في كونه باب علم سيّد النبيّين والمرسلين











في کونه باب علم سيّد النبيّين والمرسلين



عن الباقر وأمير المؤمنين في قوله تعالي (وليس البر بأن تأتوا البيوت) [البقرة: 189] وفي قوله (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية) [البقرة: 58] قالا: نحن البيوت التي أمر الله أن يؤتي من أبوابها، نحن باب الله وبيوته التي نؤتي منه، فمن تابعنا وأقرّ بولايتنا فقد أتي البيوت من أبوابها، ومن خالفنا وفضّل علينا غيرنا، فقد أتي البيوت من ظهورها.قال ابن شهرآشوب: وقال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بالاجماع: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. رواه أحمد من ثمانية طرق، وابراهيم الثقفي من سبعة طرق، وابن بطّة من ستّة طرق، والقاضي الجعابي من خمسة طرق، وابن شاهين من أربعة طرق، والخطيب التاريخي من ثلاثة طرق، ويحيي بن معين من طريقين.وقد رواه السمعاني، والقاضي، والماوردي، وأبو منصور السکري، وأبو الصلت الهروي، وعبد الرزّاق، وشريک، عن ابن عبّاس، وجابر، ومجاهد، وهذا يقتضي الرجوع إلي أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لانـّه کني عنه بالمدينة، وأخبر أنّ الوصول إلي علمه من جهة علي خاصّة لانّه جعله کباب المدينة الذي لا يدخل إليها إلاّ منه، ثمّ أوجب ذلک الامر به، بقوله «فليأت الباب» وفيه دليل علي عصمته لانـّه من ليس بمعصوم يصحّ منه وقوع القبيح، فإذا وقع کان الاقتداء به قبيحاً، فيؤدّي إلي أن يکون (صلي الله عليه وآله وسلم) قد أمر بالقبيح، وذلک لا يجوز.قال البشنوي:فمدينة العلم التي هو بابهاأضحي قسيم النار يوم مآبهفعدوّه أشقي البريّة في لظيووليّه المحبوب يوم حسابهوقال ابن حماد:هذا الامام لکم بعدي يسدّدکمرشداً ويوسعکم علماً وآداباإنّي مدينة علم الله وهو لهاباب فمن رامها فليقصد الباباوقال خطيب منيح:أنا دار الهدي والعلم فيکموهذا بابها للداخليناأطيعوني بطاعته وکونوابحبل ولائه مستمسّکيناراجع: المناقب لابن شهرآشوب [2: 34 ـ 35].وأخرجه ابن المغازلي الشافعي في مناقبه [ص80] مسنداً من سبع طرق، منها: ما رواه [بالرقم: 125] عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول يوم الحديبيّة وهو آخذ بضَبُع علي بن أبي طالب (عليه السلام): هذا أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثمّ مدّ بها صوته، فقال: أنا مدينة العلم و علي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب.قال المحقق في ذيل الکتاب [ص84]: أخرجه الحاکم في المستدرک [3: 127] مقتصراً علي ذيل الحديث، وروي صدر الحديث [ص129] وکذا الخطيب البغدادي فقد ذکر صدر الحديث في تاريخه [4: 219] وذکر ذيله في [2: 377].وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير [1: 364 بالرقم: 2705] والمّتقي في منتخب کنز العمّال [5: 30] وقالا: رواه ابن عدي والحاکم. وأخرجه تماماً الذهبي في ميزان الاعتدال [بالرقم: 429] في ترجمة أحمد بن يزيد. والحافظ ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان [1: 197 بالرقم: 620].وأخرج ابن المغازلي [بالرقم: 126] مسنداً عن علي بن موسي الرضا، قال: حدّثني أبي، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها، کذب من زعم أنـّه يصل إلي المدينة إلاّ من الباب.قال المحقّق في ذيل الکتاب: أخرجه العلامة القندوزي في ينابيع المودّة [ص73] وقد روي الحديث عن الامام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في فتح الملک العلي بسندين.وروي المتّقي في کنز العمّال [6: 156] علي ما في فضائل الخمسة [2: 252]ولفظه: علي باب علمي، ومبيّن لاُمّتي ما اُرسلت به من بعدي، حبّه إيمان، وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة، قال المتّقي: أخرجه الديلمي عن أبي ذرّ.وقال السيّد المرتضي: وذکره ابن حجر في الصواعق [ص73] وقال: أخرجه ابن عدي.أقول: وأمّا قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. فقد رواه جمع کثيرون، قد ذکرهم السيّد الحسيني المذکور في فضائله [2: 250] منهم: الحاکم في المستدرک [3: 126] ورواه الخطيب البغدادي أيضاً بطريق آخر في تاريخه [7: 172] وبطريق ثالث في [11: 48] وبطريق رابع في [11: 49]والخطيب البغدادي أيضاً في تاريخ بغداد [4: 348]. ثمّ قال: قال القاسم: سألت يحيي بن معين عن هذا الحديث، فقال: هو صحيح.ورواه ابن الاثير في اُسد الغابة [4: 22] وابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب [6: 320] والمتقي في کنز العمّال [6: 152] والمناوي في فيض القدير [3: 46] في المتن، وقالا: أخرجه العقيلي وابن عدي، والطبراني والحاکم عن ابن عبّاس، وذکره الهيثمي في مجمع الزوائد [9: 144].وفي الصواعق [ص73] قال ابن حجر: اخرج البزاز، والطبراني في الاوسط عن جابر بن عبد الله، والحاکم، والعقيلي، وابن عدي، عن ابن عمر، والترمذي، والحاکم، عن علي (عليه السلام) ، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): أنا مدينة العلم وعلي بابها، قال: وفي رواية: فمن أراد العلم فليأت الباب.ومن الغريب من مدارک العقل، قول الترمذي في الحديث بالانکار، وکذا البخاري، وقال: إنّه ليس له وجه صحيح، وياليتهما يأتيان بالبيان أو دليل علي صحّة قولهما، حتي لا يکون مجرّد دعوي، لا سيما وقد أخرجه جمع کثير وجمّ غفير من الحفّاظ وأئمّة الحديث، بلغ عددهم مئة وثلاثة وأربعين راوياً، کما حقّقه المجاهد البحاثة الفاضل عبد الحسين أحمد الاميني في کتابه النفيس الغدير [6: 61] وکلّ من اُولئک الاعلام محتجّون به، وأرسلوه إرسال المسلّم، ودفعوا عنه قالة المزيفين وجلبة المبطلين.وأمّا ما قاله ابن درويش في کتابه أسمي المطالب [ص70] أنّ ابن معين قال، بأن الحديث کذب لا أصل له، فممّا يخالف ما بلغنا عن الخطيب البغدادي فيما ذکره المحقق لکتاب المناقب علي ما أخرجه الحافظ ابن المغازلي في مناقبه [ص81 بالرقم: 121]. وهاک لفظه:أخرجه الحافظ البغدادي في تاريخه [11: 48 ـ 50] مرّات، ونقل عن الانباري أنّه قال: سألت ابن معين عن هذا الحديث، فقال: هو صحيح، ثمّ قال الخطيب: أراد أنـّه صحيح من حديث أبي معاوية، وليس بباطل إذ رواه غير واحد عنه.وقال الاميني (رضي الله عنه) وشرف قدره، في غديره القيّم [6: 78]: نصّ غير واحد من هؤلاء الاعلام بصحّة الحديث من حيث السند، وهناک جمع يظهر منهم اختياره، وکثيرون من اُولئک يرون حسنه، مصرّحين بفساد الغمز فيه، وبطلان القول بضعفه، وممّن صحّحه: ـ الحافظ أبو زکريّا يحيي بن معين البغدادي المتوفي سنة (233). نصّ علي صحّته، کما ذکره الخطيب، وأبو الحجّاج المزّي، وابن حجر وغيرهم. ـ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري المتوفي سنة (310) ، صحّحه في تهذيب الاثار. ـ الحافظ الخطيب البغدادي المتوفي سنة (463). ـ الحاکم النيسابوري المتوفي سنة (405) صحّحه في المستدرک. ـ الحافظ أبو محمّد الحسن السمرقندي المتوفي سنه (491) في بحر الاسانيد. ـ مجد الدين الفيروزآبادي المتوفي سنة (816) صحّحه في النقد الصحيح. ـ جلال الدين السيوطي المتوفي سنة (911) صحّحه في جمع الجوامع. ـ السيّد محمّد البخاري، نصّ علي صحّته في تذکرة الابرار. ـ الامير محمّد اليمني الصنعاني المتوفي سنة (1182) صرّح بصحّته في الروضة النديّة. ـ المولوي حسن الزمان، عدّه من المشهور الصحيح في القول المستحسن. ـ أبو سالم محمد بن طلحة القرشي المتوفي سنة (652). ـ أبو المظفّر يوسف بن قزاوغلي المتوفي سنة (654). ـ الحافظ صلاح الدين العلائي المتوفّي سنة (761). ـ شمس الدين محمّد الجزري المتوفي سنة (833). ـ شمس الدين السخاوي المتوفي سنة (902). ـ فضل الله بن روزبهان الشيرازي. ـ المتّقي الهندي علي بن حسام الدين المتوفّي سنة (975). ـ ميرزا محمّد البدخشاني. ـ ميرزا محمّد صدر العالم. ـ ثناء الله پاني پتي الهندي.وقال الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الکنجي الشافعي علي ما في الغدير [6: 65] بعد إخراجه بعدّة طرق: قلت: هذا حديث حسن عال.إلي أن قال: ومع هذا فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين وأهل بيته بتفضيل علي (عليه السلام) وزيادة علمه وغزارته، وحدّة فهمه، ووفور حکمته، وحسن قضاياه، وصحّة فتواه، وقد کان أبو بکر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الاحکام، ويأخذون بقوله في النقض والابرام، اعترافاً منهم بعلمه، ووفور فضله، ورجاحة عقله، وصحّة حکمه، وليس هذا الحديث في حقّه بکثير لانّ رتبته عند الله ورسوله وعند المؤمنين من عباده أجلّ وأعلي من ذلک.وقال الحافظ صلاح الدين أبو سعيد خليل العلائي الدمشقي الشافعي المتوفّي سنة (761) حکاه عنه غير واحد من أعلام القوم، وصحّحه من طريق ابن معين، ثمّ قال: وأيّ استحالة في أن يقول النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) مثل هذا في حقّ علي (رضي الله عنه) ولم يأت کلّ من تکلّم في هذا الحديث وجزم بوضعه بجواب عن هذه الروايات الصحيحة عن ابن معين، ومع ذلک فله شاهد، رواه الترمذي في جامعه «الخ».راجع اللالي المصنوعة [1: 333] تجد هناک تمام کلامه.وقال ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان [کما في الغدير 6: 68]: هذا الحديث له طرق کثيرة في مستدرک الحاکم، أقلّ أحوالها أن يکون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق القول بالوضع.وقال السيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه [6: 401] کنت اُجيب بهذا الجواب ـ يعني بحسن الحديث دهراً، إلي أن وقفت علي تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الاثار مع تصحيح الحاکم لحديث ابن عبّاس، فاستخرت الله بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلي مرتبة الصحّة، والله أعلم.إلي ما هنالک من أقوال أعلام القوم في صحّة حديث الباب.