وصاية الإمام في أدب صدر الإسلام











وصاية الإمام في أدب صدر الإسلام



400- تاريخ اليعقوبي عن حسّان بن ثابت- في وصف الإمام عليّ عليه السلام في أوائل

[صفحه 121]

خلافة أبي بکر-:


حفظت رسول الله فينا وعهده
إليک ومن أولي به منک من ومن؟


ألست أخاه في الإخا ووصيه
وأعلم فهر[1] بالکتاب و بالسنن؟[2] .


401- تاريخ الطبري عن الفضل بن عباس:


ألا إن خير الناس بعد محمد
وصي النبي المصطفي عند ذي الذکر


وأول من صلي وصنو نبيه
وأول من أردي الغواة لدي بدر[3] .


402- شرح نهج البلاغة: ومما رويناه من الشعر المقول في صدر الإسلام المتضمن کونه عليه السلام وصي رسول الله قول عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب:


ومنا علي ذاک صاحب خيبر
وصاحب بدر يوم سالت کتائبه


وصي النبي المصطفي وابن عمه
فمن ذا يدانيه ومن ذا يقاربه!


وقال عبد الرحمن بن جعيل:


لعمري لقد بايعتم ذا حفيظة
علي الدين معروف العفاف موفقا


عليا وصي المصطفي وابن عمه
وأول من صلي أخا الدين والتقي


وقال أبو الهيثم بن التيهان- وکان بدريا-:


قل للزبير وقل لطلحة إننا
نحن الذين شعارنا الأنصار

[صفحه 122]

نحن الذين رأت قريش فعلنا
يوم القليب[4] اولئک الکفار


کنا شعار نبينا ودثاره
يفديه منا الروح والأبصار


إن الوصي إمامنا وولينا
برح الخفاء وباحت الأسرار


وقال عمر بن حارثة الأنصاري، وکان مع محمد ابن الحنفية يوم الجمل، وقد لامه أبوه عليه السلام لما أمره بالحملة فتقاعس:[5] .


أبا حسن أنت فصل الامور
يبين بک الحل والمحرم


جمعت الرجال علي راية
بها ابنک يوم الوغي مقحم


ولم ينکص المرء من خيفة
ولکن توالت له أسهم


فقال رويدا ولا تعجلوا
فإني إذا رشقوا مقدم


فأعجلته والفتي مجمع
بما يکره الوجل المحجم[6] .


سمي النبي وشبه الوصي
ورايته لونها العندم[7] .


وقال رجل من الأزد يوم الجمل:


هذا علي وهو الوصي
آخاه يوم النجوة النبي


وقال هذا بعدي الولي
وعاه واع ونسي الشقي


وخرج يوم الجمل غلام من بني ضبة شاب معلم[8] من عسکر عائشة، وهو يقول:

[صفحه 123]

نحن بني ضبة أعداء علي
ذاک الذي يعرف قدما بالوصي


وفارس الخيل علي عهد النبي
ما أنا عن فضل علي بالعمي


لکنني أنعي ابن عفان التقي
إن الولي طالب ثأر الولي


وقال سعيد بن قيس الهمداني يوم الجمل- وکان في عسکر علي عليه السلام-:


أية حرب اضرمت نيرانها
وکسرت يوم الوغي مرانها[9] .


قل للوصي أقبلت قحطانها
فادع بها تکفيکها همدانها


هم بنوها وهم إخوانها

وقال زياد بن لبيد الأنصاري يوم الجمل- وکان من أصحاب علي عليه السلام-:


کيف تري الأنصار في يوم الکلب
إنا اناس لا نبالي من عطب


ولا نبالي في الوصي من غضب
وإنما الأنصار جد لا لعب


هذا علي وابن عبد المطلب
ننصره اليوم علي من قد کذب


من يکسب البغي فبئسما اکتسب

وقال حجر بن عدي الکندي في ذلک اليوم أيضا:


يا ربنا سلم لنا عليا
سلم لنا المبارک المضيا


المؤمن الموحد التقيا
لا خطل الرأي ولا غويا


بل هاديا موفقا مهديا
واحفظه ربي واحفظ النبيا


فيه فقد کان له وليا
ثم ارتضاه بعده وصيا


وقال خزيمة بن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين- وکان بدريا- في يوم الجمل أيضا:

[صفحه 124]

ليس بين الأنصار في جحمة[10] الحر
ب وبين العداة إلا الطعان


وقراع الکماة بالقضب البي
ض إذا ما تحطم المران


فادعها تستجب فليس من الخز
رج والأوس- يا علي- جبان


يا وصي النبي قد أجلت الحر
ب الأعادي وسارت الأظعان[11] .


واستقامت لک الامور سوي الش
ام وفي الشام يظهر الإذعان


حسبهم ما رأوا وحسبک منا
هکذا نحن حيث کنا وکانوا


وقال خزيمة أيضا في يوم الجمل:


أ عائش خلي عن علي وعيبه
بما ليس فيه؛ إنما أنت والده


وصي رسول الله من دون أهله
وأنت علي ما کان من ذاک شاهده


وحسبک منه بعض ما تعلمينه
ويکفيک لو لم تعلمي غير واحده


إذا قيل ماذا عبت منه رميته
بخذل ابن عفان وما تلک آبده[12] .


وليس سماء الله قاطرة دما
لذاک وما الأرض الفضاء بمائده[13] .


وقال ابن بديل بن ورقاء الخزاعي يوم الجمل أيضا:


يا قوم للخطة العظمي التي حدثت
حرب الوصي وما للحرب من آسي


الفاصل الحکم بالتقوي إذا ضربت
تلک القبائل أخماسا لأسداس


وقال عمرو بن احيحة يوم الجمل في خطبة الحسن بن علي عليهاالسلام بعد خطبة

[صفحه 125]

عبد الله بن الزبير:


حسن الخير يا شبيه أبيه
قمت فينا مقام خير خطيب


قمت بالخطبة التي صدع الل
-ه بها عن أبيک أهل العيوب


وکشفت القناع فاتضح الأم
-ر وأصلحت فاسدات القلوب


لست کابن الزبير لجلج في القو
ل وطاطا عنان فسل[14] مريب


وأبي الله أن يقوم بما قا
م به ابن الوصي وابن النجيب


إن شخصا بين النبي- لک الخي
-ر- وبين الوصي غير مشوب


وقال زحر بن قيس الجعفي يوم الجمل أيضا:


أضربکم حتي تقروا لعلي
خير قريش کلها بعد النبي


من زانه الله وسماه الوصي
إن الولي حافظ ظهر الولي


کما الغوي تابع أمر الغوي

ذکر هذه الأشعار والأراجيز بأجمعها أبو مخنف لوط بن يحيي في کتاب وقعة الجمل. وأبو مخنف من المحدثين، وممن يري صحة الإمامة بالاختيار، وليس من الشيعة، ولا معدودا من رجالها.

ومما رويناه من أشعار صفين التي تتضمن تسميته عليه السلام بالوصي ما ذکره نصر بن مزاحم بن يسار المنقري في کتاب صفين، وهو من رجال الحديث.

قال نصر بن مزاحم: قال زحر بن قيس الجعفي:


فصلي الإله علي أحمد
رسول المليک تمام النعم


رسول المليک ومن بعده
خليفتنا القائم المدعم

[صفحه 126]

عليا عنيت وصي النبي
نجالد[15] عنه غواة الامم[16] .


قال نصر: ومن الشعر المنسوب إلي الأشعث بن قيس:


أتانا الرسول رسول الإمام
فسر بمقدمه المسلمونا


رسول الوصي وصي النبي
له السبق والفضل في المؤمنينا[17] .


ومن الشعر المنسوب إلي الأشعث أيضا:


أتانا الرسول رسول الوصي
علي المهذب من هاشم


وزير النبي وذو صهره
وخير البرية والعالم[18] .


قال نصر بن مزاحم: من شعر أميرالمؤمنين عليه السلام في صفين:


يا عجبا لقد سمعت منکرا
کذبا علي الله يشيب الشعرا


ما کان يرضي أحمد لو اخبرا
أن يقرنوا وصيه والأبترا


شاني الرسول واللعين الأخزرا[19] .
إني إذا الموت دنا وحضرا


شمرت ثوبي ودعوت قنبرا
قدم لوائي لا تؤخر حذرا


لا يدفع الحذار ما قد قدرا
لو أن عندي- يابن حرب- جعفرا


أو حمزة القرم[20] الهمام الأزهرا
رأت قريش نجم ليل ظهرا[21] .

[صفحه 127]

وقال جرير بن عبد الله البجلي کتب بهذا الشعر إلي شرحبيل بن السمط الکندي رئيس اليمانية من أصحاب معاوية:


نصحتک يابن السمط لا تتبع الهوي
فما لک في الدنيا من الدين من بدل


ولا تک کالمجري إلي شر غاية
فقد خرق السربال[22] واستنوق الجمل[23] .


مقال ابن هند في علي عضيهة[24] .
و لله في صدر ابن أبي طالب أجل


وما کان إلا لازما قعر بيته
إلي أن أتي عثمان في بيته الأجل


وصي رسول الله من دون أهله
وفارسه الحامي به يضرب المثل[25] .


وقال النعمان بن عجلان الأنصاري:


کيف التفرق والوصي إمامنا
لا کيف إلا حيرة وتخاذلا


لا تغبنن عقولکم لا خير في
من لم يکن عند البلابل عاقلا


وذروا معاوية الغوي وتابعوا
دين الوصي لتحمدوه آجلا[26] .


وقال عبد الرحمن بن ذؤيب الأسلمي:


ألا أبلغ معاوية بن حرب
فما لک لا تهش[27] إلي الضراب!


فإن تسلم وتبق الدهر يوما
نزرک بجحفل[28] عدد التراب

[صفحه 128]

يقودهم الوصي إليک حتي
يردک عن ضلال وارتياب[29] .


وقال المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب:


يا عصبة الموت صبرا لا يهولکم
جيش ابن حرب فإن الحق قد ظهرا


وأيقنوا أن من أضحي يخالفکم
أضحي شقيّاً وأمسي نفسه خسرا


فيکم وصيّ رسول اللَّه قائدکم
وصهره وکتاب اللَّه قد نُشرا[30] .


وقال عبد اللَّه بن العبّاس بن عبد المطّلب:


وصيّ رسول اللَّه من دُون أهله
وفارسهُ إن قيل هل من مُنَازل![31] .


فَدونَکهُ إن کنت تبغي مهاجراً
أشمّ کنَصْل السيف عَيْرَ حَلاحِلِ[32] .


والأشعار التي تتضمّن هذه اللفظة [الوصيّ] کثيرة جدّاً، ولکنّا ذکرنا منها هاهنا بعض ما قيل في هذين الحزبين، فأمّا ما عداهما فإنّه يجلّ عن الحصر، ويعظم عن الإحصاء والعدّ، ولولا خوف الملالة والإضجار لذکرنا من ذلک ما يملأ أوراقاً کثيرة.[33] .



صفحه 121، 122، 123، 124، 125، 126، 127، 128.





  1. فِهْر: قبيلة؛ وهي أصل قريش (لسان العرب: 66:5).
  2. تاريخ اليعقوبي: 128:2؛ شرح نهج البلاغة: 35:6 وفيه «في الهدي» بدل «في الإخا» و «منهم» بدل «فهر».
  3. تاريخ الطبري: 426:4؛ الدرجات الرفيعة: 143.
  4. في الحديث: «أنّه صلي الله عليه و آله وقف علي قَليب بدر» القَليب: البئر لم تُطوَ (لسان العرب: 689:1).
  5. قعس: تأخّر ورجع إلي خلف (لسان العرب:177:6).
  6. أحجم عن الأمر: کفّ أو نکص هيبة (لسان العرب: 116:12).
  7. العندم: شجر أحمر، وقال بعضهم: دم الغزال (لسان العرب: 430:12).
  8. رجل مُعلِم: إذا عُلم مکانه في الحرب بعلامة أعلمَها (لسان العرب: 419:12).
  9. المُرّان: الرماح الصُّلبة اللَّدنة، واحدتها مُرّانة (لسان العرب: 403:13).
  10. جاحِم الحرب: وهو ضِيقُها وشدّتها (لسان العرب: 85:12).
  11. الظعينة: الهودج تکون فيه المرأة. وأصل الظعينة: الراحلة التي يُرحل ويُظعن عليها؛ أي يُسار (لسان العرب: 271:13).
  12. جاء بآبِدة: أي بأمر عظيم ينفر منه ويستوحش (النهاية: 13:1).
  13. ماد: تحرّک بشدّة ومنه قوله تعالي: «أَن تَمِيدَ بِکُمْ» (النحل:15) أي تضطرب بکم، وتدور بکم، وتحرّککم حرکةً شديدة (تاج العروس: 264:5).
  14. الفَسْل: الرذل النذل الذي لا مروّة له (لسان العرب: 519:11).
  15. جالدناهم بالسيوف: ضاربناهم لسان العرب: 125:3).
  16. الفصول المختارة: 270، وقعة صفّين: 18 نحوه وکلاهما عن جرير البجلي.
  17. وقعة صفّين: 23 وفيه «له الفضل والسبق...».
  18. وقعة صفّين: 24 وفيه «في العالم» بدل «والعالم» وزاد: رسول الوصيّ وصيّ النبيّ وخير البريّة من قائم.
  19. تخازر الرجل: إذا ضيّق جفنه ليُحدّد النظر، کقولک: تعامي وتجاهل (لسان العرب: 236:4).
  20. القرم من الرجال:السيّد المعظّم (لسان العرب: 473:12).
  21. وقعة صفّين: 43 نحوه.
  22. يقال للرجل المتمزّق الثياب: مُنخرق السربال (لسان العرب: 73:10).
  23. في المثل: استنوق الجمل: صار کالناقة في ذُلّها (لسان العرب: 362:10).
  24. العَضْه: القالة القبيحة؛ وهي الإفک والبهتان والنميمة (لسان العرب: 515:13).
  25. وقعة صفّين: 49 نحوه.
  26. وقعة صفّين: 365 وفيه «النضر بن عجلان الأنصاري».
  27. يقال: هشّ يهَشّ: إذا فرح به واستبشر، وارتاحَ له وخفّ (النهاية: 264:5).
  28. الجحفل: الجيش الکثير.
  29. وقعة صفّين: 382 نحوه.
  30. وقعة صفّين: 385 نحوه.
  31. وقعة صفّين: 416 وفيه «الفضل بن عبّاس».
  32. عَيْرُ القوم: سيّدهم. والحَلاحِل: جمع حُلاحِل؛ وهو السيّد في عشيرته، الشجاع الرکين (لسان العرب: 621:4 و ج 174:11).
  33. شرح نهج البلاغة: 143:1 تا 150.