علي وصيّ رسول الله و وارثه











علي وصيّ رسول الله و وارثه



فيما أخبر صلوات الله عليه وعلي آله، أنّ له وصيّاً ووارثاً، کما قد کان للانبياء والرسل (عليهم السلام) قبله أوصياء وورثاء، وکان وصيّه يعسوب الدين، وإمام المتّقين، وقاتل الناکثين والقاسطين والمارقين، والذي کان للمسلمين سيّداً، وللغرّ المحجلين قائداً، فکما کان (صلي الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيّين والمرسلين، کان وصيّه خاتم الوصيّين، کما رواه الائمّة الثقات من المحدّثين علي اختلاف مذاهبهم، فمنهم: القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة [ص29] عن موفّق بن أحمد بسنده أخرج حديث الوصيّة لعلي کرّم الله وجهه، عن بريدة، قال: قال النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم): لکلّ نبيّ وصيّ ووارث، وإنّ عليّاً وصيّي ووارثي، ورواه أيضاً في [ص233].

وروي أيضاً عن موفّق بن أحمد الخوارزمي الحنفي بسنده عن اُمّ سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): إنّ الله اختار من کلّ نبيّ وصيّاً، وعلي وصيّي في عترتي وأهل بيتي واُمّتي بعدي.

وروي أيضاً ما أخرجه الحمويني عن أبي ذرّ، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): أنا خاتم النبيّين، وعلي خاتم الوصيين إلي يوم الدين.

وروي أيضاً عن الخوارزمي الحنفي، عن غياث بن ابراهيم، عن جعفر الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) ، عن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) قال: نزل جبريل صبيحة يوم فرحاً مستبشراً، وقال: قرّت عيني بما أکرم الله أخاک ووصيّک وامام امّتک علي بن أبي طالب، قلت: وبما أکرم الله أخي؟ قال: باهي الله سبحانه بعبادته البارحة ملائکته وحملة عرشه، وقال: اُنظروا إلي حجّتي في أرضي، کيف عفر خدّه في التراب خاضعاً لعظمتي، اُشهدکم أنّه إمام خلقي ومولي بريّتي.

وروي أيضاً ما أخرجه الخوارزمي بسند عن الاعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس (رضي الله عنه) ، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): إنّ يوم القيامة ما فيه راکب إلاّ أربعة: أنا علي البراق، وأخي صالح (عليه السلام) علي ناقته التي عقرها قومه، وعمّي حمزة أسد الله علي ناقته العضباء، وعلي بن أبي طالب علي ناقة من نوق الجنّة، مديحة الجبين، عليه حلّتان خضراوان من حلل الجنّة من کسوة الرحمن، علي رأسه تاج من نور، لذلک التاج سبعون ألف رکن، وعلي کلّ رکن ياقوتة حمراء، تضيء مسيرة ثلاث أيّام بسير الراکب، وبيده لواء الحمد، وينادي علي: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، فيقول الخلائق: من هذا؟ أهو ملک مقرّب؟ أم نبيّ مرسل؟ أم حامل عرش ربّ العالمين؟ فينادي مناد من العرش: هذا علي وصيّ محمّد (صلي الله عليه وآله وسلم).

وروي أيضاً في [ص248] عن ابن عبّاس، قال: دعاني رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ، فقال لي: اُبشّرک أنّ الله تعالي أيّدني بسيّد الاوّلين والاخرين والوصيّين علي، فجعله کفؤ ابنتي، فإن أردت أن تنتفع فاتبعه.

وذکر السيّد مرتضي الحسيني الفيروزآبادي في کتابه القيم فضائل الخمسة [2: 27] ما أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد [9: 146] قال: عن أبي الطفيل، قال: خطبنا الحسن بن علي فحمد الله، وأثني عليه، وذکر أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) خاتم الاوصياء، ووصيّ الانبياء، وأمين الصدّيقين والشهداء.

ثمّ قال: أيّها الناس لقد فارقکم رجل ما سبقه الاوّلون ولايدرکه الاخرون، لقد کان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يعطيه الراية فيقاتل، جبريل عن يمينه، وميکائيل عن يساره، ولا يرجع حتّي يفتح الله علي يديه، ولقد قبضه الله في الليلة التي قبض فيها وصيّ موسي (عليه السلام) ، وعرج بروحه في الليلة التي عرج فيها بروح عيسي بن مريم (عليه السلام) ، وفي الليلة التي أنزل الله فيها الفرقان، والله ما ترک ذهباً ولا فضّة، وما في بيت ماله إلاّ سبعمئة وخمسون درهماً، فضلت من عطائه، أراد بها أن يشتري خادماً لاُمّ کلثوم.

ثمّ قال: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمّد (صلي الله عليه وآله وسلم) ، ثمّ تلا هذه الاية قول يوسف (واتّبعتُ مِلّةَ آبائي إبراهيمَ وإسحاقَ ويَعقُوبَ) الي آخر الحديث.

قال: رواه الطبراني في الاوسط والکبير باختصار، وأبو يعلي باختصار، والبزار بنحوه، ورواه أحمد باختصار کثير، وبعض طرق البزار والطبراني في الکبير حسان، ورواه الحاکم في المستدرک [3: 172].

وروي أيضاً عن الهيثمي في مجمع الزوائد [9: 113] قال: وعن سلمان، قال: قلت: يا رسول الله لکلّ نبيّ وصيّ فمن وصيّک؟ فسکت عنّي، فلمّا کان بعدُ رآني فقال: يا سلمان، فأسرعت إليه، قلت: لبّيک. قال: تعلم من وصيّ موسي (عليه السلام) ؟ قلت: نعم، يوشع بن نون. قال: لم؟ قلت: لانّه کان أعلمهم يومئذ. قال: فإنّ وصيّي وموضع سرّي وخير من أترکه بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب. قال: رواه الطبراني.

وقال المؤلّف: وذکره ابن حجر العسقلاني أيضاً في تهذيب التهذيب [3: 106] قال: عن أنس، عن سلمان، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): هذا وصيّي وموضع سرّي، وخير من أترک بعدي.

وذکره المتّقي أيضاً في کنز العمّال [6: 154] ولفظه: إنّ وصيّي وموضع سرّي وخير من أترک بعدي، وينجز عدّتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب.

قال: أخرجه الطبراني، عن ابن سعد، عن سلمان.

وذکر أيضاً عمّا ذکره المحبّ الطبري في الرياض النضرة [2: 178] عن أنس، قال: قلنا لسلمان: من وصيّه؟ فقال سلمان: يا رسول الله من وصيّک؟ قال: يا سلمان من کان وصيّ موسي؟ قال: يوشع بن نون، قال: فإنّ وصيّي ووارثي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب.

وروي فيه أيضاً ما ذکره المتّقي في کتابه کنز العمّال [6: 153].

قال (صلي الله عليه وآله وسلم) لفاطمة: أما علمت أنّ الله عزّوجلّ اطّلع علي أهل الارض، فاختار منهم اباک، ثمّ اطّلع الثانية فاختار بعلک، فأوحي إليّ فأنکحتکه واتّخذته وصيّاً.

ثمّ قال: أخرجه الطبراني عن أبي أيّوب وقال المؤلّف: وذکره الهيثمي في مجمع الزوائد [8: 253] وقال: رواه الطبراني.

وفيه أيضاً عن کنز العمّال [6: 392] قال: عن علي (عليه السلام) ، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يا بني عبد المطّلب، قد جئتکم بخير الدنيا والاخرة، وقد أمرني الله أن أدعوکم إليه، فأيّکم يؤازرني علي هذا الامر علي أن يکون أخي ووصيّي وخليفتي فيکم؟ فأحجم القوم عنها جميعاً. قلت: يا نبي الله أکون وزيرک عليه، فأخذ برقبتي، ثمّ قال: هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيکم، فاسمعوا له وأطيعوا.

قال: أخرجه ابن جرير الطبري.

وفيها أيضاً ما رواه أبو نعيم في حلية الاولياء [1: 63] روي بسنده عن أنس، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يا أنس، اُسکب لي وضوءاً، ثمّ قام فصلّي رکعتين. ثمّ قال: يا أنس، أوّل من يدخل عليک من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيّد المؤمنين، وقائد الغرّ المحجّلين، وخاتم الوصيّين، قال أنس: قلت: اللهمّ اجعله رجلاً من الانصار وکتمته، إذ جاء علي (عليه السلام) فقال: من هذا يا أنس؟ فقلت: علي، فقام (صلي الله عليه وآله وسلم) مستبشراً فاعتنقه، ثمّ جعل يمسح عرق وجهه بوجهه، ويمسح عرق علي بوجهه، قال علي: يا رسول الله، لقد رأيتک صنعت شيئاً ما صنعت بي من قبل. قال (صلي الله عليه وآله وسلم): وما يمنعني وأنت تؤدّي عنّي، وتسمعهم صوتي، وتبيّن لهم ما اختلفوا بعدي؟

قال أبو نعيم: رواه جابر الجعفي عن أبي الطفيل، عن أنس نحوه.

أقول: ورواه امام المعتزله في شرح النهج [2: 450] في الخبر التاسع، وقال: رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الاولياء.

قال الخليل بن أحمد علي ما في مناقب المازندراني [3: 24 ط. النجف و3: 225 ط. إيران]:


الله ربّي والنبيّ محمّد
حيّيا الرسالة بّين الاسباب


ثمّ الوصيّ وصيّ أحمد بعده
کهف العلوم بحکمة وصواب


فاق النظير ولانظير لقدره
وعلا علي الخلان والاصحاب


بمناقب ومآثر ما مثلها
في العالمين لعابد توّاب


وبنوه أولاد النبيّ المرتضي
أکرم بهم من شيخة وشباب


ولفاطم صلّي عليهم ربّنا
لقديم أحمد ذي النهي الاوّاب


وفي [1: 308 ط. النجف و2: 27 ط. ايران] قال العوني:


تخيّره الله من خلقه
فحمّله الذکر وهو الخبير


وأنزل بالسور المحکمات
عليه کتاب مبين منير


وأغشاه نوراً وناداه قم
فأنذر فأنت البشير النذير


فلاح الهدي واضمحلّ العمي
وولي الضلال وعيف الغرور


فوصّي عليّاً فنعم الوصّي
ونعم الوليّ ونعم النصير


وفي [2: 309 ط. النجف] قال دعبل:


سقياً لبيعة أحمد ووصيّه
أعني الامام وليّنا المحسودا


أعني الذي نصر النبيّ محمّداً
قبل البريّة ناشياً ووليدا


أعني الذي کشف الکروب ولم يکن
في الحرب عند لقائها رعديدا


أعني الموحّد قبل کلّ موحّد
لا عابداً وثناً ولا جلمودا


وقال القندوزي في ينابيع المودّة [ص80]: وفي المناقب عن جعفر الصادق عن آبائه (عليهم السلام) ، قال: کان علي (عليه السلام) يري مع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قبل الرسالة الضوء، ويسمع الصوت، وقال له (صلي الله عليه وآله وسلم): لو لا أنّي خاتم الانبياء لکنت شريکاً في النبوّة فإن لم تکن نبيّاً فإنّک وصيّ نبيّ ووارثه، بل أنت سيّد الاوصياء وإمام الاتقياء.

وقال أيضاً علي ما في [ص81]: وفي المناقب عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في بعض خطبه: أيّها الناس أنا إمام البريّة، ووصيّ خير الخليقة، وأبو العترة الطاهرة الهادية، أنا أخو رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ووصيّه ووليّه وصفيّه وحبيبه، أنا أمير المؤمنين، وقائد الغرّ المحجّلين، وسيّد الوصيّين، حربي حرب الله، وسلمي سلم الله، وطاعتي طاعة الله، وولايتي ولاية الله، وأتباعي أولياء الله، وأنصاري أنصار الله.

وذکر فيه أيضاً عن المناقب بالسند عن جعفر الصادق عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين (عليهم السلام) ، قال: بلغ اُمّ سلمة رضي الله عنها أنّ موليً لها ينتقص عليّاً کرّم الله وجهه، فأرسلت اليه، فأتي إليها، وقالت له: يا بني، اُحدّثک بحديث سمعته من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم). قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يا اُمّ سلمة، اسمعي فاشهدي، هذا علي أخي في الدنيا والاخرة، وحامل لوائي في الدنيا والاخرة، وحامل لواء الحمد غداً في القيامة، وهذا علي وصيّي وقاضي عداتي، والذائد عن حوضي المنافقين، يا اُمّ سلمة، هذا علي سيّد المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، وقاتل الناکثين والقاسطين والمارقين. قلت: يا رسول الله، من الناکثون؟ قال: الذين يبايعونه في المدينة وينکثون بالبصرة. قلت: من القاسطون؟ قال: ابن أبي سفيان وأصحابه من أهل الشام. قلت: من المارقون؟ قال: أهل النهروان. فقال مولاها: فجزاک الله عنّي، لا أسبّه أبداً.

وأخرج ابن المغازلي الشافعي في مناقبه [ص200] بسنده عن عبد الله بن بريدة، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): لکلّ نبيّ وصيّ ووارث، وإنّ وصيّي ووارثي علي بن أبي طالب.

قال المحقّق للکتاب في ذيل الکتاب: أخرجه الخطيب الخوارزمي في المناقب [ص50] عن شريک بعين السند واللفظ. وأخرجه الطبري في ذخائر العقبي [ص71]. وأخرجه الحافظ البغوي في معجم الصحابة. وأخرجه الکنجي الشافعي في کفاية الطالب [ص260].

أقول: وقد ذکره الذهبي في ميزان الاعتدال [2: 273] وطعن في سنده، ولکن أيّ عاقل مستقيم يلتفت إلي قوله، لکثرة طرق الحديث واعتضاده بکثير من حديث الوصيّة. والله أعلم.