حديث سدّ الابواب











حديث سدّ الابواب



ماورد فيمن اتّخذه الله سبحانه وتعالي شريکاً لافضل الرسل وخاتم أنبيائه عليه وعليهم الصلاة والسلام فيما اختصّه به وفيما أحلّه له، فبذلک قد تبيّن عظيم فضل من أشرکه الله نبيّه في هذه الخصوصيّة الجليلة، حتّي اعترف ابن عمر بافضليّته حينما ظهر اختصاصه بها، وشاع بين جمع من الصحابة، فشقّ ذلک علي بعضهم، حتّي أن عمّيه (صلي الله عليه وآله وسلم) حمزة والعبّاس کانا يقولان للنبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) ما قالا لانّهم کانوا يحسبون کما قال ابن عمر: کنّا نقول في زمن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): رسول الله خير الناس، ثمّ أبو بکر ثمّ عمر، وهذه المنقبة أيضاً هي احدي الخصال الثلاثة التي تمنّاها ابن عمر وأبوه، وما زالت بقلبه وفي ذاکرته إلي أن استولي علي الخلافة، وقال: کما سيأتي ذکر کلّ من ذلک فيما يلي، کما رواه حفظة السنن والمسانيد، منهم:السيوطي في تفسيره «الدرّ المنثور» في ذيل تفسير قوله تعالي: (وما ينطق عن الهوي) [النجم: 3] قال: أخرج ابن مردويه عن أبي الحمراء وحبّة العرني، قالا: أمر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أن تسدّ الابواب التي في المسجد، فشقّ عليهم، قال حبّة: إنّي لانظر إلي حمزة بن عبد المطلّب وهو تحت قطيفة حمراء وعيناه تذرفان، وهو يقول: أخرجت عمّک وأبا بکر وعمر والعبّاس، وأسکنت ابن عمّک، فقال رجل: ما يألو رفع ابن عمّه.قال: فعلم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أنه قد شقّ عليهم، فدعا الصلاة جامعة، فلمّا اجتمعوا صعد المنبر، فلم يسمع لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) خطبة قطّ کان أبلغ منها تمجيداً وتوحيداً، فلمّا فرغ قال: يا أيّها الناس، لا أنا سددتها، ولا أنا فتحتها، ولا أنا أخرجتکم وأسکنته، ثمّ قرأ: (والنجم إذا هوي * ما ضلّ صاحبکم وما غوي * وما ينطق عن الهوي * ان هو إلاّ وحي يوحي). وروي الحاکم في المستدرک [3: 125] روي بسنده عن زيد بن أرقم، قال: کانت لنفر من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أبواب شارعة في المسجد، فقال يوماً: سدّوا هذه الابواب إلاّ باب علي، قال: فتکلّم في ذلک ناس، فقام رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّي امرت بسدّ هذه الابواب غير باب علي، فقال فيه قائلکم، والله ما سددت شيئاً ولا فتحته، ولکن اُمرت بشيء فاتبعته. قال الحاکم: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.وروي الامام أحمد بن حنبل في المسند [2: 26] بالاسناد إلي عبد الله بن عمر، قال: کنّا نقول في زمن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): رسول الله خير الناس، ثمّ أبو بکر، ثمّ عمر، ولقد اُوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال، لان تکون لي واحدة منهنّ أحبّ إلي من حمر النعم، زوّجه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ابنته وولدت له، وسدّ الابواب إلاّ بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر.وروي الحاکم أيضاً في المستدرک [3: 125] بالاسناد إلي أبي هريرة، قال: قال عمر بن الخطّاب: لقد اُعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لان تکون لي خصلة منها أحبّ إليّ من أن اُعطي حمر النعم، قيل: وما هنّ يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوّجه فاطمة بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ، وسکناه في المسجد مع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يحلّ له فيه ما يحلّ له، والراية يوم خيبر. هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.وفي المستدرک أيضاً [3: 116] روي بسنده عن خيثمة بن عبد الرحمن، قال: سمعت سعد بن مالک، وقال له رجل: إن عليّاً (عليه السلام) يقع فيک، أنّک تخلّفت عنه، فقال سعد: والله انّه لرأي رأيته، وأخطأ رأيي، انّ علي بن أبي طالب اُعطي ثلاثاً، لانّ أکون أعطيت إحداهنّ أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها، لقد قال له رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم، بعد حمد الله والثناء عليه، هل تعلمون أنـّي أولي بالمؤمنين؟ قلنا: نعم، قال: اللهمّ من کنت مولاه فعلي مولاه، اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وجيء به يوم خيبر وهو أرمد ما يبصر، فقال: يا رسول الله إنّي أرمد، فتفل في عينيه ودعا له، فلم يرمد حتّي قتل وفتح عليه خيبر، وأخرج رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) عمّه العباس وغيره من المسجد، فقال له العبّاس: تخرجنا ونحن عصبتک وعمومتک وتسکن عليّاً؟ فقال (صلي الله عليه وآله وسلم): ما أنا أخرجتکم وأسکنته ولکنّ الله أخرجکم وأسکنه.وفي کنز العمّال لحسام الدين المتّقي [6: 408] علي ما في فضائل الخمسة [2: 154] قال: وعن علي (عليه السلام) أخذ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بيدي، قال: إنّ موسي (عليه السلام) سأل ربّه أن يطهر بيته بهارون، وانّي لسألت ربّي أن يطهر مسجدي بک وذرّيّتک، ثمّ أرسل إلي أبي بکر، أن سدّ بابک، فاسترجع، ثمّ قال: سمعاً وطاعه، فسدّ بابه، ثّم أرسل إلي عمر، ثمّ أرسل إلي العبّاس بمثل ذلک، ثمّ قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): ما أنا سددت أبوابکم وفتحت باب علي، ولکنّ الله فتح باب علي وسدّ أبوابکم.وفيه أيضاً عن الهيثمي في مجمع الزوائد [9: 115] قال: وعن علي (عليه السلام) ، قال: قال لي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) انطلق فمرهم فليسدّوا أبوابهم، فانطلقت، فقلت لهم، ففعلوا إلاّ حمزة، فقلت: يا رسول الله قد فعلوا إلاّ حمزة، فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): قل لحمزة فليحوّل بابه، فقلت: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يأمرک أن تحوّل بابک، فحوّل، فرجعت إليه (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو قائم يصلي، فقال: ارجع إلي بيتک.وفيه أيضاً عن الهيثمي في نفس المصدر قال: وعن العلاء بن العرار، قال: سئل ابن عمر عن علي وعثمان، فقال: أمّا علي فلا تسألوا عنه، انظروا إلي منزله من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فإنّه سدّ أبوابنا في المسجد وأقرّبابه، وأمّا عثمان فإنّه أذنب يوم التقي الجمعان ذنباً عظيماً فعفا الله عنه، وأذنب فيکم دون ذلک فقتلتموه.وفيه أيضاً عن الهيثمي في نفس المصدر، قال: وعن جابر بن سمرة، قال: أمر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بسدّ الابواب کلّها إلاّ باب علي (رضي الله عنه) فقال العبّاس: يا رسول الله قدر ما أدخل أنا وحدي وأخرج، قال: ما اُمرت بشيء من ذلک، فسدّها کلّها غير باب علي، قال: ربّما مرّ وهو جنب.وفي المسند للامام أحمد بن حنبل [1: 175] روي بسنده عن عبد الله بن الرقيم الکناني، قال: خرجنا إلي المدينه زمن الجمل، فلقينا سعد بن مالک بها، فقال: أمر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بسدّ الابواب الشارعة في المسجد، وترک باب علي.وقد ذکر الحافظ الکبير محمّد بن علي المازندراني في کتابه النفيس مناقب آل أبي طالب [2: 38 ط. النجف و2: 189 ط. ايران] حديث سدّ الابواب رواه نحو ثلاثين رجلاً من الصحابة، ومن روي عنهم.وفيه ما نقله عن السمعاني في فضائله: روي عن جابر، عن ابن عمر في خبر أنّه سأله رجل، فقال: ما قولک في علي وعثمان؟ فقال: أمّا عثمان، فکأنّ الله قد عفا عنه، فکرهتم أن يعفو عنه وأمّا علي، فابن عمّ رسول الله وختنه، وهذا بيته ـ وأشار بيده إلي بيته ـ حيث ترون، أمر الله تعالي نبيّه أن يبني مسجده، فبني فيه عشرة أبيات، تسعة لنبيه وأزواجه، وعاشرها وهو متوسّطها، لعلي وفاطمة.وکان ذلک في أوّل سنة الهجرة، وقالوا: کان في آخر عمر النبي والاوّل أصحّ وأشهر، وبقي علي کونه، فلم يزل علي وولده في بيته إلي أيّام عبد الملک بن مروان، فعرف الخبر فحسد القوم علي ذلک، واغتاض، وأمر بهدم الدار، وتظاهر أنّه يريد أن يزيد في المسجد، وکان فيها الحسن بن الحسن، فقال: لا أخرج ولا اُمکّن من هدمها، فضرب بالسياط وتصايح الناس، واُخرج عند ذلک، وهدمت الدار، وزيد في المسجد.وروي عيسي بن عبد الله أنّ دار فاطمة (عليها السلام) حول تربة النبيّ وبينهما حوض.قال الحميري:من کان ذا جار له في مسجدمن نال منه قرابة وجواراوالله أدخله وأخرج قومهواختاره دون البريّة جاراوله أيضاً:وأسکنه في مسجد الطهر وحدهوزوّجه والله من شاء يرفعفجاوره فيه الوصي وغيرهوأبوابهم في مسجد الطهر شرّعفقال لهم سدّوا عن الله صادقاًفضنّوا بها عن سدّها وتمنّعوافقام رجال يذکرون قرابةوما ثمّ فيما يبتغي القوم مطمعفعاتبه في ذاک منهم معاتبوکان له عمّاً وللعمّ موضعفقال له أخرجت عمّک کارهاًوأسکنت هذا إنّ عمّک يجزعفقال له ياعم ما أنا بالذيفعلتُ بکم هذا بل الله فاقنعواوفي المناقب لابن المغازلي الشافعي [ص253 برقم: 303] باسناده عن أبي الطفيل، عن حذيفه بن أسيد الغفاري، قال: لمّا قدم أصحاب النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) المدينة لم تکن لهم بيوت يبيتون فيها، فکانوا يبيتون في المسجد، فقال لهم النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): لا تبيتوا في المسجد فتحتلموا.ثمّ إنّ القوم بنوا بيوتاً حول المسجد، وجعلوا أبوابها إلي المسجد، وإنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) بعث معاذ بن جبل، فنادي أبا بکر، فقال: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يأمرک أن تخرج من المسجد، فقال: سمعاً وطاعة، فسدّ بابه وخرج من المسجد، ثمّ أرسل إلي عمر، فقال: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يأمرک أن تسدّ بابک الذي في المسجد وتخرج منه، فقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، غير أنّي أرغب إلي الله في خوخة في المسجد، فأبلغه معاذ ما قاله عمر، ثمّ أرسل إلي عثمان وعنده رقيّه، فقال: سمعاً وطاعة، فسدّ بابه وخرج من المسجد. ثمّ أرسل إلي حمزة، فسدّ بابه، وقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، وعلي علي ذلک يتردّد، لا يدري أهو فيمن يقيم أو فيمن يخرج، وکان النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) قد بني له بيتاً في المسجد بين أبياته، فقاله النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) اسکن طاهراً مطهّراً، فبلغ حمزة قول النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) لعلي، فقال: يا محمّد تخرجنا وتمسک غلمان عبد المطلب؟ فقال له النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): لا، لو کان الامر لي ما جعلت من دونکم من أحد، واللهِ ما أعطاه إيّاه إلاّ الله، وانّک لعلي خير من الله ورسوله، أبشر، فبشّره النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) ، فقتل يوم اُحد شهيداً.ونفس ذلک رجال علي علي، فوجدوا في أنفسهم، وتبيّن فضله عليهم وعلي غيرهم من أصحاب النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) ، فبلغ ذلک النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) ، فقام خطيباً، فقال: إنّ رجالاً يجدون في أنفسهم، في أنّني أسکنت عليّاً في المسجد، واللهِ ما أخرجتهم ولا أسکنته، إنّ الله أوحي إلي موسي وأخيه (أن تبوّءآ لقومکما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتکم قبلة وأقيموا الصلاة) وأمر موسي أن لا يسکن مسجده، ولا ينکح فيه، ولا يدخله إلا هارون وذرّيته، وإنّ عليّاً منّي بمنزلة هارون من موسي، وهو أخي دون أهلي، ولا يحلّ مسجدي لاحد ينکح فيه النساء إلاّ علي وذرّيته، فمن ساءه فها هنا، فأوما بيده نحو الشام.وأخرج فيه أيضاً في الباب من عدّة طرق.وفي الخصائص للنسائي [ص13] علي ما في فضائل الخمسة للسيّد مرتضي الحسيني [2: 153] روي بسنده عن الحارث بن مالک، قال: أتيت مکّة، فلقيت سعد بن أبي وقاص، فقلت له: سمعت لعلي (عليه السلام) منقبة؟ قال: کنّا مع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في المسجد، فروي فينا لسدّه ليخرج من في المسجد، إلاّ آل الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وآل علي (عليه السلام) ، قال: فخرجنا فلمّا أصبح أتاه عمّه، فقال: يا رسول الله أخرجت أصحابک وأعمامک وأسکنت الغلام؟ فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): ما أنا أمرت باخراجکم، ولا باسکان هذا الغلام، انّ الله الذي أمرني به.وفيه عن حلية الاولياء لابي نعيم [4: 153] روي بطرق متعدّدة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): سدّوا أبواب المساجد کلّها إلاّ باب علي.وفيه عن تاريخ بغداد [7: 205] للخطيب البغدادي: روي بسنده عن زيد بن علي بن الحسين، عن أخيه محمّد بن علي، أنـّه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: سدّوا الابواب کلّها إلاّ باب علي، وأومأ بيده إلي باب علي.وأخرج الذهبي في ميزان الاعتدال [4: 235] عن زيد بن أرقم أنـّه کان لنفر من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قال يوماً: سدّوا هذه الابواب غير باب علي، فتکلّم في ذلک اُناس، فقام رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ـ فساق إلي آخر الحديث الذي قد مرّ عن المستدرک.قال المحقّق للکتاب علي ما في ذيل المناقب لابن المغازلي [ص256] ما مفهومه: قد أخرج حديث سدّ الابواب جماعة کثيرون منهم: ابن حجر في القول المسدّد [ص17] وفي فتح الباري [7: 11] والقسطلاني في إرشاد الساري [6: 81]وابن کثير في البداية والنهاية [7: 341] والکنجي الشافعي في کفاية الطالب [ص242].