.
  27. شواهد التنزيل/ ج1/ ص398.
  28. شواهد التنزيل/ ج1/ ص399.
  29. شواهد التنزيل/ ج1/ ص400.
  30. شواهد التنزيل/ ج1/ ص41.
  31. شواهد التنزيل/ ج1/ ص58.
  32. شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.
  33. المناقب المائة/ المنقبة الثانية والتسعون/ ص53 ـ 55 وذکر قريباً منه بسند آخر عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) في المنقبة السابعة عشرة/ ص11 ـ 12.
  34. تفسير الدر المنثور/ ج4/ ص370 ـ 378.
  35. غاية المرام/ ص265.