سند الحديث











سند الحديث



حديث الغدير من أبرز الأحاديث النبويّة وأکثرها شهرة، صرّح بصحّته بل بتواتره عدد کبير من المحدّثين والعلماء.[1] علي سبيل المثال: نقل ابن کثير عن الذهبي: «وصدر الحديث (من کنت مولاه فعليّ مولاه) متواتر، أتيقّن أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قاله».[2] .

وقال الذهبي في رسالته: حديث «من کنت مولاه فعليّ مولاه» ممّا تواتر، وأفاد القطع بأنّ الرسول صلي الله عليه و آله قاله، رواه الجمّ الغفير والعدد الکثير من طرقٍ

[صفحه 63]

صحيحة، وحسنة، وضعيفة، ومطّرحة، وأنا أسوقها:....[3] .

وقد أحصي العلّامة الأميني مائة وعشرة من أعاظم الصحابة رووا الحديث، ثمّ ذکر في نهاية الجولة أنّ من فاته منهم أکثر من ذلک بکثير.[4] .

أمّا المحقّق الراحل السيّد عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله فقد ذکر في هامش علي کلام صاحب الغدير، أنّ هناک عدداً آخر من الصحابة رووا الحديث، قد استوفاهم في کتابه «علي ضفاف الغدير».[5] .

ثمَّ في موسوعة «الغدير» فهرس کبير تقصّي رواة حديث الغدير من التابعين.

أمّا العالم الغيور السيّد حامد حسين الهندي الذي أمضي عمره دفاعاً عن الولاية وحريم التشيّع بمثابرة عجيبة ومن دون تعب أو کلل، فقد خصّص جزءاً کبيراً من موسوعته الخالدة «عبقات الأنوار» لحديث الغدير، حيث کشف فيه عن أسانيد الحديث تفصيلاً، وضبط طرقه ورواته،[6] ثمّ استوفي الکلام في نقد من ذهب إلي عدم تواتر الحديث، کاشفاً خطل هذه الدعوي وعدم صوابها بأدلّة دامغة وافية.[7] .

علي ضوء هذه المعطيات يبدو أنّ الکلام عن سند الحديث وصحّته هو من فضول الکلام، وممّا لا جدوي من ورائه. لذلک کلّه سنکتفي بشهادات عدد من

[صفحه 64]

المحدّثين، قبل أن نترک هذه النقطة إلي بُعد آخر من أبعاد البحث:

ذکر الحاکم النيسابوري الحديث في موضع من «المستدرک علي الصحيحين»، ثمّ کتب بعد ذلک: «هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يُخرجاه».[8] .

کما قال في موضع آخر بعد نقل الحديث: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه».[9] .

أمّا الترمذي فقد ذکر بعد أن نقل الحديث في «السنن»: «هذا حديث حسن صحيح».[10] .

وعند ترجمة الذهبي لابن جرير الطبري، کتب: «لمّا بلغه- ابن جرير- أنّ ابن أبي داود تکلّم في حديث غدير خمّ، عمل کتاب الفضائل، وتکلّم علي تصحيح الحديث. قلت: رأيت مجلّداً من طرق الحديث لابن جرير، فاندهشت له ولکثرة تلک الطرق».[11] .

وکتب ابن حجر: «وأمّا حديث: من کنت مولاه فعليّ مولاه، فقد أخرجه الترمذي والنسائي، وهو کثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها ابن عقدة في کتاب مفرد، وکثير من أسانيدها صحاح حسان».[12] .

[صفحه 65]

أمّا کتاب ابن عقدة الموسوم ب «حديث الولاية» فقد کان متداولاً بين العلماء حتي القرن الهجري العاشر تقريباً، وعنه کتب السيّد ابن طاووس يقول: «وقد روي فيه نصّ النبيّ صلوات اللَّه عليه علي مولانا عليّ عليه السلام بالولاية من مائة وخمس طرق».[13] [14] .

ممّن أتي علي نقل الحديث أيضاً ابن عساکر؛ حيث ذکره في مواضع عدّة من مصنّفه العظيم، ويکفيک أنّه ذکر له عشرات الطرق في موضع واحد فقط.[15] .

وعلي النهج ذاته مضي عدد کبير من المحدّثين والمفسّرين والعلماء.

أفبعد هذا کلّه، يجوز الشکّ في صدور الحديث أو في طرقه؟! إنّ من يفعل هذا إنّما ينزلق إليه عن استکبار وعتوّ ورغبة في مناهضة الحقّ الصراح، لا لشي ء آخر.



صفحه 63، 64، 65.





  1. راجع: نفحات الأزهار: 377:6.
  2. البداية والنهاية: 214:5.
  3. رسالة طرق حديث «من کنت مولاه فعليّ مولاه» للذهبي: 11.
  4. الغدير: 60:1.
  5. هذا الکتاب مخطوط ولم يطبع حتي الآن، راجع: هامش الغدير (طبعة مرکز الغدير للدراسات الإسلاميّة): 144:1.
  6. راجع: نفحات الأزهار: ج 6 تا 9.
  7. نفحات الأزهار: 377:6 تا 415.
  8. المستدرک علي الصحيحين: 4576:118:3.
  9. المستدرک علي الصحيحين: 6272:613:3.
  10. سنن الترمذي: 3713:633:5.
  11. تذکرةالحفّاظ: 728:713:2. ولمزيد الاطّلاع حول کتاب الطبري وأهمّيته راجع: کتاب «الغدير في التراث الإسلامي»: 35.
  12. فتح الباري: 74:7.
  13. الإقبال: 240:2.
  14. راجع: کتاب «الغدير في التراث الإسلامي»: 45، حيث توفّر المؤلّف علي بيان أهمّية کتاب ابن عقدة وتأثيره في الکتب التالية له بدقّة کافية.
  15. راجع: تاريخ دمشق: 204:42 تا 238.