علمه و مشورته و قضاؤه و شجاعته











علمه و مشورته و قضاؤه و شجاعته



وکم من قول قد قاله عمر: لو لا عليّ لهلک عمر. ثم المشورة في کل أمر جري بينهم حتي يجيبهم بالمخرج. ثم القضاء لم يقدم عليه أحد قط فقال له: عد غداً أو دفعه، إنما يفصل القضاء مکانه ثم لو جاءه بعد لم يکن إلاّ ما بدر منه أولاً.

ثم الشجاعة کان منها علي أمر لم يسبقه الاوّلون ولم يدرکه الاخرون، من النجدة والبأس ومبارکة الاخماس علي أمر لم يُرَ مثله، ولم يولّ دبراً قطّ، ولم يبرز إليه أحد قطّ إلاّ قتله، ولم يکع ـ أي: يضعف ويجبن ـ عن أحد قطّ دعاه إلي مبارزته، ولم يضرب أحداً قطّ في الطول إلاّ قدَّه، ولم يضربه في العرض إلاّ قطعه بنصفين، وذکروا أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم)حمله علي فرس، فقال: بأبي أنت واُمّي مالي وللخيل، أنا لا أتبع أحداً، ولا أفرّ من أحد، وإذا ارتديت سيفي لم أضعه إلاّ للذي أرتدي له.

ثم ترک الفرح وترک المرح، أتت البشري إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) تتري بقتل مَن قتل يوم اُحد من أصحاب الالوية، فلم يفرح ولم يختل، وقد اختال أبو دجانة، ومشي بين الصفّين مختالاً، فقال له رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم): إنّها لمشيّة يبغضها الله إلاّ في هذا الموضع.

ثمّ لمّا صنع بخيبر ما صنع من قتل مرحب، وفرار مَن فرّبها، قال رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم): لاُعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، ليس بفرّار، فإخباره أنـّه ليس بفرّار، معرضاً عن القوم الذين فرّوا قبله، فافتتحها وقتل مرحباً وحمل بابها وحده، فلم يطقه دون أربعين رجلاً، فبلغ ذلک رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم)فنهض مسروراً، فلمّا بلغه أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) قد أقبل اليه، إنکفا إليه ـ أي: مال إليه ـ فقال له رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): بلغني بلاؤک فأنا عنک راض، فبکي علي(عليه السلام) عند ذلک، فقال له رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم): أمسک. ما يبکيک؟ فقال: ومالي لا أبکي ورسول الله عنّي راض، فقال له رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم): إنّ الله وملائکته ورسوله عنک راضون. وقال له(صلي الله عليه وآله وسلم): لو لا أن يقول فيک الطوائف من اُمّتي ما قالت النصاري في عيسي بن مريم، لقلت فيک اليوم مقالاً لا تمرّ بملاً من المسلمين قلّوا أو کثروا إلاّ أخذوا التراب من تحت قدميک، يطلبون بذلک البرکة.