بعض مواقف عائشة تجاه عثمان











بعض مواقف عائشة تجاه عثمان



ذکر الاميني في غديره [9: 77] نقلاً عن ابن سعد، قال: لمّا حصر عثمان کان مروان يقاتل دونه أشدّ القتال، وأرادت عائشة الحجّ وعثمان محصور، فأتاها مروان وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن عتاب، فقالوا: يا اُمّ المؤمنين، لو أقمتِ فإنّ أمير المؤمنين علي ما ترين محصور، ومقامک ممّا يدفع الله عنه، فقالت: قد حلبت ظهري، وعريت غرائري، ولست أقدر علي المقام، فأعادوا عليها الکلام، فأعادت عليهم مثل ما قالت لهم، فقام مروان، وهو يقول:


وحرّق قيس عليّ البلا
د حتّي إذا استعرتْ أجذما


فقالت عائشة: أيّها المتمثل عليَّ بالاشعار، ودِدتُ والله أنـّک وصاحبک هذا الذي يعنيک أمره في رجل کلّ واحد منکما رحاً وانّکما في البحر، وخرجت إلي مکة.

وفي لفظ البلاذري: لما اشتدّ الامر علي عثمان، أمر مروان بن الحکم وعبد الرحمن بن عتاب بن اسيد، فأتيا عائشة وهي تريد الحجّ، فقالا لها: لو أقمتِ فلعلّ الله يدفع بک عن هذا الرجل، فقالت: وقد قرنتُ رکابي، وأوجبت الحجّ علي نفسي، ووالله لا أفعل. فنهض وصاحبه، ومروان يقول:


وحـرّق قـيس علـيّ البـلا
د حـتّي إذا اضـطرمـت أجـذما


فقالت عائشة: يا مروان: ودِدتُ والله أنـّه غرارةٌ من غرائري هذه، وأنّي طوّقت حمله حتّي أُلقيَه في البحر.

وذکر البلاذري أيضاً: أنـّه مرّ عبد الله بن العبّاس بعائشة، وقد ولاّه عثمان الموسم، وهي بمنزل من منازل طريقها، فقالت: يابن عبّاس، إنّ الله قد آتاک عقلاً وفهماً وبياناً، فإيّاک أن تردَّ الناس عن هذا الطاغيه ـ تعني عثمان ـ.

وفي لفظ الطبري: خرج ابن عبّاس فمرّ بعائشة في الصُلصل ـ موضع علي سبعة أميال من المدينة ـ فقالت: يا ابن عبّاس، اُنشدک الله فإنّک قد اُعطيت لساناً إزعيلاً، أن تخذل هذا الرجل ـ تعني عثمان ـ وأن تشکّک فيه الناس، فقد بانت لهم بصائرهم، وانهجت ورفعت لهم المنابر، وتجلّبوا من البلدان لامر قد جمّ، وقد رأيت طلحة بن عبيد الله قد اتّخذ علي بيوت الاموال والخزائن مفاتيح، فإن يلِ يسرْ بسيرة ابن عمه أبي بکر(رضي الله عنه). قال: قلتُ: يا اُمّه، لو حدث بالرجل حدث ما فزع الناس إلاّ لصاحبنا ـ يعني عليّاً ـ فقالت: أيهاً عنک، إنّي لست اُريد مکابرتک ولا مجادلتک، وحکاه ابن أبي الحديد.

قال الاميني: وأخرج عمر بن شبة من طريق عبيد بن عمرو القرشي، قال: خرجت عائشة وعثمان محصور، فقدم عليها رجل يقال له: أخضر، فقالت: ما صنع الناس؟ فقال: قتل عثمان المصريّين، قالت: إنّا لله وإنا إليه راجعون، أيقتل قوماً جاءوا يطلبون الحقّ ويُنکرون الظلم؟ والله لا نرضي بهذا، ثمّ قدم رجل آخر، فقالت: ما صنع الناس؟ قال: قتل المصريّون عثمان، قالت: العجب لاخضر زعم أنّ المقتول هو القاتل، فکان يضرب المثل: أکذب من أخضر. وأخرجه الطبري.

وقال في الغدير [9: 16]: وفي لفظ الزهري، کما في أنساب البلاذري [ص88]: کان في الخزائن سفط فيه حليّ، وأخذ منه عثمان، فحلّي به بعض أهله، فأظهروا عند ذلک الطعن عليه، وبلغ ذلک عثمان فخطب، فقال: هذا مال الله، أعطيه من شئتُ وأمنعه من شئتُ، فأرغم الله أنف من رغم، فقال عمّار: أنا والله أوّل من رغم أنفه من ذلک، فقال عثمان: لقد اجترأت عليَّ يابن سميّة، وضربه حتّي غشي عليه، فقال عمّار: ما هذا بأوّل ما اُوذيت في الله، وأطلعت عائشة شعراً من رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) ونعله وثياباً من ثيابه، ثمّ قالت: ما أسرع ما ترکتم سنّة نبيّکم، وقال عمرو بن العاص: هذا منبر نبيّکم، وهذه ثيابه، وهذا شعره لم يبلَ فيکم وقد بدّلتم وغيرّتم، فغضب عثمان حتّي لم يدر ما يقول.

وفي الانساب[5: 49]: انّ المقداد بن عمرو، وعمّار بن ياسر، وطلحة والزبير في عدّة من أصحاب رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) کتبوا کتاباً، عدّدوا فيه أحداث عثمان، وخوّفوه ربّه، وأعلموه أنّهم مواثبوه إن لم يقلع، فأخذ عمّار الکتاب وأتاه به، فقرأ عثمان صدراً منه، فقال له: أعليّ تقدم من بينهم؟ فقال عمّار: لانّي أنصحهم لک، فقال: کذبتَ يابن سميّة، فقال: أنا والله ابن سميّة وابن ياسر، فأمر عثمان غلمانه فمدّوا بيديه ورجليه، ثمّ ضربه عثمان برجليه وهي في الخفّين علي مذاکيره، فأصابه الفتق، وکان ضعيفاً کبيراً، فغشي عليه.