شبه الامام علي للانبياء











شبه الامام علي للانبياء



فيما أخبر به النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) ما للانبياء من الصفات الحميدة، التي اختصّ الله کلّ أحد منهم بوصف من الاوصاف الکريمة المجيدة، فقال عزّ من قائل حکيم في حقّ آدم (عليه السلام): (وعلّم آدم الاسماء کلها) الاية [البقرة: 31] وفي ابراهيم (عليه السلام): (انّ ابراهيم لحليم أوّاه منيب) [هود: 75] وفي نوح (عليه السلام): (انّه کان عبداً شکوراً) [الاسراء: 3] وفي أيّوب (عليه السلام): (انّا وجدناه صابراً) الاية [ص: 44]وفي يحيي (عليه السلام): (وآتنياه الحکم صبّياً) [مريم: 12]وفي طالوت (عليه السلام): (وزاده بسطة في العلم والجسم) [البقرة: 247]وفي يوسف (عليه السلام): (فلمّا رأينه أکبرنه وقطّعن أيديهنّ) الاية [يوسف: 31] إلي ما هنالک ممّا هو مذکور في الکتاب العزيز.

ثمّ إنّ من عجيب أمر الله الحکيم الخبير، جلّت قدرته، وعزّت إرادته، أن جَمَعَ تلکم الصفات في خير الاوصياء، ووصيّ خاتم الانبياء، حتّي شبّهه النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) بآدم (عليه السلام) في علمه، وبنوح في فهمه، وبابراهيم في خلقه، وبموسي في هيبته، وبعيسي في عبادته، وبأيوب في صبره، کما قد صرّح بذلک النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) فيما رواه الحفّاظ في سننهم ومسانيدهم السائرة الدائرة بين المسلمين إلي يوم الناس هذا، فمنهم:

إمام الحنابلة علي ما ذکره الاميني في غديره [3: 355] والحموي في معجم الاُدباء [17: 191] عن عبد الرزّاق، عن معمّر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن ابي هريرة، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو في محفل من أصحابه: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، ونوح في فهمه، وابراهيم في خلقه، وموسي في مناجاته، وعيسي في سنّته، ومحمّد في هديه وحلمه، فانظروا إلي هذا المقبل، فتطاول الناس فإذا هو علي بن أبي طالب.

وأمّا ما أخرجه الامام أحمد بن حنبل باسناده المذکور فبلفظ: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في فهمه، وإلي إبراهيم في خلقه، وإلي موسي في مناجاته، وإلي عيسي في سنّته، وإلي محمّد في تمامه وکماله، فلينظر إلي هذا الرجل المقبل، فتطاول الناس فإذا هم بعلي بن أبي طالب.

وأمّا ما أخرجه البيهقي أبو بکر أحمد بن الحسين المتوفّي سنة (458) في فضائل الصحابة فبلفظ: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في تقواه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي موسي في هيبته، وإلي عيسي في عبادته، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

وأمّا ما أخرجه الحافظ أحمد بن محمّد العاصمي في کتابه زين الفتي في شرح سورة هل أتي باسناده من طريق الحافظ عبيد الله بن موسي العبسي، عن أبي الحمراء، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في فهمه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي موسي في بطشه، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

وباسناد آخر من طريق الحافظ العبسي أيضاً بزيادة: وإلي يحيي بن زکريّا في زهده.

وأخرج الخوارزمي المالکي المتوفّي سنة (568) باسناده في المناقب [ص49] من طريق البيهقي، عن أبي الحمراء بلفظ: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في فهمه، وإلي يحيي بن زکريّا في زهده، وإلي موسي بن عمران في بطشه، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

وأخرج الخوارزمي أيضاً [في ص39] بإسناده من طريق ابن مردويه، عن الحارث الاعور صاحب راية علي بن أبي طالب، قال: بلغنا أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) کان في جمع من أصحابه، فقال: اُريکم آدم في علمه، ونوحاً في فهمه، وإبراهيم في حکمته، فلم يکن بأسرع من أن طلع علي (عليه السلام) ، فقال أبو بکر: يا رسول الله، أقست رجلاً بثلاثة من الرسل؟ بخ بخ لهذا الرجل، من هو يا رسول الله؟ قال النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): أو لا تعرفه يا أبا بکر؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال (صلي الله عليه وآله وسلم): هو أبو الحسن علي بن أبي طالب، فقال أبو بکر: بخ بخ لک يا أبا الحسن، وأين مثلک يا أبا الحسن.

وروي الخوارزمي أيضاً [في ص245] باسناده بلفظ: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي موسي في شدّته، وإلي عيسي في زهده، فلينظر إلي هذا المقبل فأقبل علي.

وروي ابن طلحة الشافعي المتوفّي سنة (652) في مطالب السؤول نقلاً عن کتاب فضائل الصحابه للبيهقي بلفظ: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في تقواه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي موسي في هيبته، وإلي عيسي في عبادته، فلينظر إلي علي بن ابي طالب.

ثمّ قال ابن أبي طلحة: فقد أثبت النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) لعلي بهذا الحديث علماً يشبه علم آدم، وتقوي تشبه تقوي نوح، وحلماً يشبه حلم إبراهيم، وهيبة تشبه هيبة موسي، وعبادة تشبه عبادة عيسي، وفي هذا تصريح لعلي بعلمه وحلمه وهيبته وعبادته، وتعلو هذه الصفات إلي أوج العلي، حيث شبهه بهؤلاء الانبياء المرسلين في الصفات المذکورة والمناقب المعدودة.

وأخرج الحافظ أبو عبد الله الکنجي الشافعي في کتابه کفاية الطالب [ص45]باسناده إلي ابن عبّاس، قال: بينما رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) جالس في جماعة من أصحابه إذ أقبل علي (عليه السلام) فلمّا بصر به رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قال: من أراد منکم أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في حکمته، وإلي إبراهيم في حلمه، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

ثمّ قال الکنجي: تشبيهه لعلي بآدم في علمه لانّ الله علّم آدم صفة کل شيء کما قال عزّوجلّ: (وعلّم آدم الاسماء کلّها) [البقرة: 31] فما من شيء ولا حادثة إلاّ وعند علي فيها علم، وله في استنباط معناها فهم.

وشبّهه بنوح في حکمته ـ وفي روايه: في حکمه ـ وکأنّه أصحّ لانّ عليّاً کان شديداً علي الکافرين رؤوفاً بالمؤمنين، کما وصفه الله تعالي في القرآن الکريم بقوله (والذين معه أشدّاء علي الکفّار رحماء بينهم) [الفتح: 29] وأخبر الله عزّوجل عن شدّة نوح علي الکافرين بقوله (ربّ لا تذر علي الارض من الکافرين ديّارا) [نوح: 26].

وشبّهه في الحلم بابراهيم خليل الرحمن، کما وصفه عزّوجلّ بقوله: (انّ ابراهيم لاوّاه حليم) [التوبة: 114] فکان علي (عليه السلام) متخلّقاً بأخلاق الانبياء، متّصفاً بصفات الاصفياء.

وروي أبو العبّاس محبّ الدين الطبري المتوفي سنة (694) في کتابه الرياض النضرة [2: 218] بلفظ: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في فهمه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي يحيي بن زکريّا في زهده، وإلي موسي بن عمران في بطشه، فلينظر إلي علي بن أبي طالب. قال: أخرجه القزويني والحاکمي.

وفيه أخرج أيضاً عن ابن عبّاس بلفظ: من أراد أن ينظر إلي إبراهيم في حلمه، وإلي نوح في حکمه، وإلي يوسف في جماله، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

قال: أخرجه الملاّ في سيرته.

وروي القاضي عضد الدين الايجي الشافعي المتوفّي سنة (756) في کتابه المواقف [3: 276] بلفظ: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في تقواه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي موسي في هيبته، وإلي عيسي في عبادته، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

وروي الصفوري في نزهة المجالس [2: 240] قال النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في فهمه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي موسي في زهده، وإلي محمّد في بهائه، فلينظر إلي علي بن أبي طالب. ذکره ابن الجوزي.

وفيما ذکره الرازي في تفسيره کما في الغدير [3: 360]: من أراد أن يري آدم في علمه، ونوحاً في طاعته، وإلي إبراهيم في خلقه، وموسي في قربه، وعيسي في صفوته، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

وروي إمام المعتزلة ابن أبي الحديد في کتابه شرح نهج البلاغة [2: 449]في الخبر الرابع بلفظ: من أراد أن ينظر إلي نوح في عزمه، وإلي آدم في علمه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي موسي في فطنته، وإلي عيسي في زهده، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

وقال [في ص236] في الکتاب المذکور: روي المحدّثون عنه (عليه السلام) أنّه قال: من أراد أن ينظر إلي نوح في عزمه، وموسي في علمه، وعيسي في ورعه، فلينظر إلي علي بن أبي طالب، ثمّ قال: وبالجملة فحاله في العلم حال رفيع جدّاً، لم يلحقه أحد فيها ولا قاربه، وحقّ له أن يصف نفسه بأنّه معادن العلم وينابيع الحکمة، فلا أحد أحقّ به منها بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم).

وأخرج إبن المغازلي الشافعي في المناقب [ص212 برقم: 256] مسنداً عن أنس بن مالک، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): من أراد أن ينظر إلي علم آدم، وفقه نوح، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

قال ابن مکّي کما في مناقب ابن شهرآشوب [3: 265 ط. ايران]:


فإن يکن آدم من قبل الوري
نبيّ وفي جنّة عدن داره


فإنّ مولاي علي ذو العلي
من قبله ساطعة أنواره


تاب علي آدم من ذنوبه
بخمسة وهو بهم اجارَه


وإن يکن نوح بني سفينة
تنجيه من سيل طمي تياره


فإنّ مولاي علي ذو العلي
سفينة ينجي بها أنصارَه


وإن يکن ذو النون ناجي حوته
في اليمّ لما کضّه حُضّاره


ففي جَلنَدي للانام عبرة
يعرفها من دلّه اختياره


رُدّت له الشمس بأرض بابل
والليل قد تجلّلت أستاره


وإن يکن موسي رعي مجتهداً
عشرًا إلي أن شفّه انتظاره


وسار بعد ضُرّه بأهله
حتّي علت بالواديين نارُه


فإنّ مولاي علي ذو العلي
زوّجه واختار من يختاره


وإن يکن عيسي له فضيلة
تدهش من أدهشه انبهاره


من حملته اُمّه ما سجدت
للات بل شغلها استغفارُه


وروي القندوزي الحنفي في کتابه ينابيع المودة [ص214] عن أبي الحمراء مرفوعاً: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في عزمه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي موسي في بطشه، وإلي عيسي في زهده، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

وروي أيضاً عن ابن عبّاس مرفوعاً: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في حکمه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي موسي في هيبته، وإلي عيسي في زهده، فلينظر إلي علي بن أبي طالب.

وروي في [ص312] بلفظ: من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في عزمه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي موسي في فطنته، وإلي عيسي في زهده، فلينظر إلي علي بن أبي طالب، وقال: رواه أحمد والبيهقي.

وأمّا ما أشار إليه بعض الشعراء والاُدباء في الباب الذي نحن بصدده، فقد عقد له الحافظ الشهير بابن شهرآشوب في کتابه القيّم مناقب آل أبي طالب [3: 40 و58 ط. النجف و3: 245 و 256 ط. ايران] وإليک شطراً منه:

قال المفجع البصري:


وله من صفات إسحاق حال
صار في فضلها لاسحاق سيّا


صبره اذيتل للذبح حتّي
ظلّ بالکبش عندها مفديّا


وکذا استسلم الوصي لاسيا
ف قريش إذ بيّتوه عشيّا


فوقي ليلة الفراش أخاه
بأبي ذاک واقيا ووليّا


وله أيضاً:


من أبيه ذي الايدي إسما
عيل شبه ما کان عني خفّيا


أنّه عاون الخليل علي الکعبة
إذ شاد رکنها المبنيّا


ولقد عاون الوصيّ حبيب
الله ان يغسلان منه الصفيّا


کان مثل الذبيح في الصبر والتسـ
ـليم سمحاً بالنفس ثمّ سخيا


وله أيضاً:


وله من نعوت يعقوب نعت
لم أکن فيه ذا شکوک عتيّا


کان أسباطه کأسباط يعقوب
وإن کان نجرهم نبويّا


أشبهوهم في الباس والعزّة والعلم
فافهم إن کنت ندباً ذکيّا


کلّهم فاضل وحاز حسين
واخوه بالسبق فضلاً سنيّا


وقال آخر:


کان داود سيف طالوت حتّي
هزم الخيل واستباح العديّا


وعلي سيف النبيّ بسلع
يوم أهوي بعمرو المشرفيّا


فتوليّ الاحزاب عنه وخلوا
کبشهم ساقطاً بحال کديّا


أنبأ الوحي انّ داود کا
ن بکفّيه صانعاً هالکيّا


وعلي من کسب کفيه قد أعـ
ـتق ألفاً بذاک کان جزيّا