سوره حشر











سوره حشر



(وفيها خمس آيات)

1 ـ مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَي رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَي فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَي / 7.

2 ـ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ / 9.

3 ـ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا / 10.

4 ـ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ / 18.

5 ـ لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ / 20.

«ما أَفاءَ اللهُ عَلي رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُري فَللهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبي وَالْيَتامي وَالْمَساکِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ کَيْ لا يَکُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِياءِ مِنْکُمْ...»

الحشر/ 7

روي الثعلبي في تفسيره (الکشف والبيان في تفسير القرآن) في تفسيره هذه الآية:

«ما أَفاءَ اللهُ عَلي رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُري فَللهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبي» الآية.

قال: قال ابن عباس (رضي الله عنه):

هي (يعني: ما أفاءه الله): (قريضة) و (النظير) وهي بالمدينة علي ثلاثة أميال، (وفدک) وهي من المدينة، وخيبر، وقري عرسه، وينبع، جعلها الله تعالي لرسوله يحکم فيها ما أراد، واختلفوا (أي المسلمين أصحاب النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) فيها، فقال أناس: هلاّ قسمها؟ فأنزل الله سبحانه وتعالي هذه الآية:

«ما أَفاءَ اللهُ عَلي رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُري فَللهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبي» قرابة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم)[1] .

وقال أبو جعفر بن جرير الطبري، في تفسيره، عند تفسير هذه الآية قال: قوله «ولذي القربي» يقول: ولذي قرابة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم)[2] وقال المفسّر المعاصر (عبد الکريم الخطيب) في تفسيره: (أي: إنّ هذا الذي أفاءه الله علي رسوله من أهل القري هو لله والرسول ولذي القربي للرسول)[3] .

وقال الشيخ محمد علي السالس المعاصر، مدرس کلية الشريعة الإسلامية بالقاهرة في تفسيره الموسوم بـ (تفسير آيات الأحکام) عن هذه الآية الکريمة:

(وأمّا سهم ذي القربي فهو لذي قرباه ـ (صلي الله عليه وآله وسلّم) ـ[4] .

«وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»

الحشر/ 9

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي (بإسناده المذکور) عن أبي هريرة (قال):

إنّ رجلاً جاء إلي النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) فشکا إليه الحوع فبعث إلي بيوت أزواجه، فقلن ما عندنا إلاّ الماء، فقال (صلي الله عليه وآله وسلّم): من لهذه الليلة؟

فقال علي: أنا يا رسول الله.

فأتي فاطمة، فأعلمها، فقالت: ما عندنا إلاّ قوت الصبية، ولکنّا نؤثر به ضيفنا.

فقال علي: نوّمي الصبية، وأنا أُطفئ للضيف السراج.

ففعلت، وعشي الضيف، فلمّا أصبح، أنزل الله عليهم هذه الآية: «وَيُؤْثِرُونَ عَلي أَنْفُسِهِمْ» الآية[5] .

(أقول): قوله: أنزل الله عليهم هذه الآية: «وَيُؤْثِرُونَ عَلي أَنْفُسِهِمْ» يعني: کامل هذه الآية من أولها: «وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ» إلي آخرها «وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» بدليل قوله «الآية»، ولأنّ محل الشاهد کان قطعة من الآية؛ ذکرت القطعة بالذات باعتبارها السبب في نزول مجموع الآية:

(ولا ينافي) ذلک کون تفسير صدر الآية في الأنصار، إذ شأن النزول، والتأويل قد لا يکون نفس التفسير کما لا يخفي علي من لاحظ التفاسير.

وروي هو أيضاً قال: أخبرنا عقيل (بإسناده المذکور) عن ابن عباس في قول الله:

«وَيُؤْثِرُونَ عَلي أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ کانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ».

قال: نزلت في علي وفاطمة، والحسن والحسين[6] .

«وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّکَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ»

الحشر/ 10

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو مسعد محمد بن علي الحبري (بإسناده المذکور) عن سلمة بن الأکوع قال:

بينما النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) ببقيع الغرقد، وعلي معه فحضرت الصلاة، فمرّ به جعفر، فقال النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم): يا جعفر، صل جناح أخيک، فصلي النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) بعلي وجعفر.

فلمّا انفتل من صلاته قال: يا جعفر، هذا جبرئيل يخبرني من ربّ العالمين، أنّه صيّر لک جناحين أخضرين، مفضضين بالزّبرجد والياقوت تغدو وتروح حيث تشاء.

قال علي: فقلت: يا رسول الله، هذا جعفر فما لي؟

قال النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم): يا علي، أوما علمت أنّ الله عزّ وجلّ، خلق خلقاً من أُمّتي يستغفرون لک إلي يوم القيامة.

قال علي: ومن هم يا رسول الله؟

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم): قول الله عزّ وجلّ، في کتابه المنزلِ عليّ:

«وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّکَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ»، فهل سبقک إلي الإيمان أحد يا علي؟[7] .

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ...»

الحشر/ 18

أخرج مفتي العراقين، عالم الشافعية، محمد بن يوسف بن محمد القرشي الکنجي في کفايته، بسنده عن حذيفة بن اليمان[8] ، قال: ما ذکر الله في القرآن: «يا أيها الذين آمنوا إلاّ کان عليٌّ لبّها ولبابّها[9] .

«لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ»

الحشر/ 20

روي العالم (الحنفي) موفّق بن أحمد، من أعيان العلماء، عن سيد الحفاظ شهر دار بن شيرويه بن شهردار الديلمي (بإسناده المذکور) عن أبي الزبير، عن جابر قال: کنّا عند النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم)، فأقبل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم): قد أتاکم أخي، ثم التفت إلي الکعبة، فقبض منها بيده ثم قال:

(والذي نفسي بيده، إنّ هذا وشيعته، هم الفائزون يوم القيامة)[10] .

(أقول): القرآن يقول: «أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ»

ورسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) يقول: (الفائزون هم فقط وفقط علي وشيعته).

النتيجة: فمن ذکرهم القرآن هم علي وشيعته.









  1. تفسير الثعلبي/ ج2/ الورقة 335/ الصفحة الأولي.
  2. جامع البيان في تفسير القرآن/ عند تفسير سورة الحشر.
  3. التفسير القرآني للقرآن / ج14/ ص859.
  4. تفسير آيات الأحکام/ ج3/ ص138.
  5. شواهد التنزيل/ ج2/ ص246.
  6. شواهد التنزيل/ ج2/ ص247.
  7. شواهد التنزيل/ ج2/ ص248 ـ 249.
  8. هو أبو عبد الله حذيفة بن اليمان بن جابر العبسي الکوفي، من أجلاء الصحابة والسابقين الأولين، قالوا: أخبره رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) بالفتن والحوادث الآتية بعد وفاته (صلي الله عليه وآله وسلّم)، نقل عنه خلق کثير من الصحابة والتابعين، وأخرج له أصحاب الصحاح الستة کلهم، وغيرهم أيضاً المئات من الأحاديث الشريفة، ونقل فيما نقل العديد من أحاديث فضل أهل البيت وخاصة سيد العترة علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام)، مات عام (36) للهجرة.

    ذکر وترجم له الکثير من أصحاب الرجال، والتاريخ في العديد من الکتب نذکر جماعة منهم من العامة للمراجعة:

    محمد بن سعد کاتب الواقدي في (الطبقات الکبري) ج6/ ص8.

    ومحمد بن حبيب البغدادي في (کتاب المحبر) ص417.

    وخير الدين الزرکلي في (الأعلام) ج2/ ص180.

    وعبد الحي بن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب) ج1 ص44.

    ومحمد بن إسماعيل البخاري في (التاريخ الکبير) ج2 ق1/ ص89.

    وفي (التاريخ الصغير) ص43.

    وابن قتيبة الدينوري في (المعارف) ص114.

    وعبد الرؤوف المناوي في (الکواکب الدرية) ج1 ص50.

    وأحمد بن عبد الله الخزرجي في (خلاصة تهذيب التهذيب) ص74.

    ومحمود بن أحمد العيني في (عمدة القارئ) ج8/ ص33.

    وابن حجر العسقلاني في (الإصابة) ج1 ص332. وفي (تهذيب التهذيب) ج2/ ص219. وفي (تقريب التهذيب) ص82.

    وشمس الدين الذهبي في (تجريد أسماء الصحابة) ج1/ ص134. وفي (تاريخ الإسلام) ج2/ ص153 وفي (دول الإسلام) ج1/ ص16.

    وعبد الله بن أسد اليافعي في (مرآة الجنان) ج1/ ص100.

    والإمام الطبري في (الذيل المذيل) ص117.

    وابن أبي حاتم الرازي في (الجرح والتعديل) ج1/ ق2/ ص256.

    وأبو محمد الأزدي في (مشتبه النسبة) ص54.

    وأبو نعيم الإصبهاني في (حلية الأولياء) ج1 ص270.

    وابن عبد البر القرطبي في (الاستيعاب) ج1 ص104

    ومحمد بن طاهر القيسراني في (الجمع بين رجال الصحيحين) ص107.

    وابن عساکر الدمشقي في (تاريخ دمشق) ج4/ ص93.

    وأبو الفرج بن الجوزي في (تلقيح فهوم أهل الأثر) ص198. وفي (صفة الصفوة) ج1/ ص349.

    وعلي بن محمد ابن الأثير الجزري في (أسد الغابة) ج1/ ص390. وفي (الکامل في التاريخ) ج3/ ص133.

    وأبو المؤيّد الخوارزمي في (جامع المسانيد) ج2/ ص422.

    وأبو زکريا النواوي في (تهذيب الأسماء) ص199

    وآخرون أيضاً....

  9. کفاية الطالب/ ص54.
  10. المناقب للخوارزمي/ ص62.