وصف مشهد النصّ بالولاية











وصف مشهد النصّ بالولاية



ويُنسق علي ما تقدّم من وصف الموضع تاريخياً وصف حادثة الولاية بخطواتها المتسلسلة والمترتّب بعضها علي بعض لتکتمل أمام القارئ الکريم الصورة للحادثة التي أعطت هذا الموضع الشريف أهمّيّته کمَعْلَم مهمّ من معالم السيرة النبويّة المقدّسة، وتتلخّص بالتالي:

1- وصول الرکب النبوي بعد منصرفه من حجّة الوداع إلي موضع غدير خُمّ ضحي نهار الثامن عشر من شهر ذي الحجّة الحرام من السنة الحادية عشرة للهجرة.

فعن زيد بن أرقم: «لَمّا حجّ رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم حجّة الوداع، وعاد قاصداً المدينة قام بغدير خُمّ- وهو ماء بين مکّة والمدينة- وذلک في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة الحرام».[1] .

2- ولأنّ هذا الموضع کان مفترق الطرق المؤدّية إلي المدينة المنوّرة، والعراق، والشام، ومصر، تفرّق الناس عن رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم متّجهين وجهة أوطانهم، فأمر صلي الله عليه و سلم عليّاً عليه السلام أن يجمعهم بردّ المتقدّم وانتظار المتأخّر.

ففي حديث جابر بن عبد اللَّه الأنصاري: «إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله نزل بخُمّ فتنحّي

[صفحه 379]

الناس عنه... فأمر عليّاً فجمعهم».[2] .

وفي حديث سعد: «کنّا مع رسول اللَّه فلمّا بلغ غدير خُمّ وقف للناس، ثم ردّ من تقدّم، ولحق من تخلّف».[3] .

3- ونزل الرسول قريباً من خمس سَمُرات دوحات متقاربات، ونهي أن يُجلَس تحتهنّ.

يقول زيد بن أرقم: «نزل رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم بين مکّة والمدينة عند سَمُرات خمس دوحات عظام».[4] .

وفي حديث عامر بن ضمرة وحذيفة بن اُسيد، قالا: «لَمّا صدر رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم من حجّة الوداع، ولم يحجّ غيرها، أقبل حتي إذا کان بالجحفة نهي عن شجرات بالبطحاء متقاربات لا ينزلوا تحتهنّ».[5] .

4- ثم أمر صلي الله عليه و سلم أن يُقمّ ما تحت تلکم السمرات من شوک، وأن تشذّب فروعهنّ المتدلّية، وأن ترشّ الأرض تحتهنّ.

ففي حديث زيد بن أرقم: «قام بالدوحات فقمَّ ما تحتهنّ من شوک».[6] .

وفي حديثه الآخر: «أمر رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم بالشجرات فقُمَّ ما تحتها، ورُشّ».[7] .

[صفحه 380]

وفي حديث عامر بن ضمرة وحذيفة بن اُسيد: «فقُمَّ ما تحتهنّ وشُذِّبْنَ عن رؤوس القوم».[8] .

5- وبعد أن نزلت الجموع منازلها وأخذت أماکنها، أمر صلي الله عليه و سلم مناديه أن ينادي: «الصلاةَ جامعةً».

يقول حبّة بن جوين العرني البجلي: «لَمّا کان يوم غدير خُمّ دعا النبيّ صلي الله عليه و سلم: (الصلاة جامعة) نصف النهار...».[9] .

وفي حديث زيد المتقدّم: «فأمر بالدوحات فقُمَّ ما تحتهنّ من شوک ثم نادي: الصلاة جامعةً».

6- وبعد أن تکاملت الصفوف للصلاة جماعة، قام صلي الله عليه و سلم إماماً بين شجرتين من تلکم السمرات الخمس.

يقول عامر و حذيفة في حديثهما المتقدّم: «حتي إذا نودي للصلاة غدا إليهنّ فصلّي تحتهنّ».

وفي رواية الإمام أحمد عن البراء بن عازب: قال: «کنّا مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في سفر، فنزلنا بغدير خُمّ، فنودي فينا: الصلاة جامعة، وکُسح لرسول اللَّه صلي الله عليه و سلم تحت شجرتين، فصلّي الظهر».[10] .

7- وظُلِّلَ لرسول اللَّه صلي الله عليه و سلم عن الشمس أثناء صلاته بثوب، عُلّق علي إحدي الشجرتين.

ففي رواية الإمام أحمد حديث زيد من أرقم: «وظُلِّل لرسول اللَّه صلي الله عليه و سلم بثوب

[صفحه 381]

علي شجرة سمرة من الشمس».[11] .

8- وکان ذلک اليوم هاجراً شديد الحرّ. يقول زيد بن أرقم: «فخرجنا إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم في يوم شديد الحرّ، وإنّ منّا من يضع بعض ردائه علي رأسه، وبعضه علي قدمه من شدّة الرمضاء».[12] .

9- وبعد أن انصرف صلي الله عليه و سلم من صلاته، أمر أن يصنع له منبر من أقتاب الإبل.[13] .

10- ثم صعد صلي الله عليه و سلم المنبر متوسّداً يد عليّ عليه السلام.

يقول جابر في حديثه المتقدّم: «فأمر عليّاً فجمعهم، فلمّا اجتمعوا قام فيهم وهو متوسّد يد عليّ بن أبي طالب».

11- وخطب صلي الله عليه و سلم خطبته...

12- «ثم طفق القوم يهنّئون أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه، وممّن هنّأه في مقدّم الصحابة: الشيخان أبو بکر وعمر، کلٌّ يقول: بخٍ بخٍ لک يابن أبي طالب! أصبحتَ وأمسيتَ مولاي ومولي کلّ مؤمن ومؤمنة».[14] .

13- وقال ابن عبّاس: «وَجَبَتْ- واللَّه- في أعناق القوم»؛[15] يعني بذلک البيعة بالولاية والإمرة والخلافة.

14- ثم استأذن الرسولَ شاعرُه حسّانُ بن ثابت في أن يقول شعراً في

[صفحه 382]

المناسبة....[16] .



صفحه 379، 380، 381، 382.





  1. الفصول المهمّة: 39.
  2. المناقب لابن المغازلي: 37:25.
  3. خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 96:177 وفيه «کنّا مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله... فلمّا بلغ غدير خمّ وقف الناس ثمّ ردّ من مضي ولحقه من تخلّف».
  4. المستدرک علي الصحيحين: 4577:118:3 وفيه «شجرات» بدل «سمرات».
  5. الغدير: 46:1، جواهر العقدين: 237.
  6. کشف الغمة: 48:1، الغدير: 36:1.
  7. المعجم الکبير: 5128:212:5.
  8. الغدير: 46:1، جواهر العقدين: 237.
  9. اسد الغابة: 1031:669:1.
  10. مسند ابن حنبل: 18506:401:6.
  11. مسند ابن حنبل: 19344:86:7.
  12. الغدير: 36:1 وراجع کشف الغمة: 48:1 ؛ المناقب لابن المغازلي: 23:16.
  13. جامع الأخبار: 48؛ الغدير: 10:1.
  14. راجع: التهنئة القياديّة.
  15. الطرائف: 184:121، بحارالأنوار: 67:180:37.
  16. راجع: أبيات حسّان بن ثابت.