نظرة في مضمون الرواية











نظرة في مضمون الرواية



إنّ ممّا لا يختلج فيه أدني شکّ وأقلّ ريب في قلب من لفت نظره شطر الرواية، وتجسّس خلالها وتدبّر مفادها ومغزاها، أن يبدو له جليّاً لا غبار عليه، أنّ المنکرين علي أبي بکر في تسنّمه عرش الخلافة لم يريدوا إلاّ الاصلاح والنصح، کما أمرهم وأوصاهم بذلک أمير المؤمنين(عليه السلام)، وإظهار کلمة الحقّ أمام من زاغت أبصارهم عمّا کانوا يعلمونه من الحقّ من قبل، فما بال اُولئک القوم استبدّوا بأمرهم، ولم يلقوا السمع الي نصحهم، أو يولوه شيئاً من اهتمامهم، کأنّ في أبصارهم غشاوة وفي آذانهم وقراً.

فأنا لا أدري ما الذي حملهم علي ذلک، فلعل القاريء يدري، أفکان ذلک مصداق قوله عزّوجلّ (وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابکم)آل عمران: 144 والله أعلم.

ومن العجب العجاب أنّهم أنفذوا حکماً بعيداً عن مدارک الافهام وبديهة العقل، غريباً عن نصوص الشريعة والدين، ومضادّاً لسنّة سيّد المرسلين، فإنّهم لمّا لم يجدوا فيما لديهم حجّة يحتجّون بها ويردون بها علي المنکرين، اتّخذوا السيوف جواباً لمن تکلّم من الرعيّة في هذا النبأ العظيم.

ولکن، لئن استطاعوا أن يعقدوا ألسِنَة الناطقين بما لعلي(عليه السلام) من الفضائل والمزايا وجلائل المناقب، فسوف لن يکون في وسعهم أن يمحوا ما نطقت به الکتب والدفاتر، أو وردت فيه الاخبار المنقولة بالتواتر.

فهلمّ معنا أيّها القاريء الکريم إلي ما سجله فخر الاُمّة في عصره، ووحيد دهره، مرجع الافاخر، وتاج المفاخر الشيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي الملقّب بالشيخ المفيد، في کتابه الذي أسماه بـ«الاختصاص» ص144 نقلاً عن کتاب ابن دأب.