احاديث الوراثة











احاديث الوراثة



ألِفَ الذهن الإنساني علي الدوام عناوين «الإرث» و «الميراث» و «الوراثة»، بحيث استوعبت هذه الحقيقة الاُمور الماديّة والمعنويّة، والناس تُظهر دهشتها- في العادة- لإنسان يسکت عن کيفيّة التصرّف بترکته من بعده، وما يترکه الناس يتمثّل تارة بالاُمور المادّية واُخري بالاُمور والمواريث المعنويّة.

لقد جرت سنّة الإرث، وتواضع الطبع الإنساني في هذا المجال علي وجود الوارث والمؤتمن، من دون أن يُنکر ذلک أحد، بل التقي الناس علي امتداح هذه السنّة مهما کانت انتماءاتهم الحضاريّة والثقافيّة والفکريّة.

فتعالوا الآن لننظر ماذا فعل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بميراثه العظيم ، وهو خاتم النبيّين، وحامل آخر رسالات السماء، ومبلّغ دين أبديّ يترامي امتداداً فوق حدود المکان والزمان. إلامَ عَهِد بأمر هذا الدين من بعده؟ هل أوصي اللَّه سبحانه رسوله الکريم أن يعهد بالأمر إلي شخص محدّد؟

إنّ أخبار «الوراثة» ونصوصها هي جواب جليّ علي هذا السؤال المهمّ؛ فقد راح رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يُخبر تارة بأنّ اختيار الوارث هي سنّة جري عليها جميع النبيّين قبله، ومن ثَمّ يتحتّم عليه بوصفه خاتم المرسلين والحلقة الأخيرة في نبوّات السماء، أن يختار وارثه، کما تحدّث اُخري وبصراحة علي أنّ وراثته تکمن بالإمامة والعلم.

وهذا الموقع هو ما أکّد عليه الصحابة أيضاً منذ ذلک العصر؛ حيث صاروا

[صفحه 27]

يُظهرون کلام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وتصريحه بهذه الحقيقة في مناسبات ومواضع ومناسبات مختلفة، کما کانوا أحياناً يُشيرون في کلامهم إلي عليّ بن أبي طالب بموقع الوراثة ومقام الوارث، من ذلک: سأل عبد الرحمن بن خالد قثم بن العبّاس: من أين ورث عليّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؟ قال: إنّه کان أوّلنا به لحوقاً، وأشدّنا به لزوقاً.

لقد ضمّ فصل «أحاديث الوراثة» النصوص الروائيّة والتاريخيّة التي تفصح عن هذه الحقيقة من کتب الفريقين، وهي تُشير إلي الکلمات النبويّة التي ذکر فيها رسول اللَّه صلي الله عليه و آله صراحة أنَّ عليّاً وارثه؛ وارث علمه وخزانته ومکنون معرفته، ومن ثَمّ فهو بالضرورة إمام الاُمّة ورمز مرجعيّتها الفکريّة والسياسيّة.[1] .

[صفحه 28]



صفحه 27، 28.





  1. راجع: أحاديث الوراثة.