انـّه نفس رسول الله
وکان (صلي الله عليه وآله وسلم) کثيراً ما أنذر به کفّار قريش ووفودهم من بني ثقيف وهوازن وبني وليعة، فقال مقسماً بالله الذي نفسه بيده، ليقاتلنّ به اعناق مقاتليهم إن لم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزکاة، وليسبينّ ذراريهم، کما روي ذلک جمع من أساطين المحدّثين في کتبهم، منهم: الحاکم في المستدرک [2: 120] روي باسناده عن عبد الرحمن بن عوف قال: افتتح رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مکّة، ثم انصرف إلي الطائف، فحاصرهم ثمانية أو سبعة، ثم أوغل غدوة أو روحة، ثمّ نزل، ثمّ هجر، ثمّ قال: أيها الناس إنّي لکم فرط، وإنّي أوصيکم بعترتي خيراً، موعدکم الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتنّ الزکاة، أو لابعثنّ عليکم رجلاً منّي أو کنفسي، فليضربنّ أعناق مقاتليهم، وليسبينّ ذراريهم، قال: فرأي الناس أنه يعني أبا بکر أو عمر، فأخذ بيد علي، فقال: هذا. قال الحاکم: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وروي ابن عبد البرّ حافظ المغرب في کتابه الاستيعاب في معرفة الاصحاب [3: 46 بهامش الاصابة] مسنداً عن المطّلب بن عبد الله بن حنطب، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لوفد ثقيف حين جاء: لتسلمنّ أو لابعثنّ رجلاً منّي، أو قال: کنفسي، فليضربن أعناقکم، وليسبينّ ذراريکم، وليأخذنّ أموالکم، قال عمر: فوالله ما تمنّيت الامارة إلاّ يومئذ، وجعلت أنصب صدري له رجاء أن يقول هو هذا، قال: فالتفت إلي علي (رضي الله عنه) فأخذ بيده، ثمّ قال: هو هذا، هو هذا. وروي الزمخشري في تفسيره الکشاف [3: 559] في ذيل قوله تعالي: (يا ايها الذين آمنوا إن جاءکم فاسق بنبأ فتبيّنوا) الاية [الحجرات: 6] بلفظ: لتنتهنّ أو لابعثنّ إليکم رجلاً هو عندي کنفسي، يقاتل مقاتليکم، ويسبي ذراريکم، ثمّ ضرب بيده علي کتف علي (رضي الله عنه). وهذا قوله (صلي الله عليه وآله وسلم) منذراً لبني المصطلق. وروي النسائي في الخصائص [ص19] علي ما في الفضائل [1: 347] عن اُبي، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): لينتهنّ بنو وليعة أو لابعثن عليهم رجلاً کنفسي، ينفذ فيهم أمري، فيقتل المقاتلة، ويسبي الذريّة، فما راعني إلاّ کفّ عمر في حجزتي من خلفي، وقال: من يعني؟ قلت: ايّاک يعني وصاحبک، قال ـ عمر ـ فمن يعني؟ قلت: خاصف النعل، قال: وعلي يخصف النعل. قال السيّد مرتضي الحسيني: وکأنّ اُبيّاً قد استهزأ به أوّلاً، فقال له: ايّاک يعني وصاحبک ـ أي أبا بکر ـ فأحسّ بذلک عمر وأنـّه قد استهزأ به، فاستفهمه ثانياً، فبيّن له اُبي علي وجه الجدّ، انّه (صلي الله عليه وآله وسلم) يعني عليّاً (عليه السلام). وفيه أيضاً عن الهيثمي في مجمع الزوائد [7: 110] روي عن جابر بن عبد الله، قال: بعث رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) الوليد بن عقبة إلي بني وليعة، وساق الحديث إلي أن قال: فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لينتهنّ بنو وليعة أو لابعثن إليهم رجلاً کنفسي، يقتل مقاتلهم، ويسبي ذراريهم، وهو هذا، ثمّ ضرب علي کتف علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال الهيثمي: رواه الطبراني في الاوسط. وروي ابن شهرآشوب في مناقبه [2: 67] عن أنس بن مالک، قال: بعث النبيّ عليّاً إلي قوم عصوه، فقتل القاتل، وسبي الذريّة، وانصرف بها، فبلغ النبيّ قدومه فتلقّاه خارجاً من المدينة، فلمّا لقيه اعتنقه وقبّل بين عينيه، وقال: بأبي واُمّي من شدّ الله به عضدي، کما شدّ عضد موسي بهارون. وفي حديث جابر أنّه (صلي الله عليه وآله وسلم) قال لوفد هوازن: أما والذي نفسي بيده، ليقيمنّ الصلاة، وليؤتنّ الزکاة أو لابعثن إليهم رجلاً وهو منّي کنفسي، فليضربنّ أعناق مقاتليهم، وليسبينّ ذراريهم، هو هذا، وأخذ بيد علي، فلمّا أقرّوا بما شرط عليهم، قال: ما استعصي عليّ أهل مکّة ولا اُمّة إلاّ رميتهم بسهم الله علي بن أبي طالب، ما بعثته في سريّة إلاّ رأيت جبريل عن يمينه، وميکائيل عن يساره، وملکاً أمامه، وسحابة تظلّه، حتّي يعطي الله حبيبي النصر والظفر. قال ابن شهرآشوب: وروي الخطيب في الاربعين نحواً من ذلک عن مصعب بن عبد الرحمن انه قال لوفد ثقيف، وفي رواية أنّه قال مثل ذلک لبني وليعة. وفي [3: 83] ذکر ما قاله العوني: من صاح جبريل بالصوت العلي به فخراً ولاسيف إلاّ ذو الفقار ولا وقال منصور الفقيه: من قال جبريل والارماح شارعة لا سيف يذکر إلاّ ذو الفقار ولا وقال آخر: جبريـل نادي في الوغي والمسـلمـون بـأسـرهـم والخيـل تعثـر بالجمـا هـذا النـداء لـمن لـه لاسيـف إلاّ ذو الفقـار وقال غيره: لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتي ذاک الوصيّ فما له من مشبه ذاک الوصيّ وصي أحمد في الوري وقال آخر: من کان يمدح ذا ندي لنواله لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتي نادي النبيّ له بأعلي صوته وقال الزاهي: من هزم الجيش يوم خيبرة من هزّ سيف الاله بينکم وروي امام المعتزلة في کتابه شرح النهج [2: 449] في الخبر الثاني، قال (صلي الله عليه وآله وسلم) لوفد ثقيف: لتسلمنّ أو لابعثنّ إليکم رجلاً ـ أو قال: عديل نفسي ـ فليضربنّ أعناقکم وليسبينّ ذراريکم، وليأخذنّ أموالکم،قال عمر: فما تمنّيت الامارة إلاّ يومئذ، وجعلت أنصب له صدري رجاء أن يقول هو هذا، فالتفت وأخذ بيد علي، وقال: هو هذا، مرتين. قال: رواه أحمد في المسند. ورواه أيضاً في کتاب فضائل علي أنّه قال: لتنتهنّ يا بني وليعة أو لابعثنّ إليکم رجلاً کنفسي، يمضي فيکم أمري، يقتل المقاتلة، ويسبي الذرّيّة، قال أبو ذرّ: فما راعني إلا برد کفّ عمر في حجزتي من خلفي يقول: من تراه يعني؟ فقلت: إنّه لا يعنيک، وإنما يعني خاصف النعل بالبيت، وانّه قال: هو هذا. وروي ابن حجر في الصواعق [ص124] ما اخرجه إبن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن عوف، کما سبق ذکره. وفي ينابيع المودّة [ص40] قال القندوزي الحنفي: وأخرج ابن عقدة، والحافظ أبو الفتوح العجلي في کتابه الموجز، والديلمي، وابن أبي شيبة، وأبو يعلي عن عبد الرحمن، وساق الحديث الانف ذکره، وروي أيضاً الحديث المذکور في [ص285] من الکتاب.
بم يعرب عمّن کان ذخيرته (صلي الله عليه وآله وسلم) للمهمّات، وعدّته لمجابهة عظيم الاخطار وهول الکربات، حتّي اعتبروه سهم الله الذي ما رمي به إلي العدي إلاّ أتي بالنصر والظفر، وسيفه الذي ما ضرب به أحداً من الاعداء إلاّ کان من الحياة افتقر، وانقلب خسيئاً إلي سقر؟
دون الخلائق عند الجحفل اللجب
غير الوصيّ فتًي في هفوة الکرب
والبيض لامعة والحرب تشتعل
غير الوصي إمام أيّها الملل
والنقع ليس بمنجل
حــول النـبيّ المـرسـل
جـم والـوشيـح الـذبـل
الـزهراء ربّـة منـزل
ولا فـتي إلاّ عـلي
إلاّ علي للطغاة طعون
فضلاً ولا في العالمين قرين
عفّ الضمائر للاله أمين
والمدح منّي للنبيّ وآله
إلاّ علي في اوان قتاله
يا ربّ من والي عليّاً واله
وهزّ باب القموص واقتلعه
سيف من النور ذو العلي طبعه