ما عهد الله تعالي في علي











ما عهد الله تعالي في علي



فيما ورد عن النبيّ صلوات الله عليه وآله أنه استخبر من ربّه جلّ وعلا، وسأل عن العهد الذي عهد إليه في علي وليّ عهده، والخليفة من بعده، فلمّا تبيّن له ما اختصّ به من المنّة الجسيمة، والکرامة العظيمة، المناسبة لان يکون خليفته من بعده، والمتولّي لمقام الامامة، بحيث لا يکون في زمرة أولياء الله عزّوجلّ إلاّ وهو إمامهم، ولا في اُمّة من الطائعين إلاّ وهو نورهم، کما دلّ علي ذلک قوله عليه الصلاة والسلام وهو أصدق القائلين: إنّ الله قد عهد إليّ في علي عهداً. فقلت: بيّنه لي. قال: اسمع، إنّ عليّاً راية الهدي، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الکلمة التي ألزمتها المتّقين، من أحبّه فقد أحبّني، ومن أطاعه فقد أطاعني، فبشّره بذلک، فقلت: قد بشّرته يا ربّ، فقال (عليه السلام): أنا عبد الله وفي قبضته، فإن يعذّبني فبذنوبي لم يظلم شيئاً، وإن يُتمّ لي ما وعدني فهو أولي. وقد دعوت له، فقلت: اللهمّ أجل قلبه، واجعل ربيعه الايمان بک. قال: قد فعلت ذلک، غير أنّي مختّصه بشيء من البلاء لم اختصّ به أحداً من أوليائي، فقلت: ربّي، أخي وصاحبي. قال: إنـّه سبق في علمي أنـّه مبتلي ومبتليً به.

قد روي هذا الحديث جماعة من حملة السنن والاخبار ممّن لا يستهان بعددهم، فمنهم: أبو نعيم في حلية الاولياء [1: 67] روي عن أبي برزة الاسلمي، وأنس بن مالک، وإمام المعتزلة في شرح النهج [2: 450] عن الحلية، والخوارزمي الحنفي في المناقب [ص215 و220] وابن عساکر الشافعي في تاريخ دمشق [2: 189 وفي ص272 من ط. اُخري]، وابن المغازلي الشافعي في المناقب [ص46]، والکنجي الشافعي في الکفاية [ص73 ط. الحيدريّة وفي ط. الغري ص22]، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودّة [ص312 ط. إسلامبول]، وابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول [1: 46 ط. النجف]، وشرف الدين الموسوي في المراجعات [ص241]، والتستري في إحقاق الحق [4: 168]، والحمويني في فرائد السمطين [1: 144 و151]، وحسين الراضي في تتمّة المراجعات [ص143].

قال ابن العودي النيلي کما في مناقب المازندراني [1: 217 ط. النجف وفي ط. إيران 1: 252]:


وکلّ نبيّ جاء قبلي وصيُّه
مُطاعٌ وأنتم للوصيّ عصيتم


ففعلکم في الدين أضحي منافياً
لفعلي وأمري غير ما قد اُمرتم


وقلتم مضي عنّا بغير وصيّة
ألم أوص لو طاوعتم وعقلتم


نصبت لکم بعدي إماماً يدلّکم
علي الله فاستکبرتم وضللتم


وقد قلت في تقديمه وولائه
عليکم بما شاهدتم وسمعتم


علي غدا منّي محلاً وقربة
کهارون من موسي فلم عنه حلتم


علي رسولي فاتبعوه فإنّه
وليّکم بعدي إذا غبت عنکم


وفي روايه اُخري بغير السند المذکور، علي ما ذکره ابن أبي الحديد في شرح النهج [2: 449] عن أبي نعيم أيضاً عن أنس بن مالک بلفظ: إنّ ربّ العالمين عهد إليّ في علي عهداً: أنّه راية الهدي، ومنار الايمان، وإمام أوليائي، ونور جميع من أطاعني. أنّ عليّاً أميني يوم القيامة، فصاحب رايتي. بيد علي مفاتيح رحمة ربّي.