سوره نمل











سوره نمل



(وفيها عشر آيات)

1 ـ وَمَکَرُوا مَکْراً (إلي) وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ / 50 ـ 51

2 ـ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ (إلي) قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِينَ / 60 ـ 64.

3 ـ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ / 87.

4 ـ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا (إلي) مَا کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ / 89 ـ 90.

«وَمَکَرُوا مَکْراً وَمَکَرْنا مَکْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ کَيْفَ کانَ عاقِبَةُ مَکْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ»

النمل/ 50 ـ 51.

روي العلاّمة الکبير السيد هاشم البحراني (قُدِّس سرُّه) عن کتاب (الصراط المستقيم) رواه من طريق العامة قال:

أُسند سليم إلي معاذ بن جبل أنّه عند وفاته دعا علي نفسه بالويل والثبور.

(قال سليم): قلت (له): إنّک لتهذي؟

قال: فلِمَ ذلک؟

قال: لموالاتي فلاناً وفلاناً علي أنْ أزوي خلافة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) عن علي.

قال: قال العباس بن الحارث: لمّا تعاقدوا عليها (علي الصحيفة التي ذکروا فيها تعاهدهم علي غصب علي حقه، بعد وفاة الرسول (صلي الله عليه وآله وسلّم»، نزلت (قول تعالي): «الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلي أَدْبارِهِمْ» الآية.

قال: وقد ذکرها أبو إسحاق في کتابه، وابن حنبل في مسنده، والحافظ (يعني: أبا نعيم) في حليته، والزمخشري في فائقه، ونزل (قول الله تعالي فيهم):

«وَمَکَرُوا مَکْراً وَمَکَرْنا مَکْراً» الآيتان[1] .

«أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَکُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما کانَ لَکُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَ إِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَ إِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَکْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَکْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُکُمْ خُلَفاءَ الأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَکَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيکُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَ إِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَي اللهُ عَمَّا يُشْرِکُونَ * أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُکُمْ مِنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِينَ»

النمل/ 60 ـ 64

روي العلاّمة البحراني (مرسلاً) عن أنس بن مالک (خادم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) قال:

لمّا نزلت الآيات الخمس في (طس):

«أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَکُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً»

الآيات إلي قوله تعالي: «قُلْ هاتُوا بُرْهانَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِينَ» انتفض علي انتفاض العصفور فقال له رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم): ما لک يا علي؟

قال: عجبت يا رسول الله من کفرهم وحلم الله عنهم فمسحه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) بيده ثم قال: (أبشر، فإنّه لا يبغضک مؤمن، ولا يحبُّک منافق، ولولا أنت لم يُعرف حزبُ الله)[2] .

(أقول): الظاهر: أن هذا القول من الرسول (صلي الله عليه وآله وسلّم) في هذا المقام للتشبيه بين الکفار الذي ظهرت لهم آيات الله ولم يؤمنوا، وبين المنافقين الذين ظهرت لهم آيات فضل علي ولم يؤمنوا بها أو لم يظهروا تصديقها.

وبهذه المناسبة کان ذکر العلماء لهذه الآيات في مقام بيان فضل أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، واتباعنا لهم في ذلک.

«وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ وَکُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ»

النمل/ 87

روي أبو الحسن الفقيه محمد بن علي بن شاذان في المناقب المائة، من طريق العامة بحذف الإسناد، عن ابن عباس ـ في حديث طويل ـ قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) يقول:

(معاشر الناس، اعلموا أنّ لله تعالي باباً، من دخله، أمن من النار، ومن الفزع الأکبر).

فقام إليه أبو سعيد الخدري فقال يا رسول الله اهدنا إلي هذا الباب حتي نعرفه؟

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم):

(هو علي بن أبي طالب، سيد الوصيين، وأمير المؤمنين، وأخو رسول رب العالمين، وخليفة الله علي الناس أجمعين)[3] .

«مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَکُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»

النمل/ 89 ـ 90

روي العلاّمة البحراني عن (العالم الشافعي) إبراهيم بن محمد الحمويني في کتاب فرائد السمطين (في فضائل المرتضي والبتول والسبطين) (بإسناده المذکور) عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت علي علي بن أبي طالب فقال: يا أبا عبد الله ألا أُنبئک بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنّة، والسيئة التي من جاء بها، أکبّه الله في النار ولم يقبل معها عملاً؟

قلت: بلي.

قال: الحسنة حبنا، والسيئة بغضنا.

(فله خير منها) أي من هذه الحسنة خير منها يوم القيامة، وهو الثواب والأمن.

قال ابن عباس: (فله خير منها) أي فمنها يصل إليه الخير.

وعن ابن عباس أيضاً (فله خير منها) يعني: الثواب؛ لأنّ الطاعة فعل العبد، والثواب فعل الله تعالي[4] .

(أقول): وقد تواترت الأحاديث الشريفة القائلة بکلمة واحدة: إنّ بُغضَ علي سيئة تجرُّ إلي النار ولا تنفع ـ معه ـ أية حسنة.

وأخرج فقيه الحنفية، الحافظ سليمان القندوزي في ينابيعه أحاديث عديدة في تفسير الآيتين عن المفسّرين والمحدّثين بهذا المضمون وغيره.

وأخرج عالم الشافعية، السيد المؤمن الشبلنجي في (نور الأبصار) قال: حکي عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) أنّ سعيد بن جبير کان يعوده بعد أنْ کفَّ بصرهُ، فمرّ علي صفة زمزم، فإذا بقوم من أهل الشام يسبُّون علياً (رضي الله عنه) فسمعهم عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما)، فقال لسعيد: رُدّني إليهم، فردّه فوقف عليهم وقال: أيُّکم السابُّ اللهَ عزّ وجلّ؟

فقالوا: سبحان الله ما فينا أحد يسب الله.

فقال: أيُّکم السابُّ لرسوله؟

فقالوا: ما فينا أحدٌ يسبُّ رسولَ الله (صلي الله عليه وآله وسلّم).

فقال: أيُّکم السابُّ لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)؟

فقالوا: أمّا هذا، فقد کان منّا.

فقال: أشهد علي رسول الله بما سمعته أُذُناي ووعاه قلبي، سمعته يقول لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه):

(يا عليّ، من سبّک، فقد سبني، ومن سبني، فقد سبّ الله، ومن سبّ الله، أکبّه الله علي منخريه في النار، وولي عنهم).

وقال: يا بني، ماذا رأيتهم صنعوا؟

قال: فقلت:


نظروا إليک بأعُينٍ مُحمّرةٍ
نَظَرَ التّيُوسِ إلي شِفَارِ الجازمِ


فقال: زدني، فداک أبوک فقلت:


خزر العيون نواکس أبصارهم
نظر الذليل إلي العزيز القاهر


فقال: زدني فداک أبي، فقلت ليس عندي مزيد، فقال عندي المزيد، وأنشد:


أحياؤهم عارٌ علي أمواتهم
والميتون مسبةٌ للغابر









  1. غاية المرام/ ص445.
  2. غاية المرام/ ص402.
  3. المناقب المائة/ المنقبة الحادي والأربعون/ ص28 ـ 29.
  4. غاية المرام/ ص329.