الخليفة الثاني و يهوديّ مدني
ّروي الاميني أيضاً في الغدير [6: 268] ما أخرجه الحافظ العاصمي في شرح سورة هل أتي، عن أبي الطفيل، قال: شهدت الصلاة علي أبي بکر الصدّيق، ثمّ اجتمعنا إلي عمر بن الخطّاب، فبايعناه، وأقمنا أيّاماً نختلف إلي المسجد إليه، حتّي أسموه أمير المؤمنين، فبينما نحن عنده جلوس إذ أتاه يهوديّ من يهود المدينة، وهم ـ يعني: اليهود ـ يزعمون أنـّه من ولد هارون أخي موسي بن عمران (عليهما السلام) ، حتّي وقفوا علي عمر، فقال له: يا أمير المؤمنين، أيّکم أعلم بنبيکم وبکتاب نبيّکم حتّي أسأله عمّا اُريد؟ فأشار له عمر إلي علي بن أبي طالب، وقال: هذا أعلم بنبيّنا وبکتاب نبيّنا، قال اليهودي: أکذاک أنت يا علي؟ قال (عليه السلام): سل عمّا تريد.قال: إنّي سائلک عن ثلاث وثلاث وواحدة، قال له علي (عليه السلام): ولِمَ لا تقول إنّي سائلک عن سبع؟ قال له اليهودي: أسألک عن ثلاث، فإن أصبت فيهنّ أسالک عن الواحدة، وإن أخطأت في الثلاث الاول لم أسالک عن شيء، وقال له علي (عليه السلام): وما يدريک إذا سألتني فأجبتک أخطأت أم أصبت، قال: فضرب بيده علي کمّه، فاستخرج کتاباً عتيقاً، فقال: هذا کتاب ورثته عن آبائي وأجدادي بإملاء موسي وخطّ هارون، وفيه هذه الخصال التي اُريد أن أسالک عنها، فقال علي (عليه السلام): والله عليک إن أجبتک فيهنّ بالصواب أن تسلم. قال له: والله، لئن أجبتني فيهنّ بالصواب لاسلمنّ الساعة علي يديک، قال له علي (عليه السلام): سل.قال: أخبرني عن أوّل حجر وضع علي وجه الارض، وأخبرني عن أوّل شجرة نبتت علي وجه الارض، وأخبرني عن أوّل عين نبعت علي وجه الارض.قال له علي (عليه السلام): يا يهودي إنّ أوّل حجر وضع علي وجه الارض، فإنّ اليهود يزعمون أنّه صخرة بيت المقدس، وکذبوا لکنّه الحجر الاسود، نزل به آدم من الجنّة، فوضعه في رکن البيت، فالناس يمسحون به ويقبلونه، ويجدّدون العهد والميثاق فيما بينهم وبين الله، قال اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت.قال له علي (عليه السلام): وأمّا أوّل شجرة نبتت علي وجه الارض، فإن اليهود يزعمون أنّها الزيتونة، ولکنّها نخلة العجوة، نزل بها آدم من الجنّة، فأصل التمر کلّه من العجوة، قال له اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت.قال: وأمّا أوّل عين نبعت علي وجه الارض، فإنّ اليهود يزعمون أنّها العين التي تحت صخرة بيت المقدس، وکذبوا ولکنّها عين الحياة التي نسي عندها صاحب موسي السمکة المالحة، فلمّا أصابها ماء العين عاشت وسموت، فأتبعها موسي وصاحبه فأتيا الخضر، قال اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت، قال له علي: سل.قال: أخبرني عن منزل محمّد أين هو في الجنّة؟ قال علي (عليه السلام): ومنزل محمّد من الجنّة، جنّة عدن في وسط الجنّة، أقربه من عرش الرحمن عزّوجلّ. قال اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت. قال علي (عليه السلام): سل.قال: أخبرني عن وصيّ محمّد في أهله کم يعيش بعده، وهل يموت أو يقتل؟ قال علي (عليه السلام): يا يهودي يعيش بعده ثلاثين سنة، ويخضب هذه من هذه، وأشار إلي رأسه، فوثب اليهودي، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمّداً رسول الله. انتهي.قال الاميني: وفي الحديث سقط کما تري، وفيه نصّ عمر علي أنّ عليّاً أعلم الاُمّة بنبّيها وبکتابه. وموسي الوشيعة يقول: عمر أعلم الاُمّة علي الاطلاق بعد أبي بکر، والانسان علي نفسه بصيرة.