ابن عمر ورجوعه إلي علي











ابن عمر ورجوعه إلي علي



روي البيهقي في سننه [5: 149] بسنده عن أبي مجلز، أنّ رجلاً سأل ابن عمر، فقال: إنّي رميت الجمرة ولم أدر رميت ستّاً أو سبعا؟ فقال: ائت ذلک الرجل ـ يعني عليّاً ـ فذهب فسأله. الحديث.

أقول: قال إمام المعتزله ابن أبي الحديد في مقدّمة شرح نهج البلاغة [1: 16]: وما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمکنهم جحد مناقبه، ولا کتمان فضله.

فقد علمت أنـّه استولي بنو أميّة علي سلطان الاسلام في شرق الارض وغربها، واجتهدوا بکل حيلة في إطفاء نوره، والتحريض عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه علي جميع المنابر، وتواعدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمّن له فضيلة، أو يرفع له ذکراً، حتّي حظروا أن يسمّي أحد باسمه، فما زاده ذلک إلاّ رفعة وسموّاً، وکان کالمسک کلما ستر انتشر عرفه، وکلّما کتم تضوّع نشره، وکالشمس لا تستر بالراح، وکضوء النهار إن حجبته عيناً أدرکته عيون کثيرة، وما أقول في رجل تعزي إليه کلّ فضيلة، وتنتهي إليه کلّ فرقة، وتتجاذبه کلّ طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وأبو عذرها وسابق مضمارها ومجلي حلبتها، وکلّ من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفي، وعلي مثاله احتذي.

وقد عرفت أن أشرف العلوم، هو العلم الالهي، لانّ شرف العلم بشرف المعلوم، ومعلومه أشرف الموجودات، فکان هو أشرف العلوم، ومن کلامه اقتبس، وعنه نقل، وإليه انتهي، ومنه ابتدأ إلي أن قال: وان رجعت إلي الخصائص الخلقية والفضائل النفسانيّة والدينيّة وجدته ابن جلاها، وطلاع ثناياها.