التي تفرّد بها علي و ليس لاحد فيها نصيب











التي تفرّد بها علي و ليس لاحد فيها نصيب



بسم الله الرحمن الرحيم

قال: حدّثنا عبد الله(رحمه الله)، قال: حدّثنا أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، قال: روي لنا أبو الحسين محمّد بن علي بن الفضل بن عامر الکوفي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الفرزدق الفزاري البزّاز قراءة عليه. قال: حدّثنا أبو عيسي محمّد بن علي بن عمرويه الطحّان وهو الورّاق. قال: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن موسي قال: حدّثنا علي بن أسباط، عن غير واحد من أصحاب ابن دأب، قال:

لقيت الناس يتحدّثون أنّ العرب کانت تقول: إن يبعث الله فينا نبيّاً يکون في بعض أصحابه سبعون خصلة من مکارم الدنيا والاخرة، فنظروا وفتّشوا، هل يجتمع عشر خصال في واحد فضلاً عن سبعين، فلم يجدوا خصالاً مجتمعة للدين والدنيا، ووجدوا عشر خصال مجتمعة في الدنيا، وليس في الدين منها شيء، ووجدوا زهير بن حباب الکلبيّ ووجدوه شاعراً، طبيباً، فارساً، منجماً، شريفاً، أيّداً ـ يعني قويّاً ـ کاهناً، قائفاً، زاجراً، وذکروا أنـّه عاش ثلاثمئة سنة، وأبلي أربعة لحم.

قال ابن دأب: ثمّ نظروا وفتّشوا في العرب، وکان الناظر في ذلک أهل النظر، فلم يجتمع في أحد خصال مجموعة للدين والدنيا بالاضطرار علي ما أحبّوا وکرهوا، إلا في علي بن أبي طالب(عليه السلام)، فحسدوه عليها حسداً أنغل القلوب، وأحبط الاعمال، وکان أحقّ الناس وأولاهم بذلک، إذ هدم الله عزّوجلّ به بيوت المشرکين، ونصر به الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم)، واعتزّ به الدين في قتل من قتل من المشرکين في مغازي النبيّ(صلي الله عليه وآله وسلم).

قال ابن دأب: فقلنا لهم: وما هذه الخصال؟

قالوا: المواساة للرسول(صلي الله عليه وآله وسلم)، وبذل نفسه دونه، والحفيظة، ودفع الضيم عنه، والتصديق للرسول(صلي الله عليه وآله وسلم) بالوعد، والزهد، وترک الامل، والحياء، والکرم، والبلاغة في الخطب، والرئاسة، والحلم، والعلم، والقضاء بالفصل، والشجاعة، وترک المرح عند الظفر، وترک إظهار المرح، وترک الخديعة والمکر والغدر، وترک المثلة وهو قادر عليها، والرغبة الخالصة إلي الله، وإطعام الطعام علي حبّه، وهوان ما ظفر 6به من الدنيا عليه، وترکه أن يفضل نفسه وولده علي أحد من رعيّته، وطعامه أدني ما تأکل الرعيّة، ولباسه أدني ما يلبس أحد من المسلمين.

وقسمه بالسويّه، وعدله في الرعيّة، والصرامة في حربه وقد خذله الناس، وکان في خذل الناس، وذهابهم عنه بمنزلة اجتماعهم عليه، طاعة لله وانتهاءً إلي امره، والحفظ وهو الذي تسمّيه العرب العقل حتّي سمّي اُذناً واعية، والسماحة، وبثّ الحکمة، واستخراج الکلمة، والابلاغ في الموعظة، وحاجة الناس إليه إذا حضر حتّي لا يؤخذ إلاّ بقوله، وانغلاق کُلّ ما في الارض علي الناس حتّي يستخرجه، والدفع عن المظلوم، وإغاثة الملهوف، والمروءة، وعفّة البطن والفرج، وإصلاح المال بيده ليستغني به عن مال غيره، وترک الوهن، والاستکانة، وترک الشکاية في موضع الم الجراحة.

وکتمان ما وجد في جسده من الجراحات من قرنه إلي قدمه، وکانت ألف جراحة في سبيل الله، والامر بالمعروف، والنهي عن المنکر، وإقامة الحدود ولو علي نفسه، وترک الکتمان فيما لله فيه الرضا علي ولده، وإقرار الناس بما نزل به القرآن من فضائله، وما يحدّث الناس عن رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) من مناقبه، واجتماعهم علي أنـّه لم يَرُدّ علي رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) کلمة قطّ، ولم ترتعد فرائصه في موضع بعثه فيه قطّ، وشهادة الذين کانوا في أيـّامه أنـّه وفّر فيئهم، وظلف نفسه عن دنياهم، ولم يرتش في أحکامهم، وزکاء القلب، وقوّة الصدر عندما حکمت الخوارج عليه، وهرب کلّ من کان معه في المسجد وبقي علي المنبر وحده، وما يحدّث الناس أنّ الطير بکت عليه.

وما روي عن ابن شهاب الزهري أنّ حجارة أرض بيت المقدس قلبت عند قتله، فوُجد تحتها دم عبيط، والامر العظيم الذي تکلّمت به الرهبان وقالوا فيه، ودعاؤه الناس إلي أن يسألوه عن کلّ فتنة تضلّ مئة أو تهدي مئة، وما روي الناس من عجائبه في إخباره عن الخوارج وقتلهم وترکه مع هذا أن يظهر منه استطالة أو صَلَف، بل الغالب عليه إذا کان ذلک غلب البکاء عليه، والاستکانه لله، حتي يقول له رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم): ما هذا البکاء يا علي؟ فيقول: أبکي لرضاء رسول الله عنّي، قال: فيقول له رسول له رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم): إنّ الله وملائکته ورسوله عنک راضون.

وذهاب البرد عنه في أيّام البرد، وذهاب الحرّ عنه في أيّام الحرّ، فکان لا يجد حرّاً ولا برداً، والتأييد بضرب السيف في سبيل الله، والجمال، قال: أشرف يوماً علي رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم)، فقال: ما ظننت إلاّ أنـّه أشرف عليّ القمر ليلة البدر، ومباينته للناس في إحکام خَلْقه، قال: وکان له سنام کسنام الثور بعيد بين المنکبين، وانّ ساعديه لا يستبينان من عضديه من ادماجهما من إحکام خلقه، لم ياخذ بيده أحد إلا حبس نَفَسَه، فان زاد قليلاً قتله.