الفراغ القيادي











الفراغ القيادي



لم يکن قد مرّ وقت طويل علي تأسيس الأبعاد الثقافيّة والاجتماعيّة والسياسيّة للمجتمع الذي أسّسه النبيّ صلي الله عليه و آله، ومن ثَمّ کان النبيّ القائد يمسک بنفسه أزمّة الثقافة والسياسة والقضاء في هذا المجتمع.

علي صعيد آخر حالت الحروب المتوالية وأجواء المواجهة الدائمة، دون أن يتمکّن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من تعميم ثقافة الرسالة، ونفوذ معاييرها في واقع ذلک المجتمع، وعلي مستوي جميع الأبعاد؛ فما أکثر من حمل عنوان الصحبة وهو لم يتوفّر بعدُ علي تصوّر عميق ودقيق لمبادئ الدين، ولم ينطوِ علي معرفة وافية بشخصيّة النبيّ وأبعاد الرسالة.

إنّ مجتمعاً کهذا حريّ به أن يواجه الزلزال، ويُصبح علي شفا أزمة عاصفة في اللحظة التي يختفي بها القائد، وتحيطه أجواء محمومة يکتنفها الاضطراب من کلّ جانب، مجتمع کهذا حريّ به أن يفقد قدرته علي اتّخاذ القرار الصائب، ولا يلبث أن يقع في الشباک المترصّدة، ومن ثَمّ يصير طعمة سائغة لألاعيب الساسة وأحابيلهم.

فيا تري، هل يمکن مع هذا الواقع المتردّي- الذي سجّل له التاريخ أمثلة

[صفحه 12]

عمليّة کثيرة- أن نتصوّر الرسول القائد صلي الله عليه و آله يختار السلبيّة، ويترک مثل هذا المجتمع للمجهول، ويدع تحديد مصيره إليه، دون أن يحمل همّ المستقبل!



صفحه 12.