صرامته











صرامته



قال قيل: فالصرامة؟ قال انصرف(عليه السلام) من حربه فعسکر في النخيلة، وانصرف الناس إلي منازلهم واستأذنوه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، کلّت سيوفنا، ونصلت أسنّة رماحنا، فأذن لنا ننصرف فنعيد بأحسن من عدّتنا، وأقام هو بالنخيلة، وقال: إنّ صاحب الحرب الارق الذي لا يتوجّد من سهر ليله وظمأ نهاره، ولا فقد نسائه وأولاده، فلا الذي انصرف فعاد فرجع إليه، ولا الذي أقام فثبت معه في عسکره أقام.

فلمّا رأي ذلک دخل الکوفة، فصعد المنبر، فقال: لله أنتم! ما أنتم إلاّ أسد الشري في الدعة، وثعالب روّاغة، ما أنتم برکن يصال به، ولا زوافر عز يفتقر إليها، أيّها المجتمعة أبدانهم، والمختلِفة أهواؤهم، ما عزّت دعوة من دعاکم، ولا استراح قلب من قاساکم، مع أيّ إمام بعدي تقاتلون، وأيّ دار بعد دارکم تمنعون، فکان في آخر حربه أشد أسفاً وغيظاً، وقد خذله الناس.