وصايته من اللَّه











وصايته من اللَّه



366- الإمام الصادق عليه السلام: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لمّا نزل قُدَيْد[1] قال لعليّ عليه السلام: يا عليّ، إنّي سألت ربّي أن يوالي بيني وبينک ففعل، وسألت ربّي أن يؤآخي بيني وبينک ففعل، وسألت ربّي أن يجعلک وصيّي ففعل.

فقال رجلان من قريش: واللَّه لصاع من تمر في شن[2] بال أحبّ إلينا ممّا سأل محمّد ربَّه، فهلّا سأل ربّه مَلکاً يعضده علي عدوّه، أو کنزاً يستغني به عن فاقته، واللَّه ما دعاه إلي حقّ ولا باطل إلّا أجابه إليه، فأنزل اللَّه سبحانه وتعالي: «فَلَعَلَّکَ تَارِکُ م بَعْضَ مَا يُوحَي إِلَيْکَ وَ ضَآلِقُ م بِهِ ي صَدْرُکَ»- إلي آخر الآية-.[3] [4] .

[صفحه 110]

367- المناقب لابن المغازلي عن عبد اللَّه بن مسعود: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: أنا دعوة أبي إبراهيم.

قلنا: يا رسول اللَّه، وکيف صرت دعوة أبيک إبراهيم؟

قال: أوحي اللَّه عزّوجلّ إلي إبراهيم: «إِنِّي جَاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِمَامًا»[5] فاستخفّ إبراهيم الفرح قال: يا ربّ، ومن ذرّيّتي أئمّة مثلي؟ فأوحي اللَّه إليه أن يا إبراهيم؛ إنّي لا اُعطيک عهداً لا أفي لک به.

قال: يا ربّ، ما العهد الذي لا تفي لي به؟

قال: لا اُعطيک لظالم من ذرّيّتک.

قال إبراهيم عندها: «وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ × رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ کَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ».[6] .

قال النبيّ صلي الله عليه و آله: فانتهت الدعوة إليّ وإلي عليّ، لم يسجد[7] أحد منّا لصنم قطّ، فاتّخذني اللَّه نبيّاً، واتّخذ عليّاً وصيّاً.[8] .

368- رسول اللَّه صلي الله عليه و آله- لمّا أنزل اللَّه تبارک وتعالي «وَ أَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِکُمْ»-:[9] واللَّه لقد خرج آدم من الدنيا وقد عاهد قومه علي الوفاء لولده

[صفحه 111]

شيث فما وفي له، ولقد خرج نوح من الدنيا وعاهد قومه علي الوفاء لوصيّه سام فما وفت اُمّته، ولقد خرج إبراهيم من الدنيا وعاهد قومه علي الوفاء لوصيّه إسماعيل فما وفت اُمّته، ولقد خرج موسي من الدنيا وعاهد قومه علي الوفاء لوصيّه يوشع بن نون فما وفت اُمّته، ولقد رفع عيسي بن مريم إلي السماء وقد عاهد قومه علي الوفاء لوصيّه شمعون بن حمون الصفا فما وفت اُمّته. وإنّي مفارقکم عن قريب وخارج من بين أظهرکم، وقد عهدت إلي اُمّتي في عليّ بن أبي طالب وإنّها الراکبة[10] سنن من قبلها من الاُمم في مخالفة وصيّي وعصيانه، ألا وإنّي مجدّد عليکم عهدي في عليّ، فمن نکث فإنّما ينکث علي نفسه «وَ مَنْ أَوْفَي بِمَا عَهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا».[11] .

أيّها الناس! إنّ عليّاً إمامکم من بعدي، وخليفتي عليکم، وهو وصيّي، ووزيري، وأخي، وناصري، وزوج ابنتي، وأبو ولدي، وصاحب شفاعتي وحوضي ولوائي، من أنکره فقد أنکرني، ومن أنکرني فقد أنکر اللَّه عزّوجلّ، ومن أقرّ بإمامته فقد أقرّ بنبوّتي، ومن أقرّ بنبوّتي فقد أقرّ بوحدانيّة اللَّه عزّوجلّ.

أيّها الناس! من عصي عليّاً فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصي اللَّه عزّوجلّ، ومن أطاع عليّاً فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع اللَّه.

أيّها الناس! من ردَّ علي عليّ في قول أو فعل فقد ردّ عليَّ، ومن ردَّ عليَّ فقد ردَّ علي اللَّه فوق عرشه.

أيّها الناس! من اختار منکم علي عليٍّ إماماً فقد اختار عليَّ نبيّاً، ومن اختار

[صفحه 112]

عليَّ نبيّاً فقد اختار علي اللَّه عزّوجلّ ربّاً.

أيّها الناس! إنّ عليّاً سيّد الوصيّين، وقائد الغرِّ المحجّلين، ومولي المؤمنين، وليّه وليّي، ووليّي وليُّ اللَّه، وعدوّه عدوّي، وعدوّي عدوّ اللَّه.

أيّها الناس! أوفوا بعهد اللَّه في عليٍّ يوف لکم في الجنّة يوم القيامة.[12] .

369- عنه صلي الله عليه و آله- لفاطمة عليهاالسلام-: أما علمتِ أنّ اللَّه عزّوجلّ اطّلع إلي أهل الأرض فاختار منهم أباک فبعثه نبيّاً، ثمّ اطّلع الثانية فاختار بعلک، فأوحي إليّ، فأنکحته واتّخذته وصيّاً؟[13] .

370- عنه صلي الله عليه و آله: إنّ اللَّه عزّوجلّ أنزل قطعة من نور فأسکنها في صُلب آدم، فساقها حتي قسمها جزأين: جزءاً في صلب عبد اللَّه، وجزءاً في صلب أبي طالب، فأخرجني نبيّاً وأخرج عليّاً وصيّاً.[14] .

[صفحه 113]

371- عنه صلي الله عليه و آله: لمّا عرج بي إلي السماء، وبلغت سدرة المنتهي[15] ناداني ربّي جلّ جلاله فقال: يا محمّد. فقلت: لبّيک سيّدي. قال: إنّي ما أرسلت نبيّاً، فانقضت أيّامه إلّا أقام بالأمر بعده وصيّه؛ فاجعل عليّ بن أبي طالب الإمام والوصيّ من بعدک؛ فإنّي خلقتکما من نورٍ واحد، وخلقتُ الأئمّة الراشدين من أنوارکما، أتحبّ أن تراهم يا محمّد؟ قلت: نعم يا ربّ. قال: ارفع رأسک، فرفعت رأسي، فإذا أنا بأنوار الأئمّة بعدي؛ اثنا عشر نوراً! قلت: يا ربّ، أنوار مَن هي؟ قال: أنوار الأئمّة بعدک؛ اُمناء معصومون.[16] .

372- الإمام عليّ عليه السلام- في احتجاجه مع الخوارج-: أمّا قولکم: إنّي کنت وصيّاً فضيّعت الوصيّة؛ فإنّ اللَّه عزّوجلّ يقول: «وَلِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن کَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَلَمِينَ»[17] أفرأيتم هذا البيت، لو لم يحجج إليه أحد کان البيت يکفر؟ إنّ هذا البيت لو ترکه من استطاع إليه سبيلاً کفر، وأنتم کفرتم بترککم إيّاي، لا أنا کفرت بترکي لکم.[18] .

373- عنه عليه السلام- في احتجاجه مع الخوارج-: أمّا قولکم: کنت وصيّاً فضيّعت الوصاية؛ فأنتم کفرتم وقدّمتم عليَّ غيري، وأزلتم الأمر عنّي، ولم أکُ کفرت بکم، وليس علي الأوصياء الدعاء إلي أنفسهم؛ فإنّما تدعو الأنبياء إلي أنفسهم، والوصيّ مدلول عليه مستغنٍ عن الدعاء إلي نفسه، ذلک لمن آمن باللَّه ورسوله،

[صفحه 114]

وقد قال اللَّه تعالي: «وَلِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» فلو ترک الناس الحجّ لم يکن البيت ليکفر بترکهم[19] إيّاه، ولکن کانوا يکفرون بترکه؛ لأنّ اللَّه تبارک وتعالي قد نصبه لهم عَلَماً، وکذلک نصبني عَلَماً، حيث قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «يا عليّ، أنت بمنزلة الکعبة؛ يؤتي إليها ولا تأتي».[20] .



صفحه 110، 111، 112، 113، 114.





  1. قُدَيد: اسم موضع قرب مکّة (معجم البلدان: 313:4).
  2. الشَّنّ: الخَلَقُ من کلّ آنية صُنعت من جلد، وجمعها شِنان (لسان العرب: 241:13).
  3. هود: 12 وبقيّتها: «أَن يَقُولُواْ لَوْلَآ أُنزِلَ عَلَيْهِ کَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ و مَلَکٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلَي کُلِّ شَيْ ءٍ وَکِيلٌ».
  4. الکافي: 572:378:8 عن عمّار بن سويد.
  5. البقرة: 124.
  6. إبراهيم: 35 و 36.
  7. في المصدر: «نسجد»، والصحيح ما أثبتناه کما في المصادر الاُخري.
  8. المناقب لابن المغازلي: 322:276؛ الأمالي للطوسي: 811:379، کشف اليقين: 518:408، نهج الحقّ: 180 عن ابن عبّاس وفيه من «قال النبيّ صلي الله عليه و آله:فانتهت الدعوة...». راجع: القسم العاشر: الخصائص العقائديّة/لم يکفر باللَّه طرفة عين.
  9. البقرة: 40.
  10. کذا في المصدر، وفي بحارالأنوار: «لَراکبة».
  11. الفتح: 10.
  12. معاني الأخبار: 1:372 عن ابن عبّاس، بحارالأنوار: 81:129:38.
  13. المعجم الکبير: 4046:171:4، المناقب للخوارزمي: 122:112 کلاهما عن أبي أيّوب الأنصاري و ص 279:290، المناقب لابن المغازلي: 188:151 کلاهما عن ابن عبّاس، الفصول المهمّة: 292؛ الإرشاد: 36:1، شرح الأخبار: 51:122:1 والثلاثة الأخيرة عن أبي سعيد الخدري و ص 43:118، الأمالي للطوسي: 256:155 کلاهما عن أبي أيّوب الأنصاري، الأمالي للصدوق: 709:524، الفضائل لابن شاذان: 102، المناقب للکوفي: 1100:595:2 والثلاثة الأخيرة عن ابن عبّاس، إعلام الوري: 317/1 کلّها نحوه.
  14. المناقب لابن المغازلي: 132:89 عن جابر بن عبد اللَّه و ص 130:88، الفردوس: 2952:191:2 وفيهما «وفي عليّ الخلافة» بدل «وأخرج عليّاً وصيّاً»، ينابيع المودّة: 8:47:1 وفيه «في عليّ الإمامة» والثلاثة الأخيرة عن سلمان و ج 875:307:2 عن عثمان881:308 عن الإمام عليّ عليه السلام عنه صلي الله عليه و آله وفيه «وفيک الوصيّة والإمامة»؛ مدينة المعاجز: 203:322:1 عن أنس وفيه «وفي عليّ الولاية والوصيّة» وکلّها نحوه.
  15. السدر شجرٌ معروف والتاء للوحدة، والمنتهي- کأنّه- اسم مکان، ولعلّ المراد به منتهي السماوات... وقد فسّر في الروايات أيضاً بأنّها شجرةٌ فوق السماء السابعة (الميزان في تفسير القرآن: 31:19).
  16. کفايةالأثر: 110 عن واثلة بن الأسقع.
  17. آل عمران: 97.
  18. تاريخ اليعقوبي: 192:2، المناقب لابن المغازلي: 460:413 عن بشر الخثعمي نحوه.
  19. في المصدر «بترکه» والصحيح ما أثبتناه کما في الاحتجاج.
  20. المسترشد: 131:394، الاحتجاج: 102:445:1 وزاد فيه «أنت منّي بمنزلة هارون من موسي» قبل «أنت بمنزلة الکعبة». راجع: القسم التاسع/ عليّ عن لسان النبيّ/ المکانة السياسيّة والاجتماعيّة/ مثله مثل الکعبة.