احاديث الإمارة











احاديث الإمارة



حثّ القرآن جميع المؤمنين ودعاهم بصراحة تامّة إلي إطاعة «اُولي الأمر»؛[1] حيث جعل إطاعة هؤلاء واتّباعهم رديفاً لإطاعة اللَّه وإطاعة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله. والسؤال: من هم مصداق «اُولي الأمر»؟ أفيجوز أنّ نعدّ الطغاة والجبّارين المحترفين- الذين يتسنّمون السلطة متّخذين جماجم الأبرياء سلّماً يرقون به إلي مسند العرش- مصداقاً لاُولي الأمر؟ أبداً لا يجوز هذا.

فلا ريب أنّ مصداق «اُولي الأمر» ينطبق علي اُولئک الذين يعيشون حياتهم علي نهج نبوي وضّاء، ويبذلون وجودهم للَّه، وفي سبيل اللَّه، ويُفنون أعمارهم من أجل إعلاء کلمة الحقّ، وبسط العدالة في ربوع الحياة. وهذا أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب يتبوّأ من هذا العنوان ذروته العليا، ويقف علي أقصي نقطة من قمّته الشاهقة، کما تفصح عن ذلک الکثير من الأحاديث النبويّة؛ تلک النصوص الوضّاءة الموحية التي تبعث علي الدهشة والجلال.

دعونا نتخطّي ذلک إلي ما هو أبعد منه مديً وأعمق أثراً؛ فهذا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله اختصّ عليّ بن أبي طالب وحده بلقب «أميرالمؤمنين»؛ فلا يحقّ هذا اللقب لأحدٍ غيره قط کما نصّ علي ذلک صراحة النهي النبوي.

ولدينا فيض من النصوص التي تتحدّث عن هذا المعني، وهي من الکثرة بحيث صنّف من بعضها السيّد الأجلّ، قدوةالسالکين، واُسوةالعابدين وجمال

[صفحه 32]

العارفين رضي الدين عليّ بن طاووس الحلّي کتاباً أطلق عليه عنوان: «اليقين باختصاص مولانا علي عليه السلام بإمرة المؤمنين»، والملاحظ أنّ هذه الأحاديث النبويّة تذکر الإمام عليّ بلقب «أميرالمؤمنين» مرّة، ولقب «أميرالبررة» ثانية، و«أميرکلّ مؤمن بعد وفاتي» ثالثة.[2] .

وهذا الإمام الحسن عليه السلام يشرط علي معاوية في معاهدة الصلح أن لايتسمّي ب «أميرالمؤمنين» ولا يُطلق علي نفسه هذا اللقب.[3] .

[صفحه 33]



صفحه 32، 33.





  1. إشارة إلي الآية 59 من سورة النساء.
  2. راجع: أحاديث الإمارة، وکتاب «اليقين باختصاص مولانا علي عليه السلام بإمرة المؤمنين».
  3. علل الشرائع: 2:212.