سوره شوري











سوره شوري



(وفيها أربع آيات)

1 ـ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ / 22.

2 ـ ذَلِکَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ / 23.

3 ـ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً / 23.

4 ـ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ / 26.

5 ـ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا / 28.

«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِکَ هُوَ الْفَضْلُ الْکَبِيرُ»

الشوري/ 22.

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسي بن إسحاق (بإسناده المذکور) عن عکرمة (وهو من الخوارج وکان يبغض علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن ابن عباس قال:

ما في القرآن آية:

«الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذکر علياً إلاّ بخير[1] .

«ذلِکَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبي»

الشوري/ 23.

الأحاديث الشريفة في ذلک ملء الکتب، نذکر عدداً منها:

روي إبراهيم بن معقل النسفي (الحنفي) المتوفي سنة (295) في تفسيره عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لمّا نزل قول الله تعالي:

«قُلْ لاَ أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي».

قالوا: يا رسول الله، من قرابتک الذين وجبت علينا مودّتهم؟

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم): علي وفاطمة وابناهما[2] .

وروي ابن کثير (إسماعيل القرشي الدمشقي) الفقيه الشافعي، في (تفسيره) عن أبي إسحاق السبيعي قال: سألت عمرو بن شعيب عن قوله تعالي:

«قُلْ لاَ أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي».

فقال: قربي النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم)[3] .

ونقل (سيد قطب) المعاصر، في تفسيره (في ظلال القرآن) عند تفسير هذه الآية ـ إلي أنْ قال ـ:

قال عبد الملک بن ميسرة: سمعت طاوساً يحدث عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنّه سئل عن قوله تعالي: «إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبي».

فقال سعيد بن جبير (رضي الله عنه): قربي آل محمد[4] .

وقال في تفسير الجلالين عند تفسير هذه الآية:

(الاستثناء منقطع، أي: لکنْ أسألکم أنْ تودّوا قرابتي)[5] .

وذکر ذلک أيضاً عالم المالکية ابن الصباغ[6] وعالم الشوافع محمد بن إبراهيم الحمويني[7] وغيرهما

(أقول): الروايات في المقام تعدُّ بالعشرات، وطالبها يطلبها من مظانّها، وفي کتابَيْ (غاية المرام) و (شواهد التنزيل) وحاشيته فقط، ذکر عند هذه الآية قرابة خمسين حديثاً، من طرق العامّة.

وأخرج عالم الحنفية موفّق بن أحمد الخوارزمي (أخطب الخطباء) في کتابيه (المناقب)[8] و (المقتل)[9] ، وروي العلاّمة البحراني (قده) في کتاب صغير له أسماه بـ (نبذة في مناقب أمير المؤمنين من کتب السُنّة) عن کتاب (فردوس الأخيار) لابن شيرويه، أبي شجاع الديلمي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم):

(جاءني جبرئيل بورقة من آس خضراء، مکتوب فيها ببياض: إنّي افترضت محبّة علي بن أبي طالب علي خلقي، فبلّغهم ذلک عنّي)[10] .

(أقول): هذه الرواية وأمثالها ممّا يدل علي وجوب وافتراض محبّة أمير المؤمنين (عليه السلام) تکون مؤيدةً لتفسير هذه الآية الکريمة، وهي رواية متواترة بالمعني، ولعلّها تکون متواترة باللفظ أيضاً يقف عليها المتتبع، لذلک نقلناها واحدة تنبئ عن غيرها أيضاً.

وأخرج الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم):

أنّه قالوا له: من هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال (صلي الله عليه وآله وسلّم): علي وفاطمة وولداهما[11] .

وقال الإمام الحافظ أبو القاسم (الکلبي) القرناطي في تفسيره عند هذا الآية:

(والمعني: إلاّ أنْ تودّوا أقاربي، وتحفظوني فيهم، والمقصد علي هذا وصية بأهل البيت)[12] .

وأخرج (فقيه المالکية) الزمخشري في (کشافه) عند تفسير هذه الآية قال:

روي أنّها نزلت قيل: يا رسول الله من قرابتک هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم): علي وفاطمة وابناهما[13] .

وأخرجه بهذا النص أيضاً عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) عالم الشوافع السيد المؤمن الشبلنجي في (نور الأبصار)[14] .

وأخرجه عالم الأحناف محمد الصبّان، بطرق عديدة، عن ابن عباس، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) في إسعافه[15] .

وفي کتاب النقول للسّيوطي ـ بهامش تنوير المقياس ـ أخرج عن الطبراني، عن ابن عباس قال: قالت الأنصار: لو جمعنا لرسول الله ـ (صلي الله عليه وآله وسلّم) ـ، مالاً، فأنزل الله:

«قُلْ لاَ أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي».

فقال بعضهم: إنّه قال هذا، ليقاتل عن أهل بيته، وينصرهم[16] .

وقال المفسّر المعاصر (حافظ عيسي عمار)، وکيل محکمة استئناف القاهرة ـ في تفسيره المسمي بـ (التفسير الحديث للقرآن الکريم).

«قُلْ لاَ أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْراً».

أي: لا أسألکم أجراً قطُّ، ولکنّي أسألکم أن تودوا قرابتي[17] .

وقال المفسّر المعاصر الآخر (محمد محمود حجازي) من علماء الأزهر بالقاهرة في تفسيره المسمّي بـ (التفسير الواضح) ـ وهو تفسير کبير في ثلاثين جزءاً ـ عند هذه الآية الکريمة: (بمعني أنّي لا أسألکم أجراً إلاّ أنْ تودّوا قرابتي وأهل بيتي (قيل) ومن هم؟

قيل: هم علي وفاطمة وأبناؤهما[18] .

وأخرج علاّمة الشافعية، الّلغوي المعروف مجد الدين الفيروز آبادي صاحب (القاموس) في کتابه في التفسير المسمّي بـ تنوير المقياس من تفسير ابن عباس قال:

«إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبي» إلي أنْ تودّوا قرابتي[19] .

وأخرج نحو هذه الأحاديث، متفقة في المعني، ومختلفة في بعض التعبيرات، عدد آخر من المحدّثين:

(منهم): علاّمة الشوافع أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه[20] .

(ومنهم): الحافظ ابن حجر العسقلاني (الشافعي) في تخريج أحاديث الکشاف[21] من طريق الطبراني، وابن أبي حاتم.

(ومنهم): الحافظ محب الدين الطبري في ذخائره[22] .

(ومنهم): العلاّمة الکنجي (الشافعي) في کفاية الطالب[23] .

(ومنهم): العلاّمة الهيثمي (الشافعي) في مجمع الزوائد[24] .

(ومنهم): ابن عبد الله الزرقاني (المالکي) في شرح المواهب الّلدنية[25] .

(ومنهم): ابن قتيبة الدينوري في تفسيره غريب القرآن[26] .

(ومنهم): عبد الشکور الفاروقي التقشبندي المجددي، في کتابه بالفارسية المسمّي بـ (باقيات صالحات)[27] .

«وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَکُورٌ»

الشوري/ 23

روي الحافظ الکبير، عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحاکم (الحسکاني) الحذّاء الحنفي، قال: أخبرنا محمد بن علي بن محمد بن الحسن الجرجاني (بإسناده المذکور) عن ابن عباس في قوله (تعالي):

«وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً».

قال: المودّة لأهل بيت النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم)[28] .

وروي هو أيضاً قال: قال ابن غالب، عن ابن عباس قال: في محبتنا أهل البيت نزلت:

«وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً»[29] .

وقال الزمخشري في تفسير (الکشاف): وعن السدي: أنها (أي الحسنة المقترفة) المودّة في آل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم)[30] .

وأخرج أبو الفرج الأصبهاني (الأموي) في مقاتله خطبةً للحسن بن علي وفيها:

(وأنا من أهل البيت، الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً)

والذين افترض الله مودّتهم في کتابه إذ يقول:

«وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً».

فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت[31] .

وأخرج نحواً من ذلک بتعبيرات مختلفة وأسانيد عديدة، الکثيرُ من المحدّثين:

(منهم): الخطيب الشافعي، والحافظ الجلابي أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه[32] .

(ومنهم): علاّمة الشافعية، ابن حجر الهيثمي في صواعقه[33] .

(ومنهم): مفسّر الشوافع، جلال الدين بن أبي بکر السّيوطي في تفسيره الکبير[34] .

وآخرون عديدون.

«وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ»

الشوري/ 26

يعني: وهو الذي يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات.

روي الحافظ الحسکاني (قال): حدثني علي بن موسي بن إسحاق (بإسناده المذکور) عن عکرمة، عن ابن عباس قال: ما في القرآن آية: «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذکر علياً إلاّ بخير[35] .

«وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ»

الشوري/ 28

روي العلاّمة البحراني، عن إبراهيم بن محمد الحمويني (الشافعي) (بإسناده المذکور) عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال ـ في حديث ـ:

(نحن أئمّة المسلمين، وحججُ الله علي العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغرّ المحجّلين، وموالي المؤمنين).

إلي أنْ قال (عليه السلام):

(وبنا يُنزل (الله) الغيث، وينشر الرحمة، وتخرج برکات الأرض... الخ)[36] .

(أقول): يعني: لأجلنا يُنزِّل الله الغيث، فلولانا ما أنزل الله المطر، ولأجلنا ينشر الله رحمته علي العصاة من عباده، ولولانا لم يعمم برحمته، ولأجلنا تخرج الأرض برکاتها من الزراعة ولولانا لم يأذن الله تعالي للأرض بالإنبات.

وهذا المعني موجود في عشرات الأحاديث الشريفة (ومنها) حديث الکساء الذي ورد بالطرق العديدة والصحيحة، عند الشيعة والسنة، ومن جملة عباراته: (قالت الملائکة: يا رب، ومن تحت الکساء؟ قال عزّ وجلّ: هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها... (إلي أن ْيقول:) قال الله عزّ وجلّ: يا ملائکتي وسکان سماواتي، إنّي ما خلقت سماءً مبنية، ولا أرضاً مدحية، ولا قمراً منيراً، ولا شمساً مضيئة، ولا فلکاً يدور، ولا بحراً يجري، ولا فلکاً تسري، إلاّ لأجل هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الکساء... الخ).









  1. شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.
  2. تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن/ ج4/ ص94.
  3. تفسير القرآن العظيم/ الجزء الثالث/ سورة الشوري.
  4. في ظلال القرآن/ (الجزء 25) / سورة الشوري.
  5. تفسير الجلالين/ (الجزء 25)، سورة الشوري.
  6. الفصول المهمة/ المقدمة.
  7. فرائد السمطين/ ج1/ الباب الثاني.
  8. مناقب للخوارزمي/ ص39.
  9. المقتل للخوارزمي/ ج1/ ص27.
  10. الکتاب المذکور/ ص28.
  11. ينابيع المودّة/ ص368.
  12. تفسير الکلبي/ ج4/ ص35.
  13. تفسير الکشاف/ في تفسير سورة الشوري.
  14. نور الأبصار/ ص112.
  15. إسعاف الراغبين/ ص105 (بهامش نور الأبصار).
  16. لباب النّقول في أسباب النزول ـ بهامش تنوير المقياس ـ ص243.
  17. التفسير الحديث/ ج2/ ص127.
  18. التفسير الواضح/ ج25/ ص19.
  19. تنوير المقياس/ ص310.
  20. المناقب لابن المغازلي/ ص307 ـ 309.
  21. تخريج أحاديث الکشاف/ ص145.
  22. ذخائر العقبي/ ص24.
  23. کفاية الطالب/ ص91.
  24. مجمع الزوائد ج9/ ص168.
  25. شرح المواهب اللدنية/ ج7/ ص21.
  26. تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص393.
  27. باقيات الصالحات/ ص367.
  28. شواهد التنزيل/ ج2 ص149 ـ 150.
  29. شواهد التنزيل/ ج2 ص149 ـ 150.
  30. تفسير الکشاف/ سورة الشوري.
  31. مقاتل الطالبيين/ ص52.
  32. المناقب لابن المغازلي/ ص316.
  33. الصواعق المحرقة/ ص175.
  34. الدر المنثور/ ج6/ ص7.
  35. شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.
  36. غاية المرام/ ص28.