اغاثته المظلوم











اغاثته المظلوم



ثمّ الدفع عن المظلوم وإغاثة الملهوف، قال: ذکر الکوفيّون أن سعيد بن القيس الهمداني رآه يوماً في شدّة الحرّ في فناء حائط، فقال: يا أمير المؤمنين بهذه الساعة؟ قال(عليه السلام): ما خرجت إلاّ لاُعين مظلوماً، أو اُغيث ملهوفاً، فبينا هو کذلک إذ أتته امرأة قد خلع قلبها لا تدري أين تأخذ من الدنيا، حتّي وقفت عليه، فقالت: يا أمير المؤمنين ظلمني زوجي وتعدّي عليّ وحلف ليضربني فاذهب معي إليه، فطأطأ رأسه، ثمّ رفعه وهو يقول: لا والله حتّي يؤخذ للمظلوم حقّه غير متعتع وأين منزلک؟ قالت: في موضع کذا کذا، فانطلق معها حتّي انتهت الي منزلها، فقالت: هذا منزلي.

قال: فسلّم فخرج شاب عليه إزار ملوّنة، فقال(عليه السلام): اتّق الله، فقد أخفت زوجتک، فقال: وما أنت وذاک؟ والله لاُحرقنّها بالنار لکلامک. قال: وکان(عليه السلام)إذا ذهب إلي مکان أخذ الدرّة بيده، والسيف معلّق تحت يده، فمن حلّ عليه حکمٌ بالدرّة ضربه، ومن حلّ عليه حکم بالسيف عاجله، فلم يعلم الشاب إلاّ وقد اُصلت السيف، وقال له: آمرک بالمعروف، وأنهاک عن المنکر وتردّ المعروف؟! تب وإلاّ قتلتک!

قال: وأقبل الناس من السکک يسألون عن أمير المؤمنين(عليه السلام) حتّي وقفوا عليه، قال: فاُسقط في يد الشاب ـ أي: ندم علي فعله ـ وقال: يا أمير المؤمنين! اعف عنّي عفا الله عنک، والله لاکونن أرضاً تطأني، فأمرها بالدخول إلي منزلها، وانکفأ وهو يقول: لا خير في کثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس، الحمد لله الذي أصلح بي بين مرأة وزوجها، يقول الله تبارک وتعالي: (لا خير في کثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلک ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً)النساء: 114.

ثم المروءة وعفة البطن والفرج وإصلاح المال، فهل رأيتم أحداً ضرب الجبال بالمعاول فخرج منها مثل أعناق الجزُر کلما خرجت عنق قال: بشّر الوارث، ثم يبدو له فيجعلها صدقة بتلة.

ثم ترک الوهن والاستکانة أنه انصرف(عليه السلام) من اُحد وبه ثمانون جراحة، يدخل الفتائل من موضع ويخرج من موضع، فدخل عليه رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) عائداً، وهو مثل المضغة علي نطع، فلمّا رآه رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) بکي فقال له: إنّ رجلاً يصيبه هذا في الله لحقّ علي الله أن يفعل به ويفعل، فقال(عليه السلام) مجيباً له وبکي: بأبي أنت واُمّي، الحمد الله الذي لم يرني ولّيت عنک ولا فررت، بأبي واُمّي کيف حرمت الشهادة؟ قال(صلي الله عليه وآله وسلم): إنّها من ورائک إن شاء الله.

قال: فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم): إنّ أبا سفيان قد أرسل موعدة بيننا وبينهم حمراء الاسد، فقال(عليه السلام): بأبي أنت واُمّي والله لو حملت علي أيدي الرجال ما تخلّفت عنک، قال: فنزل القرآن (وکأيّن من نبيّ قاتل معه ربّيّون کثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استکانوا والله يحبّ الصابرين)آل عمران: 145 ونزلت الاية فيه قبلها (وما کان لنفس أن تموت إلاّ باذن الله کتاباً مؤجّلاً ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الاخرة نؤته منها وسنجزي الشاکرين)آل عمران: 144.