الخليفة الثاني وقوله لعلي لا أبقاني الله لشدّة لست لها











الخليفة الثاني وقوله لعلي لا أبقاني الله لشدّة لست لها



روي الاميني في غديره [6: 172] عن کنز العمّال [3: 179] وعن الجرذاني في مصباح الظلام [2: 56] عن ابن عبّاس، قال: وردت علي عمر بن الخطّاب واردة قام منها وقعد، وتغيّر وتربّد، وجمع لها أصحاب النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) فعرضها عليهم، وقال: أشيروا عليّ، فقالوا: يا أمير المؤمنين أنت المفزع وأنت المنزع، فغضب عمر، وقال: اتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لکم أعمالکم، فقالوا: يا أمير المؤمنين ما عندنا ممّا تسأل عنه شيء.فقال: إنّي لاعرف أبا بجدتها، وابن نجدتها، وأين مفزعها، وأين منزعها، فقالوا: کأنـّک تعني ابن أبي طالب؟ فقال عمر: لله هو، وهل طفحت حرّة بمثله وأبرعته، انهضوا بنا إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أتصير إليه؟ يأتيک، فقال هيهات هناک شجنة من بني هاشم، وشجنة من الرسول، وأثرة من علم، يؤتي لها ولا يأتي، في بيته يُوتي الحکم، فأعطفوا نحوه، فألفوه في حائط وهو (عليه السلام) يقرأ: (أيحسب الانسان أن يترک سدي) ويردّدها ويبکي.فقال عمر لشريح: حدّث أبا الحسن بالذي حدّثتنا به، فقال شريح: کنت في مجلس الحکم فأتي هذا الرجل، فذکر: أنّ رجلاً أودعه امرأتين، حرّة مهيرة واُمّ ولد، فقال له: أنفق عليهما حتّي أقدم، فلمّا کان في هذه الليلة، وضعتا جميعاً احداهما ابناً والاُخري بنتاً، وکلتاهما تدعي الابن وتنتفي من البنت لاجل الميراث، فقال عليه السلام لشريح: بم قضيت بينهما؟ فقال شريح: لو کان عندي ما قضيت به بينهما لم آتکم بهما.فأخذ علي تبنة من الارض فرفعها، فقال: إنّ القضاء في هذا أيسر من هذه، ثمّ دعا بقدح، فقال لاحد المرأتين: احلبي فحلبت فوزنه، ثمّ قال للاُخري: احلبي، فحلبت فوزنه، فوجده علي النصف من لبن الاُولي فقال لها: خذي أنت ابنتک، وقال للاُخري: خذي أنت ابنک، ثمّ قال (عليه السلام) لشريح: أما علمت أنّ لبن الجارية علي النصف من لبن الغلام؟ وأنّ ميراثها نصف ميراثه، وأنّ عقلها نصف عقله، وشهادتها نصف شهادته، وأنّ ديتها نصف ديته، وهي علي النصف في کلّ شيء، فاُعجب به عمر إعجاباً شديداً، ثمّ قال: أبا حسن، لا أبقاني الله لشدّة لست لها، ولا في بلد لست فيه.الخليفة الثانيوحليّ الکعبةروي الاميني في غديره [6: 177]: ذکر عند عمر ابن الخطّاب في أيّامه حليّ الکعبة وکثرته، فقال قوم: لو أخذته فجهّزت به جيوش المسلمين کان أعظم للاجر، وما تصنع الکعبة بالحليّ؟ فهمّ عمر بذلک، وسأل عنه أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، فقال: إنّ هذا القرآن اُنزل علي محمّد (صلي الله عليه وآله وسلم) والاموال أربعة: أموال المسلمين، فقسّمها بين الورثة في الفرائض، والفيء فقسّمه علي مستحقّيه، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها، وکان حليّ الکعبة فيها يومئذ، فترکه الله علي حاله، ولم يترکه نسياناً، ولم تخف عنه مکاناً، فأقرّه حيث أقرّه الله ورسوله، فقال له عمر: لو لاک لافتضحنا، وترک الحليّ بحاله.راجع: ربيع الابرار للزمخشري [4: 26].