امره بالمعروف ونهيه عن المنكر











امره بالمعروف ونهيه عن المنکر



قال: خطب الناس، وقال: أيّها الناس مروا بالمعروف، وانهوا عن المنکر، فإنّ الامر بالمعروف، والنهي عن المنکر لا يقرّب أجلاً، ولا يؤخّر رزقاً.

وذکروا أنه توضّأ مع الناس في ميضأة المسجد، فزحمه رجل فرمي به، فأخذ الدرّة فضربه، ثم قال له: ليس هذا لما صنعت بي، ولکن يجيء من هو أضعف منّي فتفعل به مثل هذا فتضمن.

ثمّ إقامته الحدود ولو علي نفسه وولده، وقد أحجم الناس عن غير واحد من أهل الشرف والنباهة، وأقدم هو عليهم باقامة الحدود، فهل سمع أحد أنّ شريفاً أقام عليه أحد حدّاً غيره؟ منهم: عبيد الله بن عمر بن الخطّاب، ومنهم: قدامة بن مظعون، ومنهم: الوليد بن عقبة بن أبي معيط، شربوا الخمر فأحجم الناس عنهم وانصرفوا، وضربهم بيده حيث خشي أن تعطّل الحدود.

ثم ترک الکتمان علي ابنته اُم کلثوم أهدي بعض الاُمراء لابنته اُمّ کلثوم عنبراً، فصعد(عليه السلام) المنبر، فقال: أيّها الناس، إنّ اُمّ کلثوم بنت علي خانتکم عنبراً، وايم الله لو کانت سرقته لقطعتها من حيث أقطع نساءکم.

ثمّ القرآن وما يوجد فيه من مغازي النبيّ(صلي الله عليه وآله وسلم) ممّا نزل من القرآن وفضائله، وما يحدث الناس مما قام به رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) من مناقبه التي لا تحصي.

ثمّ أجمعوا أنـّه لم يرد علي رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) کلمة قطّ، ولم يکعّ عن موضع بعثه، وکان يخدمه في أسفاره ويملا رواياه وقربه، ويضرب خباءه، ويقوم علي رأسه بالسيف حتّي يأمره بالقعود والانصراف، ولقد بعث غير واحد في استعذاب ماء من الجحفة، وغلظ عليهم الماء فانصرفوا ولم يأتوا بشيء، ثمّ توجّه هو بالراوية، فأتاه بماء مثل الزلال واستقبله أرواح، فأعلم بذلک رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم)، فقال: ذلک جبرئيل في ألف، وميکائيل في ألف، ويتلوه إسرافيل في ألف.

قال السيّد الحميري:


ذاک الذي سلّم في ليلة
عليه ميکال وجبريل


ميکال في ألف وجبريل في
ألف ويتلوهم سرافيل


ثم قال: دخل الناس عليه قبل أن يستشهد بيوم، فشهدوا جميعاً أنـّه قد وفّر فيئهم، وظلف عن دنياهم، ولم يرتش في إجراء أحکامهم، ولم يتناول من بيت مال المسلمين ما يساوي عقالاً، ولم يأکل من مال نفسه إلاّ قدر البلغة، وشهدوا جميعاً أنّ أبعد الناس منهم بمنزلة أقربهم منه.

هذا آخر کتاب ابن دأب والحمد لله والمنّة وصلّي الله علي محمّد وآله.