انفاذ جيش اُسامة











انفاذ جيش اُسامة



910- الطبقات الکبري عن عروة بن الزبير: کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قد بعث اُسامة وأمره أن يُوطِئ الخيلَ نحو البَلْقاء[1] حيث قُتل أبوه وجعفر، فجعل اُسامة وأصحابه يتجهّزون وقد عسکر بالجُرْف،[2] فاشتکي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وهو علي ذلک، ثمّ وجد من نفسه راحةً فخرج عاصباً رأسه، فقال: أيّها الناس! أنفذوا بَعْث اُسامة- ثلاث مرّات- ثمّ دخل النبيّ صلي الله عليه و آله فاستُعِزَّ[3] به، فتوفّي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.[4] .

[صفحه 396]

911- الطبقات الکبري عن ابن عمر: إنّ النبيّ صلي الله عليه و آله بعث سريّةً فيهم أبو بکر وعمر، واستعمل عليهم اُسامة بن زيد، فکان الناس طعنوا فيه- أي في صغره- فبلغ ذلک رسولَ اللَّه صلي الله عليه و آله، فصعد المنبر، فحمد اللَّه وأثني عليه، وقال: إنّ الناس قد طعنوا في إمارة اُسامة، وقد کانوا طعنوا في إمارة أبيه من قبله، وإنّهما لخليقان لها، وإنّه لمن أحبّ الناس إليّ آلاً، فاُوصيکم باُسامة خيراً![5] .

912- الطبقات الکبري عن حَنَش: سمعت أبي يقول: استعمل النبيّ صلي الله عليه و آله اُسامة بن زيد وهو ابن ثماني عشرة سنة.[6] .

913- أنساب الأشراف: کان في جيش اُسامة: أبو بکر، وعمر، ووجوه من المهاجرين والأنصار.[7] .

914- المغازي- في ذکر جيش اُسامة-: ولم يبقَ أحد من المهاجرين الأوّلين إلّا انتدب في تلک الغزوة؛ عمر بن الخطّاب، وأبو عبيدة بن الجرّاح، وسعد بن أبي وقّاص.[8] .

915- دلائل النبوّة للبيهقي: کان اُسامة بن زيد قد تجهّز للغزو، وخرج في نقله

[صفحه 397]

إلي الجُرْف، فأقام تلک الأيّام بشکوي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وکان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قد أمّره علي جيشٍ عامّتهم المهاجرون، فيهم عمر بن الخطاب.[9] .

916- الطبقات الکبري عن عروة: في الجيش الذي استعمله [النبيُّ صلي الله عليه و آله] عليهم: أبو بکر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجرّاح.[10] .

917- شرح نهج البلاغة: دخل اُسامة من معسکره يوم الإثنين؛ الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل، فوجد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ومُفيقاً، فأمره بالخروج وتعجيل النفوذ، وقال: اغدُ علي برکة اللَّه، وجعل يقول: «أنفِذوا بعث اُسامة» ويکرّر ذلک، فودّع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وخرج ومعه أبو بکر وعمر، فلمّا رکب جاءه رسول اُمّ أيمن فقال: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يموت، فأقبل ومعه أبو بکر وعمر وأبو عبيدة.[11] .

918- الطبقات الکبري عن هشام بن عروة: مرض رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فجعل يقول في مرضه: أنفِذوا جيش اُسامة، أنفِذوا جيش اُسامة.[12] .

[صفحه 398]

919- رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: جهِّزوا جيش اُسامة، لعن اللَّه من تخلّف عنه![13] .

920- الإرشاد:... فلمّا سَلَّم [ النبيُّ صلي الله عليه و آله من الصلاة ]انصرف إلي منزله، واستدعي أبا بکر وعمر وجماعةً ممّن حضر المسجد من المسلمين، ثمّ قال: ألم آمُر أن تُنفِذوا جيش اُسامة؟ قالوا: بلي يا رسول اللَّه. قال: فلِم تأخّرتم عن أمري؟ فقال أبو بکر: إنّني کنت خرجت ثمّ عدت لاُجدّد بک عهداً. وقال عمر: يا رسول اللَّه، لم أخرج لأنّني لم اُحبّ أن أسأل عنک الرکب.

فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: فأنفِذوا جيش اُسامة، فأنفِذوا جيش اُسامة- يکرّرها ثلاث مرّات- ثمّ اُغمي عليه من التعب الذي لحقه والأسَف،[14] فمکث هُنَيْهة مغميً عليه، وبکي المسلمون، وارتفع النحيب من أزواجه وولده والنساء المسلمات ومن حضر من المسلمين.[15] .

921- الإرشاد: عقد [النبيُّ صلي الله عليه و آله] لاُسامة بن زيد بن حارثة الإمرة، وندبه أن يخرج بجمهور الاُمّة إلي حيث اُصيب أبوه من بلاد الروم، واجتمع رأيه صلي الله عليه و آله علي إخراج جماعة من متقدّمي المهاجرين والأنصار في معسکره؛ حتي لا يبقي في المدينة عند وفاته صلي الله عليه و آله من يختلف في الرئاسة، ويطمع في التقدّم علي الناس بالإمارة، ويستتبّ الأمر لمن استخلفه من بعده، ولا ينازعه في حقّه منازع، فعقد له الإمرة علي من ذکرناه.

[صفحه 399]

وجدَّ- عليه وآله السلام- في إخراجهم، فأمر اُسامةَ بالبروز عن المدينة بمعسکره إلي الجُرْف، وحثّ الناسَ علي الخروج إليه والمسير معه، وحذّرهم من التَّلوُّم[16] والإبطاء عنه.

فبينا هو في ذلک، إذ عَرضت له الشَّکاةُ[17] التي توفّي فيها.[18] .

922- السيرة النبويّة عن عروة بن الزبير وغيره: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله استبطأ الناس في بَعْث اُسامة بن زيد وهو في وجعه، فخرج عاصباً رأسه حتي جلس علي المنبر- وقد کان الناس قالوا في إمرة اُسامة: أمَّرَ غلاماً حَدَثاً علي جِلَّة المهاجرين والأنصار!- فحمد اللَّه وأثني عليه بما هو له أهل، ثمّ قال: أيّها الناس! أنفِذوا بعث اُسامة، فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله، وإنّه لخليق للإمارة، وإن کان أبوه لخليقاً لها!

ثمّ نزل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وانکَمَش[19] الناس في جهازهم، واستَعزَّ برسول اللَّه صلي الله عليه و آله وجعُه، فخرج اُسامة وخرج جيشه معه حتي نزلوا الجُرْف- من المدينة علي فرسخ- فضرب به عسکره، وتَتامَّ[20] إليه الناس، وثَقُل[21] رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فأقام

[صفحه 400]

اُسامةُ والناس لينظروا ما اللَّه قاضٍ في رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.[22] .

923- الإمام عليّ عليه السلام: أمر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بتوجيه الجيش الذي وجّهه مع اُسامة ابن زيد عند الذي أحدث اللَّه به من المرض الذي توفّاه فيه، فلم يَدَع النبيّ أحداً من أفناء[23] العرب، ولا من الأوس والخزرج وغيرهم من سائر الناس ممّن يخاف علي نقضه ومنازعته، ولا أحداً ممّن يراني بعين البغضاء ممّن قد وترتُه بقتل أبيه أو أخيه أو حميمه، إلّا وجّهه في ذلک الجيش، ولا من المهاجرين والأنصار والمسلمين وغيرهم والمؤلّفة قلوبهم والمنافقين؛ لتصفو قلوب من يبقي معي بحضرته، ولئلّا يقول قائل شيئاً ممّا أکرهه، ولا يدفعني دافع من الولاية والقيام بأمر رعيّته من بعده.

ثمّ کان آخر ما تکلّم به في شي ء من أمر اُمّته أن يمضي جيش اُسامة، ولا يتخلّف عنه أحد ممّن اُنهض معه، وتقدّم في ذلک أشدّ التقدّم، وأوعَزَ[24] فيه أبلغ الإيعاز، وأکّد فيه أکثر التأکيد.

فلم أشعر بعد أن قُبض النبيّ صلي الله عليه و آله إلّا برجال من بعث اُسامة بن زيد وأهل عسکره قد ترکوا مراکزهم، وأخلوا مواضعهم، وخالفوا أمر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فيما أنهضهم له وأمرهم به وتقدّم إليهم؛ من ملازمة أميرهم، والسيرِ معه تحت لوائه، حتي ينفذ لوجهه الذي أنفذه إليه!

[صفحه 401]

فخلّفوا أميرهم مقيماً في عسکره، وأقبلوا يتبادرون علي الخيل رکضاً إلي حلّ عقدة عقدها اللَّه عزّ وجلّ لي ولرسوله صلي الله عليه و آله في أعناقهم فحلّوها، وعهدٍ عاهدوا اللَّه ورسوله فنکثوه! وعقدوا لأنفسهم عقداً ضجّت به أصواتهم، واختصّت به آراؤهم، من غير مناظرة لأحد منّا بني عبد المطّلب، أو مشارکة في رأي، أو استقالة[25] لما في أعناقهم من بيعتي![26] .

[صفحه 403]



صفحه 396، 397، 398، 399، 400، 401، 403.





  1. البَلْقاء: کورة من أعمال دمشق بين الشام ووادي القُري، قصبتها عَمّان (معجم البلدان: 489:1).
  2. الجُرْف: موضع علي ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام (معجم البلدان: 128:2).
  3. أي اشتَدَّ به المرض وأشرَفَ علي الموت (النهاية:228:3).
  4. الطبقات الکبري: 248:2 وراجع تاريخ اليعقوبي: 113:2 وإعلام الوري: 263:1.
  5. الطبقات الکبري: 249:2 و ج 66:4، صحيح البخاري: 3524:1365:3، السيرة النبوية لابن هشام: 299:4 عن عروة بن الزبير وغيره، تاريخ دمشق: 2092:60:8 و ص 2097:62 عن عروة، شرح نهج البلاغة: 159:1؛ الاحتجاج: 36:173:1 عن أبي المفضّل محمّد بن عبد اللَّه الشيباني عن رجاله وکلّها نحوه.
  6. الطبقات الکبري: 66:4، صحيح البخاري: 4198:1620:4 عن سالم عن أبيه وليس فيه «وهو ابن ثماني عشرة سنة»، تاريخ دمشق: 64:8 و ص 51 عن مصعب بن عبد اللَّه الزبيري.
  7. أنساب الأشراف: 115:2 وراجع شرح نهج البلاغة: 52:6 والدرجات الرفيعة: 442.
  8. المغازي: 1118:3.
  9. دلائل النبوّة للبيهقي: 200:7، کنز العمّال: 30265:571:10 نقلاً عن ابن عساکر عن عروة نحوه.
  10. الطبقات الکبري: 68:4، تاريخ دمشق: 63:8، شرح نهج البلاغة: 52:6 عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن؛ المناقب لابن شهر آشوب: 176:1 عن معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام، إعلام الوري: 263:1 والثلاثة الأخيرة نحوه.
  11. شرح نهج البلاغة: 160:1.
  12. الطبقات الکبري: 67:4، تاريخ دمشق: 2098:62:8 و ص 2101:65 عن عروة، شرح نهج البلاغة: 160:1 نحوه؛ الاحتجاج: 604:1 عن الإمام عليّ عليه السلام وفيه «وکان آخر ما عهد به في أمر اُمّته قوله: أنفذوا جيش اُسامة، يکرّر علي أسماعهم إيجاباً للحجّة عليهم في إيثار المنافقين علي الصادقين»، المناقب لابن شهر آشوب: 176:1 عن معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام.
  13. الملل والنحل: 23:1، شرح نهج البلاغة:52:6 عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن وفيه «أنفذوا بعث اُسامة...»؛ الرواشح السماويّة: 140.
  14. الأَسَف: المبالغة في الحُزْن والغَضَب (لسان العرب: 5:9).
  15. الإرشاد: 183:1، إعلام الوري: 265:1 نحوه.
  16. التَّلَوُّم: الإنتظار والتَّلَبُّث (لسان العرب: 557:12).
  17. الشَّکاة: المَرَض (النهاية: 497:2).
  18. الإرشاد: 180:1.
  19. اِنْکَمَشَ في هذا الأمر: أي تَشَمَّرَ وجَدَّ (النهاية: 200:4).
  20. تَتامُّوا: أي جاؤوا کُلُّهم وتَمُّوا. وفي الحديث: «تَتامَّتْ إليه قُريش» أي أجابَتْهُ وجاءَتْهُ مُتَوافِرَة مُتَتابِعة (تاج العروس: 79:16).
  21. ثَقُلَ الرجُلُ: اشتَدَّ مرَضُه (لسان العرب: 88:11).
  22. السيرة النبويّة لابن هشام: 299:4 وراجع تاريخ الطبري: 184:3 و ص 186 والکامل في التاريخ: 5:2.
  23. أي لم يُعْلَم مِمَّن هو (النهاية: 477:3).
  24. الوَعْز: التَّقْدِمة في الأمر والتَّقَدُّمُ فيه (لسان العرب: 429:5).
  25. تَقايَلَ البَيِّعان: تَفاسَخا صَفْقَتَهما. وتکون الإقالَةُ في البَيْعة والعهد. والاستِقالَة: طلَب الإِقالَة (لسان العرب: 579:11 و ص 580).
  26. الخصال: 58:371 عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام، الاختصاص: 170 عن جابر عن أبي جعفر عن محمّد ابن الحنفيّة، شرح الأخبار: 315:346:1 عن محمّد بن سلام بإسناده عنه عليه السلام نحوه.