سوره صافات











سوره صافات



(وفيها ثلاث آيات)

1 ـ فَاهْدُوهُمْ إِلَي صِرَاطِ الْجَحِيمِ / 23.

2 ـ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ / 24.

3 ـ سَلاَمٌ عَلَي إِلْ يَاسِينَ / 130.

«فَاهْدُوهُمْ إِلي صِراطِ الْجَحِيمِ»

الصافات/ 23

روي أبو الحسن بن شاذان ـ عن طريق العامة ـ عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) يقول: إذا کان يوم القيامة أمر الله ملکين يقعدان علي الصراط، فلا يجوز أحد إلاّ ببراءة من أمير المؤمنين، ومن لم يکن عنده براءة من أمير المؤمنين، أکبّه الله علي منخره في النار.

ثم قال: قلت: فداک أبي وأمي يا رسول الله، ما معني براءة أمير المؤمنين؟

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم):

مکتوب: لا إله إلا الله، ومحمد رسول الله، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصي رسول الله[1] .

أقول: بمقتضي هذا الحديث ونحوه من عشرات الأحاديث الشريفة، أصحاب هذه الآية «فَاهْدُوهُمْ إِلي صِراطِ الْجَحِيمِ» هم من لم يعترفوا في الدنيا، بأنّ علي بن أبي طالب وصي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم).

«وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ».

الصافات/ 24

روي الحافظ الحسکاني (الحنفي) قال: حدثني أبو الحسن الفارسي (بإسناده المذکور) عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم):

(إذا کان يوم القيامة، أقف أنا وعلي علي الصراط، فما يمرّ بنا أحد إلاّ سألناه عن ولاية علي، فمن کانت معه، وإلاّ ألقيناه في النار، وذلک قوله (تعالي):

«وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ»[2] .

(أقول): لا منافاة بين هذه الرواية، وبين سابقها عند قوله تعالي: «فَاهْدُوهُمْ إِلي صِراطِ الْجَحِيمِ» من جلوس ملکين علي الصراط لاحتمال أمور:

(أحدها): کون النبي وعلي (صلي الله عليهما وعلي آلهما وسلم) علي الصراط، برفقة ملکين اثنين، فبأمرهما ينفذ الملکان.

فيصح في مثله نسبة الفعل إلي الملکين لمباشرتهما، وإلي النبي وعلي (صلي الله عليهما وآلهما وسلّم) لأمرهما.

وأخرج العلاّمة الهندي (الفقير العيني) في مناقبه، عن ابن مروديه، عن ابن عباس (رضي الله عنه) وعن الديلمي عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه):

«وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ» عن ولاية علي ـ (رضي الله عنه) ـ[3] .

(ثانيها): کون المالکين في مکان من الصراط، وکونهما في مکان آخر، والفرق بين المکانين، إمّا للتشريف، أو غيره، وطول الصراط يقتضي ذلک، والعقبات الواردة في السنة للصراط تؤيد ذلک.

(ثالثها): کون الملکين يحکمان علي قسم من النّاس، والنبي وعلي (صلي الله عليهما وآله وسلّم) يحکمان علي قسم آخر، لاختلاف القسمين في الشرف والکرامة عند الله أو لاختلافهما في نسبة الموالاة والمعاداة، أو نحوهما، ويحتمل غير ذلک، فلا منافاة بين التفسيرين والروايتين.

وأخرج العالم (الشافعي) إبراهيم بن محمد الحمويني (بإسناده المذکور) عن أبي سعيد الخدري، أنّه قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) في قوله تعالي:

«وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ» يسألون عن الإقرار بولاية علي بن أبي طالب[4] .

وأخرج حديث أبي سعيد الخدري هذا من الأعلام، کثيرون (منهم): أبو الحسن، المفسّر الواحدي في (أسباب النزول)[5] .

(ومنهم) السيد أبو بکر بن شهاب الدين الحسيني (الشافعي) في کتابه[6] .

(ومنهم) الحافظ، ابن حجر الهيثمي المکي (الشافعي) في الصواعق[7] .

(ومنهم) عالم المالکية، نور الدين، علي بن محمد بن الصباغ في الفصول المهمة[8] .

(ومنهم) أخطب خطباء خوارزم، الموفّق بن أحمد في کتابه في مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام)[9] .

وآخرون غيرهم کثيرون.

«سَلامٌ عَلي إِلْ ياسِينَ»

الصافات/ 130

روي الحافظ الحسکاني (الحنفي) قال: وحدثنا أبو جعفر إملاءً (بإسناده المذکور) عن علي، في قوله تعالي:

«سَلامٌ عَلي إِلْ ياسِينَ». قال: ياسين محمد (صلي الله عليه وآله وسلّم) ونحن آل ياسين[10] .

وروي هو أيضاً قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذکور) عن عبد الله بن عباس في قوله (تعالي):

«سَلامٌ عَلي إِلْ ياسِينَ». (قال): يعني: علي آل محمد، وياسين بالسريانية: يا إنسان، يا محمد[11] (أقول):: القراءة المشهورة المعروفة هي: (إل ياسين) بکسر الهمزة وسکون اللام ـ ولا تنافي هذه القراءة تفسيرها (بآل محمد) (صلي الله عليه وعليهم أجمعين) لأن (إل ياسين) أيضاً هو بمعني (آل ياسين) کما في عديد من الأحاديث الشريفة.

وممّن روي ذلک أيضاً، فقيه الشوافع، جلال الدين السّيوطي في تفسيره[12] .

وأخرج (الفقيه المالکي) جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي في تفسيره بالإسناد، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم):

(من مات علي حب آل محمد مات شهيداً، ألا ومن مات علي حب آل محمد مات مغفوراً له، ألا ومن مات علي حب آل محمد مات تائباً، ألا ومن مات علي حب آل محمد مات مؤمناً، ألا ومن مات علي حب آل محمد بشّره ملک الموت بالجنّة، ثم منکر ونکير، ألا ومن مات علي حب آل محمد يُزف إلي الجنة، کما تُزف العروس إلي بيت زوجها، ألا ومن مات علي حب آل محمد، فُتح له في قبره بابان من الجنة، ألا ومن مات علي حب آل محمد، مات علي السُنة والجماعة.

ألا ومن مات علي بغض آل محمد، جاء يوم القيامة مکتوباً بين عينيه: آيس من رحمة الله، ألا ومن مات علي بغض آل محمد مات کافراً، ألا ومن مات علي بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنّة[13] .

(أقول): آل محمد، هم: علي وفاطمة والحسن والحسين.

فقد صرّح بذلک فقيه الشافعية محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول)[14] .

وفقيه الأحناف، موفّق بن أحمد الخوارزمي في مناقبه[15] .

ومحبُّ الدين الطبري الشافعي في ذخائره[16] .

وابن حجر الهيثمي الشافعي في صواعقه[17] .

والسيد الشافعي في الرشفة[18] .

وغيرهم کثيرون.

وروي مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري في (صحيحه) عن عائشة حديثاً: جمع الرسول (صلي الله عليه وآله وسلّم) علياً وفاطمة والحسن والحسين ثم قال:

«إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً»[19] بياناً؛ لأنّ أهل البيت هم هؤلاء فحسب، وليست زوجاته داخلاتٍ في هذا العنوان.

وروي ذلک جمع غفير.

(ومنهم) الحاکم النيسابوري في (المستدرک علي الصحيحين)[20] .

(ومنهم) أبو عيسي، محمد بن عيسي بن سدرة الترمذي في (صحيحه)[21] .

(ومنهم) إمام الحنابلة، أحمد بن حنبل في (مسنده)[22] .

وغيرهم أيضاً.

وأخرج علاّمة (الحنفية)، الحاکم، الحسکاني، في شواهد التنزيل العديد من الأحاديث في أنّ (آل محمد) هم: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين.









  1. المناقب المائة/ المنقبة السادسة عشرة/ ص11.
  2. شواهد التنزيل/ ج2/ ص107.
  3. مناقب سيدنا علي للفقير العيني.
  4. فرائد السمطين/ ج1/ الباب الرابع عشر.
  5. أسباب النزول/ بهامش تفسير الجلالين.
  6. رشفة الصادي/ ص24.
  7. الصواعق المحرقة لابن حجر/ ص91.
  8. الفصول المهمة/ الفصل الأول.
  9. المناقب للخوارزمي/ ص195.
  10. شواهد التنزيل/ ج2/ ص110 ـ 112.
  11. شواهد التنزيل/ ج2/ ص110 ـ 112.
  12. الدر المنثور/ ج5/ ص286.
  13. تفسير الکشاف/ ج2/ ص339.
  14. مطالب المسؤول في مناقب آل الرسول/ ص3 ـ 4.
  15. مناقب الخوارزمي/ ص35.
  16. ذخائر العقبي/ 26.
  17. الصواعق المحرقة لابن حجر/ ص87.
  18. رشفة الصادي/ ص16.
  19. صحيح مسلم/ ج2/ ص231.
  20. المستدرک علي الصحيحين/ ج3/ ص146.
  21. صحيح الترمذي/ ج2/ ص393 وص467.
  22. مسند ابن حنبل/ ج6/ ص313.