سوره عنكبوت











سوره عنکبوت



(وفيها اثنتا عشرة آية)

1 ـ ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَکُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا (إلي) وَلَيَعْلَمَنَّ الْکَاذِبِينَ / 1 ـ 3.

2 ـ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا / 4.

3 ـ مَنْ کَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللهِ (إلي) کَانُوا يَعْمَلُونَ / 5 ـ 7.

4 ـ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ / 9.

5 ـ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ / 15.

6 ـ وَالَّذِينَ کَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ وَلِقَائِهِ / 23.

7 ـ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ / 58.

8 ـ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ / 69.

«ألم * أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَکُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْکاذِبِينَ»

العنکبوت/ 1 ـ 3

روي العلاّمة الهندي عبد الله بسمل عن ابن مردويه بسند عن علي ـ کرّم الله وجهه ـ في قوله تعالي:

«ألم * أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَکُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ».

قال قلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي، بک، وأنت تخاصم فاعد للخصومة[1] .

ورواه بهذا المعني، العلاّمة الشافعي، ابن حجر الهيثمي وقال: أخرجه البخاري في (صحيحه) في باب (قتل أبي جهل)[2] .

وروي العلاّمة البحراني، عن ابن شهر آشوب، عن أبي طالب الهروي، بإسناده عن علقمة[3] وأبي أيوب:

أنّه لمّا نزل:

«ألم * أحسب الناس» الآيات.

قال النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) لعمّار:

إنّه سيکون من بعدي هناة، حتي يختلف السيف فيما بينهم، وحتي يقتل بعضهم بعضاً، وحتي يتبرأ بعضهم من بعض. فإذا رأيت فعليک بهذا الأصلع عن يميني، علي بن أبي طالب، فإنْ سلک الناس کلُّهم وادياً، فاسلک وادي علي بن أبي طالب وخل عن النّاس.

يا عمّار، إنّ علياً لا يردّک عن هديً، ولا يردّک إلي رديً.

يا عمّار، طاعة علي طاعتي، وطاعتي طاعة الله.[4] .

«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْکُمُونَ»

العنکبوت/ 4

روي الحافظ الحسکاني (الحنفي) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد (بإسناده المذکور) عن ابن عباس في قوله تعالي:

«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ».

(قال): نزلت في عتبة، وشيبة، والوليد بن عتبة، وهم الذين بارزوا علياً، وحمزة، وعبيدة[5] .

وروي السّيوطي في تفسيره عن ابن مردويه، عن ابن عباس قال: لمّا برز علي وحمزة وعبيدة إلي عتبة، وابنه الوليد، وشيبة قال علي لهم:

أدعوکم إلي الله وإلي رسوله.

فقال عتبة: هلُم للمبارزة[6] .

وروي السّيوطي أيضاً عن أبي حاتم، عن أبي العالية ـ في حديث ـ قال:

فبزر عتب بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، فنادوا النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) وأصحابه فقالوا: اِبعث إلينا أکفاءنا نقاتلهم.

فوثب غُلمة من الأنصار من بني الخزرج، فقال لهم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) اجلسوا.

قوموا يا بني هاشم.

فقام حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث فبرزوا لهم.

فقال عتبة: تکلموا نعرفکم، إن تکونوا أکفاءنا، قاتلناکم.

قال حمزة بن عبد المطلب: أنا أسد الله، وأسد رسوله.

فقال عتبه: کفْءٌ کريم.

فقال علي: أنا علي بن أبي طالب.

فقال: کفْءٌ کريم.

فقال عبيدة: أنا عبيدة بين الحارث.

فقال عتبة: کفْءٌ کريم.

فأخذ حمزة شيبة بن ربيعة، وأخذ علي بن أبي طالب عتبة بن ربيعة، وأخذ عبيدة الوليد.

فأمّا حمزة فأجاز علي شيبة، وأمّا علي فاختلفا ضربتين، فأقام فأجاز علي عتبة، وأمّا عبيدة فأُصيبت رجله.

قال (أبو العالية): فرجع هؤلاء، وقتل هؤلاء.

فنادي أبو جهل وأصحابه: لنا العزّي ولا عزّي لکم.

فنادي منادي النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم): قتلانا في الجنة وقتلاکم في النار[7] .

«مَنْ کانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُکَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي کانُوا يَعْمَلُونَ)

العنکبوت/ 5 ـ 7

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد (بإسناده المذکور) عن أبي صالح، عن ابن عباس (في قوله تعالي):

«مَنْ کانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ».

(قال): نزلت في علي، وصاحبيه: حمزة، وعبيدة[8] .

وروي هو أيضاً عن فارس (بإسناده المذکور) عن ابن عباس في قوله (تعالي):

«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ»

(قال): يعني علياً، وعبيدة، وحمزة.

«لَنُکَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ».

يعني: ذنوبهم.

«وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ» من الثواب في الجنة.

«أَحْسَنَ الَّذِي کانُوا يَعْمَلُونَ» من الثواب في الدنيا.

(ثم قال ابن عباس): فهذه الثلاث آيات نزلت في علي وصاحبيه (حمزة وعبيدة) ثم صارت للناس عامةً من کان علي هذه الصفة[9] .

(أقول): لا تنافي بين هذا التفسير «لَنُکَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ» أي: ذنوبهم، وبين عصمة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لوجهين:

(الأول): إنّ علماء البلاغة يقولون في تقابل الجمعين لا يلزم ـ بلاغياً ولا عرفياً ـ أنْ يتصف کل فرد من أفراد هذا الجمع بالحکم، بل يکفي الغالب، فلو قيل: (باع القوم دوابهم) لا يلزم أن يکون لکل فرد من القوم دابة، حتي إذا لم تکن لواحد من القوم دابة، تکون القضية کاذبة، فمعني ذلک: إنّ من کانت عنده دابة من القوم باعها.

والتفسير هنا هکذا: أي: من کان له فيهم ذنب يکفّره الله عنه، وليس معناه أنَّ ثلاثتهم مذنبون، بل يکفي تکفير ذنوب حمزة وعبيدة، وعدم وجود الذنب لأمير المؤمنين، حتي يحتاج إلي التکفير.

(الثاني): ما يجاب به عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) في قوله تعالي: «لِيَغْفِرَ لَکَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِکَ وَما تَأَخَّرَ» (الفتح/ 2) يجاب بمثله هنا عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو أن المراد بالذنب، الذنب العرفي عند الناس، وهو الأحقاد، والعداوة، والبغضاء الکامنة في قلوبهم ضد رسول الله وضد علي (صلي الله عليهما وعلي آلهما).

إذ کما أنّ في انتصار رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) بفتح مکة ظهرت له الغلبة والشخصية في أعين الناس فلم يقدر أحد ـ والحال هذه ـ أنْ يظهر عداءه ويبرز ما في قلبه من الانتقاد لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) کذلک انتصار علي (عليه السلام) في قتل (عتبة) صار لعلي کرامة عند الناس وشخصية، محتا عنه ما جاشت به قلوب أعدائه من البغض والحقد.

وهذا المعني قابل الجريان في (حمزة وعبيدة) أيضاً.

«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ»

العنکبوت/ 9

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسي بن إسحاق (بإسناده المذکور) عن عکرمة، عن ابن عباس قال:

ما في القرآن آية: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذکر علياً إلاّ بخير.

ثم قال عکرمة: إنّي لأعلم أنّ لعلي منقبةً لو حدثت بها، لنفدت أقطار السماوات والأرض[10] .

(أقول): أي: نفدت أقطار السماوات والأرض. قبل أنْ تنفد منقبة علي بن أبي طالب (عليه السلام).

(کما) مرّ ذکر هذا الحديث عدة مرات تحت مثل هذه الآية.

«فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ»

العنکبوت/ 15

روي السّيوطي في تفسيره (الدرّ المنثور) عند تفسير قوله تعالي:

«وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَکُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً».

الآية من سورة البقرة.

قال: وأخرج ابن أبي شيبة عن علي (کرّم الله وجهه) أنه قال:

(إنّما مثلنا في هذه الأمة، کسفينة نوح)[11] .

وروي العلاّمة البحراني، عن علي بن الصباغ (المالکي) في کتابه (الفصول المهمة) عن رافع مولي أبي ذر قال:

صعد أبو ذر علي عتبة باب الکعبة، وأخذ بحلقة الباب، وأسند ظهره إليه وقال:

(يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن أنکرني، فأنا أبو ذر سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) يقول:

(مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من رکبها نجي، ومن تخلف عنها قح في النّار)[12] .

وروي هو عن إبراهيم بن محمد الحمويني (الشافعي) ـ قال: أخبرني الجٌلّة من أهل الحلة (بإسنادهم التي ذکرنا) عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) لعلي بن أبي طالب (کرّم الله وجهه) ـ في حديث ـ:

(يا علي، مثلک ومثل الأئمّة من ولدک بعدي، مثل سفينة نوح، من رکب فيها، نجي، ومن تخلّف عنها، غرق.

ومثلکم مثل النجوم کلّما غاب نجم، طلع نجم إلي يوم القيامة)[13] .

(أقول): الروايات بهذه المعاني تعدُّ بالعشرات، بل هي فوق المئة، وبذلک تکون فوق الدرجات العالية من التواتر.

ومعني هذه الروايات: أنّ الناجي من هذه الأمة، هو المتمسک بعلي وأهل بيته، کما أنّ الناجي في عهد نوح (عليه السلام) کان الذي يرکب السفينة، والهالک من هذه الأمة هو التارک لعلي ولأهل بيته، کما أنّ التارک لسفينة نوح کان يهلک.

وقد تواتر نقل هذا الحديث عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) بأسانيد عديدة، وألفاظ مختلفة بالزيادة والنقصان في بعض الجمل، کلُّها متفقة بالمعني.

وقد قال حافظ الشافعية ابن حجر الهيثمي في صواعقه:

جاء من طرق کثيرة يقوّي بعضها بعضاً:

(مثل أهل بيتي) (إنّ مثل أهل بيتي) (ألا إنّ مثل أهل بيتي فيکم مثل سفينة نوح في قومه... الحديث)[14] .

وممّن أخرجه: الحافظ أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه[15] .

والحافظ سليمان القندوزي في ينابيعه[16] .

والخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن أنس بن مالک[17] .

والعلاّمة ابن کثير الدمشقي في تفسيره بسنده عن أبي ذر[18] .

والحافظ السّيوطي في خصائصه[19] .

وأخرجه الحاکم في مستدرکه بسنده عن أبي إسحاق[20] .

والحافظ أبو نعيم في حليته[21] .

والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد[22] .

والحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال[23] .

والحافظ السّيوطي (الشافعي) في کتابه المخطوط (الأنافة في رتبة الخلافة)[24] .

«وَالَّذِينَ کَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِکَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِکَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ»

العنکبوت/ 23

روي العلاّمة البحراني (قده) عن موفّق بن أحمد المکي الخوارزمي (الحنفي) ـ أخطب الخطباء ـ (بإسناده المذکور) عن مالک بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم):

(من أحب علياً، قَبِلَ الله صلاته وصيامه، واستجاب دعاءه، ألا ومن أحبّ علياً، أعطاه الله بکل عرق في بدنه مدينة في الجنة، ألا ومن أحبَّ آل محمد، أمن من الحساب والصراط والميزان، ألا ومن مات علي حبِّ آل محمد، فأنا کفيله بالجنة مع الأنبياء.

ألا ومن أبغض آل محمد، جاء يوم القيامة مکتوباً بين عينيه، آيسٌ من رحمة الله).

ثم أعقب ذلک العلاّمة البحراني قائلاً:

قال مؤلف هذا الکتاب: أمّا موفّق بن أحمد فهو عامّي المذهب، ومالک بن أنس هو الذي تنسب إليه الفرقة المالکية إحدي الفرق الأربع من العامة، ونافع بن الأزرق هو مولي عمر بن الخطاب وهو من الخوارج[25] وابن عمر هو عبد الله، وهو من رؤوس النواصب، الذين لم يبايعوا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وهذه الرواية من عجيب رواياتهم لأنهم أعداؤه[26] .

«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ»

العنکبوت/ 58

روي العلاّمة البحراني عن (الجبري) في تفسيره (مرسلاً) عن ابن عباس أنّه قال:

(قوله تعالي): «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ».

(نزلت) في علي وشيعته[27] .

(أقول): الله تعالي أمر بالإيمان بذاته المقدسة، وبالإيمان بنبيه محمد (صلي الله عليه وآله وسلّم) وبالإيمان بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

(والشيعة) حيث آمنوا بالأمور الثلاثة التي أمر بها الله تعالي کانوا هم المؤمنين حقاً.

(وعملهم) حيث کان متخذاً ممّن أمر الله بالأخذ عنه ـ باب مدينة علم النبي، وباب دار الحکمة، ومن يدور معه الحق کيفما دار، ومن هو مع القرآن والقرآن معه، أعني علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ کان عملاً صالحاً، يصلح لتقديمه إلي الله تعالي.

دون الذين لم يؤمنوا بالأمور الثلاثة کما أمر الله، ولم يتخذوا منهاج ـ أعمالهم ممّن أمر الله بالأخذ عنه ـ علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ فإنّ إيمانهم ليس الإيمان الذي به أمر الله، وعملهم ليس العمل الذي إليه دعا الله (ولذا) کانوا الشيعة هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

«وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ»

العنکبوت/ 69

روي الحافظ الحسکاني (الحنفي) عن تفسير فرات بن إبراهيم الکوفي (بإسناده المذکور) عن إبّان بن تغلب، عن أبي جعفر (محمد بن علي الباقر) في قوله تعالي:

«وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ».

قال: نزلت فينا أهل البيت[28] .

(أقول): تکررت الأحاديث الشريفة عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) في أنّ أهل البيت هم: (علي، فاطمة، والحسن، والحسين) وقد ذکرنا بعضها في تفسير سورة الأحزاب آية (23) قوله تعالي: «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً»، وفي موارد أخري في هذا الکتاب سبق بعضها، ويأتي بعضها الآخر.









  1. أرجح المطالب/ ص86.
  2. الصواعق المحرقة/ ص78.
  3. هو: علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الکوفي، يکني (أبا شبل) من أعاظم التابعين، رأي الکثير من أصحاب رسول الله، وروي عن بعضهم، واختص بعبد الله بن مسعود، حتي لقب بـ (صاحب ابن مسعود) روي عنه التابعون وتابعوهم، عد في أصحاب أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وروي بعضاً من الفضائل لأهل البيت، ولعلي (عليه السلام) خاصة، أخرج أحاديثه أصحاب الصحاح الستة وغيرهم مات عام (62) للهجرة.

    ذکره وترجم له العديد من المؤلفين في السير والتاريخ والرجال، نذکر عدداً منهم ـ من العامة ـ للمراجعة: ـ

    محمد بن سعد في الطبقات الکبري/ ج6/ ص57.

    ومحمد بن إسماعيل البخاري في (التاريخ الکبير) ج4/ ق1/ ص41 إلا أنه أخطأ فأثبته أحياناً (أبو علقمة) نبّه علي ذلک الرازي في کتابه عن بيان أخطاء البخاري في تاريخه/ ص159.

    وهو أيضاً في التاريخ الصغير/ص 63.

    وعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري في (المعارف) ص190.

    والعلامة الذهبي في (تذکرة الحفاظ) ج1/ ص45. وفي (دولة الإسلام) ج1/ ص30.

    وعبد الله بن أسعد اليافعي في (مرآة الحنان) ج1/ ص137.

    وعبد الله بن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب) ج1/ ص70.

    وإسماعيل بن عمر بن کثير الدمشقي في (البداية والنهاية) ج8/ ص317.

    وخير الدين الزرکلي في (الأعلام) ج5/ ص48.

    وأبو بشر الدولابي في (الکني والأسماء) ج2/ ص7.

    وحافظ المشرق الإمام الرازي في (الجرح والتعديل) ج3/ ق1/ ص404.

    وأبو عبد الله الحاکم النيسابوري في (معرفة علوم الحديث) ص203.

    وعلي بن محمد بن الأثير الجزري في (الکامل في التاريخ) ج4/ ص44.

    وأبو زکريا النواوي في (تهذيب الأسماء) ص433.

    وأحمد بن عبد السلام الأصبهاني في (حلية الأولياء) ج3/ ص96.

    ومحمد بن طاهر القيسراني في (الجمع بين رجال الصحيحين) ص390 وفي (الأنساب المتفقة في الخط) ص18.

    والخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) ج13/ ص296

    وأبو الفرج بن الجوزي في (تلقيح فهوم أهل الأثر) ص230. وفي (صفة الصفوة) ج3/ ص13.

    ومحمد بن محمد الجزري في (غاية النهاية) ج1/ ص516.

    وأحمد بن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب) ج7/ ص276. وفي (تقريب التهذيب) ص268.

    ومحمود بن أحمد العيني في (عمدة القارئ) ج1/ ص250.

    وأحمد بن عبد الله الخزرجي في (خلاصة تهذيب التهذيب) ص271.

    والعلامة السيوطي في (تلخيص الطبقات) ص3.

    وآخرون...

  4. غاية المرام/ ص403-404.
  5. شواهد التنزيل/ ج1/ ص440 ـ 441.
  6. الدر المنثور/ ج1/ ص348.
  7. تفسير الدر المنثور/ ج4/ ص348 ـ 349.
  8. شواهد التنزيل/ ج1/ ص441.
  9. شواهد التنزيل/ ج1/ ص441.
  10. شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.
  11. الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ ج1/ ص150.
  12. غاية المرام/ ص238.
  13. غاية المرام/ ص238.
  14. الصواعق المحرقة/ ص234.
  15. المناقب لابن المغازلي/ ص132 ـ 134.
  16. ينابيع المودّة/ ص28.
  17. تاريخ بغداد/ ج12/ ص91.
  18. تفسير القرآن العظيم (بهامش فتح البيان) / ج9/ ص115.
  19. الخصائص الکبري/ ج2/ ص266.
  20. المستدرک علي الصحيحين/ ج3/ ص150.
  21. حلية الأولياء/ ج4/ ص306.
  22. مجمع الزوائد/ ج9/ ص168.
  23. ميزان الاعتدال/ ج1/ ص224.
  24. الأنافة للسيوطي (مخطوط) الورقة 68 أ.
  25. لا بأس هنا بإيراد حديث ذکره الحاکم الحسکاني (الحنفي) في شواهد التنزيل، قال: أخبرنا أبو بکر اليزدي (بإسناده المذکور) عن أبي غسان خلف بن خليفة قال: سمعت أبا هارون العبدي قال: کنت جالساً مع ابن عمر، إذ جاء نافع بن الأزرق فقال: والله، إنّي لأبغض علياً، فقال: أبغضک الله تبغض رجلاً سابقة من سوابقه خير من الدنيا وما فيها.

    (شواهد التنزيل/ ج1/ ص25).

  26. غاية المرام/ ص580.
  27. غاية المرام/ ص.
  28. شواهد التنزيل/ ص442.