عيد الغدير في الإسلام











عيد الغدير في الإسلام



884- رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: يوم غدير خُمّ أفضل أعياد اُمّتي وهو اليوم الذي أمرني اللَّه تعالي ذکره فيه بنصب أخي عليّ بن أبي طالب عَلَماً لاُمّتي، يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أکمل اللَّه فيه الدين، وأتمّ علي اُمّتي فيه النعمة، و رضي لهم الإسلام ديناً.[1] .

[صفحه 340]

885- الإمام الحسين عليه السلام: اتّفق في بعض سِنِيّ أميرالمؤمنين عليه السلام الجمعة والغدير، فصعد المنبر علي خمس ساعات من نهار ذلک اليوم فحمد اللَّه وأثني عليه حمداً لم يُسمع بمثله، وأثني عليه ثناء لم يتوجّه إليه غيره، فکان ما حفظ من ذلک...:

ثمّ إنّ اللَّه تعالي جمع لکم معشرَ المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين کبيرين لا يقوم أحدهما إلّا بصاحبه؛ ليکمل عندکم جميل صنيعته، ويقفکم علي طريق رشده، ويقفو بکم آثار المستضيئين بنور هدايته، ويشملکم منهاج قصده، ويوفّر عليکم هني ء رفده، فجعل الجمعة مجمعاً ندب إليه لتطهير ما کان قبله، وغسل ما کان أوقعته مکاسب السوء من مثله إلي مثله، وذکري للمؤمنين، وتبيان خشية المتّقين، ووهب من ثواب الأعمال فيه أضعاف ماوهب لأهل طاعته في الأيّام قبله وجعله لا يتمّ إلّا بالائتمار لما أمر به، والانتهاء عمّا نهي عنه، والبخوع[2] بطاعته فيما حثّ عليه وندب إليه، فلا يُقبل توحيده إلّا بالاعتراف لنبيّه صلي الله عليه و آله بنبوّته، ولا يقبل ديناً إلّا بولاية من أمر بولايته، ولا تنتظم أسباب طاعته إلّا بالتمسّک بعصمه وعصم أهل ولايته، فأنزل علي نبيّه صلي الله عليه و آله في يوم الدوح مابيّن به عن إرادته في خلصائه وذوي اجتبائه...

إنّ هذا يوم عظيم الشأن، فيه وقع الفرج، ورفعت الدَّرَج، ووضحت الحجج، وهو يوم الإيضاح والإفصاح عن المقام الصراح، ويوم کمال الدين، ويوم العهد المعهود، ويوم الشاهد والمشهود...

عودوا رحمکم اللَّه بعد انقضاء مجمعکم، بالتوسعة علي عيالکم، والبرّ

[صفحه 341]

بإخوانکم، والشکر للَّه عزّوجلّ علي ما منحکم، واجمعوا يجمع اللَّه شملکم، وتبارّوا يصلِ اللَّه اُلفتکم، وتهادَوا نِعَمَ اللَّه کما منّاکم بالثواب فيه علي أضعاف الأعياد قبله وبعده إلّا في مثله، والبرّ فيه يثمر المال، ويزيد في العمر، والتعاطف فيه يقتضي رحمة اللَّه وعطفه، وهيِّؤوا لإخوانکم وعيالکم عن فضله بالجهد من جودکم، وبما تناله القدرة من استطاعتکم، وأظهروا البشر فيما بينکم، والسرور في ملاقاتکم، والحمد للَّه علي ما منحکم، وعودوا بالمزيد من الخير علي أهل التأميل لکم، وساووا بکم ضعفاءکم في مأکلکم، وما تناله القدرة من استطاعتکم، وعلي حسب إمکانکم، فالدرهم فيه بمائة ألف درهم، والمزيد من اللَّه عزّوجلّ، وصوم هذا اليوم ممّا ندب اللَّه تعالي إليه، وجعل الجزاء العظيم کَفالةً عنه حتي لو تعبّد له عبد من العبيد في الشَّبِيْبة من ابتداء الدنيا إلي تَقَضّيها صائماً نهارها قائماً ليلها، إذا أخلص المُخلص في صومه لقصرت إليه أيّام الدنيا عن کفاية، ومن أسعف أخاه مبتدئاً، وبرّه راغباً، فله کأجر من صام هذا اليوم وقام ليلته.[3] .

886- الکافي عن الحسن بن راشد عن الإمام الصادق عليه السلام: قلت: جعلت فداک! للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال: نعم يا حسن، أعظمهما وأشرفهما، قلت: وأيّ يوم هو؟ قال: هو يوم نصب أميرالمؤمنين صلوات اللَّه وسلامه عليه فيه علماً للناس، قلت: جعلت فداک وما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟ قال: تصومه يا حسن، وتکثر الصلاة علي محمّد وآله، وتبرّأ إلي اللَّه ممّن ظلمهم؛ فإنّ الأنبياء صلوات اللَّه عليهم کانت تأمر الأوصياء باليوم الذي کان يقام فيه الوصيّ أن يتّخذ عيداً.

[صفحه 342]

قال: قلت: فما لمن صامه؟ قال: صيام ستّين شهراً.[4] .

887- الکافي عن سالم: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام: هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحي والفطر؟ قال: نعم، أعظمها حرمة. قلت: وأيّ عيد هو جعلت فداک؟ قال: اليوم الذي نصب فيه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أميرالمؤمنين عليه السلام وقال: من کنت مولاه فعليّ مولاه. قلت: وأيّ يوم هو؟ قال: وما تصنع باليوم؟ إنّ السنة تدور، ولکنّه يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة. فقلت: وما ينبغي لنا أن نفعل في ذلک اليوم؟

قال: تذکرون اللَّه عزّ ذکره فيه بالصيام والعبادة والذکر لمحمّد؛ وآل محمّد فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أوصي أميرالمؤمنين عليه السلام أن يتّخذ ذلک اليوم عيداً، وکذلک کانت الأنبياء عليهم السلام: تفعل؛ کانوا يوصون أوصياءهم بذلک فيتّخذونه عيداً.[5] .

888- الخصال عن المفضّل بن عمر: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: کم للمسلمين من عيد؟ فقال: أربعة أعياد. قال: قلت: قد عرفت العيدين والجمعة. فقال لي: أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجّة، وهو اليوم الذي أقام فيه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أميرالمؤمنين عليه السلام ونصبه للناس علماً. قال: قلت: ما يجب علينا في ذلک اليوم؟ قال: يجب عليکم صيامه شکراً للَّه وحمداً له، مع أنّه أهل أن يُشکر کلّ ساعة، وکذلک أمرت الأنبياء أوصياءها أن يصوموا اليوم الذي يقام فيه

[صفحه 343]

الوصيّ يتّخذونه عيداً، ومن صامه کان أفضل من عمل ستّين سنة.[6] .

889- الإقبال عن أبي الحسن الليثي عن الإمام الصادق عليه السلام: أنّه قال لمن حضره من موإليه وشيعته: أتعرفون يوماً شيّد اللَّه به الإسلام، وأظهر به منار الدين، وجعله عيداً لنا ولموالينا وشيعتنا؟ فقالوا: اللَّه ورسوله وابن رسوله أعلم، أيوم الفطر هو يا سيّدنا؟ قال: لا. قالوا: أفيَوم الأضحي هو؟ قال: لا، وهذان يومان جليلان شريفان، ويوم منار الدين أشرف منهما؛ وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة، وإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لمّا انصرف من حجّة الوداع وصار بغدير خمّ أمر اللَّه عزّوجلّ جبرئيل عليه السلام أن يهبط علي النبيّ صلي الله عليه و آله وقت قيام الظهر من ذلک اليوم، وأمره أن يقوم بولاية أميرالمؤمنين عليه السلام، وأن ينصبه علماً للناس بعده، وأن يستخلفه في اُمّته.

فهبط إليه وقال له: حبيبي محمّد! إنّ اللَّه يقرئک السلام، ويقول لک: قُم في هذا اليوم بولاية عليّ عليه السلام؛ ليکون علماً لاُمّتک بعدک، يرجعون إليه، ويکون لهم کأنت، فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: حبيبي جبرئيل! إنّي أخاف تغيّر أصحابي لما قد وُتروه، وأن يُبدوا ما يضمرون فيه.

فعرج، وما لبث أن هبط بأمر اللَّه فقال له: «يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْکَ مِن رَّبِّکَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ و وَاللَّهُ يَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ».[7] .

فقام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ذعراً مرعوباً خائفاً من شدّة الرمضاء وقدماه تُشويان، وأمر بأن ينظّف الموضع ويقمّ[8] ما تحت الدَّوْح[9] من الشوک وغيره، ففعل ذلک،

[صفحه 344]

ثمّ نادي بالصلاة جامعة، فاجتمع المسلمون، وفيمن اجتمع أبو بکر وعمر وعثمان وسائر المهاجرين والأنصار.

ثمّ قام خطيباً وذکر بعده الولاية، فألزمها للناس جميعاً، فأعلمهم أمر اللَّه بذلک فقال قوم ما قالوا، وتناجوا بما أسرّوا.[10] .

890- الأمالي للشجري عن صفوان بن يحيي: سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليهاالسلام يقول: الثامن عشر من ذي الحجّة عيد اللَّه الأکبر، ما طلعت عليه شمس في يوم أفضل عند اللَّه منه، وهو الذي أکمل اللَّه فيه دينه لخلقه، وأتمّ عليهم نعمه، ورضي لهم الإسلام ديناً، وما بعث اللَّه نبيّاً إلّا أقام وصيّه في مثل هذا اليوم، ونصبه علماً لاُمّته، فليذکر اللَّهَ شيعتُنا علي ما منَّ عليهم بمعرفته هذا اليوم دون سائر الناس.

قال: فقلت: يابن رسول اللَّه، فما نصنع فيه؟ فقال: تصومه؛ فإنّ صيامه يعدل ستّين شهراً، وتحسن فيه إلي نفسک وعيالک وما ملکت يمينک بما قدرت عليه.[11] .

891- مصباح المتهجِّد عن أبي هارون عمّار بن حريز العبدي: دخلت علي أبي عبد اللَّه عليه السلام في يوم الثامن عشر من ذي الحجّة، فوجدته صائماً، فقال لي: هذا يوم عظيم، عظّم اللَّه حرمته علي المؤمنين، وأکمل لهم فيه الدين، وتمّم عليهم النعمة، وجدّد لهم ما أخذ عليهم من العهد والميثاق. فقيل له: ما ثواب صوم هذا اليوم؟ قال: إنّه يوم عيد وفرح وسرور ويوم صوم شکراً للَّه تعالي، وإنّ صومه

[صفحه 345]

يعدل ستّين شهراً من أشهر الحُرُم.[12] .

892- الإمام الصادق عليه السلام: صيام يوم غدير خمّ يعدل صيام عمر الدنيا؛ لو عاش إنسان ثمّ صام ما عمرت الدنيا لکان له ثواب ذلک، وصيامه يعدل عند اللَّه عزّوجلّ في کلّ عام مائة حجّة ومائة عمرة مبرورات متقبّلات، وهو عيد اللَّه الأکبر.[13] .

893- الإمام الرضا عليه السلام: إذا کان يوم القيامة زفّت أربعة أيّام إلي اللَّه کما تزفّ العروس إلي خدرها. قيل: ما هذه الأيّام؟ قال: يوم الأضحي، ويوم الفطر، ويوم الجمعة، ويوم الغدير، وإنّ يوم الغدير بين الأضحي والفطر والجمعة کالقمر بين الکواکب، وهو اليوم الذي نجّي فيه إبراهيمَ الخليل من النار، فصامه شکراً للَّه، و هو اليوم الذي أکمل اللَّه به الدين في إقامة النبيّ صلي الله عليه و آله عليّاً أميرالمؤمنين عَلَماً، وأبان فضيلته و وصايته، فصام ذلک اليوم، و إنّه اليوم الکمال، ويوم مرغمة الشيطان، ويوم تقبل أعمال الشيعة و محبّي آل محمّد... و هو يوم تنفيس الکرب، ويوم تحطيط الوزر، ويوم الحباء والعطيّة، ويوم نشر العلم، ويوم البشارة، والعيد الأکبر، ويوم يستجاب فيه الدعاء، ويوم الموقف العظيم، ويوم لبس الثياب و نزع السواد، ويوم الشرط المشروط، ويوم نفي الهموم، ويوم الصفح عن مذنبي شيعة أميرالمؤمنين.

و هو يوم السبقة، ويوم إکثار الصلاة علي محمّد و آل محمّد، ويوم الرضا،

[صفحه 346]

ويوم عيد أهل بيت محمّد، ويوم قبول الأعمال، ويوم طلب الزيادة، ويوم استراحة المؤمنين، ويوم المتاجرة، ويوم التودّد، ويوم الوصول إلي رحمة اللَّه، ويوم التزکية، ويوم ترک الکبائر والذنوب، ويوم العبادة، ويوم تفطير الصائمين، فمن فطّر فيه صائماً مؤمناً کان کمن أطعم فِئاماً وفِئاماً- إلي أن عدّ عشراً. ثمّ قال: أوَ تدري ما الفئام؟ قال: لا. قال: مائة ألف- و هو يوم التهنئة، يهنّي بعضکم بعضاً، فإذا لقي المؤمن أخاه يقول: الحمد للَّه الذي جعلنا من المتمسّکين بولاية أميرالمؤمنين و الأئمّة عليهم السلام.[14] .

894- عنه عليه السلام- في بيان فضل يوم الغدير-: لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائکة في کلّ يوم عشر مرّات.[15] .

895- مصباح الزائر عن الفيّاض بن محمّد الطرسوسي: أنّه شهد أبا الحسن عليّ بن موسي الرضا عليه السلام في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصّته قد احتبسهم للإفطار، وقد قدّم إلي منازلهم الطعام والبرّ والصلات والکسوة حتي الخواتيم والنعال، وقد غيّر من أحوالهم وأحوال حاشيته، وجدّدت له آلة غير الآلة التي جري الرسم بابتذالها قبل يومه، وهو يذکر فضل اليوم و قديمه.[16] .

راجع: القسم التاسع/ عليّ عن لسان الشعراء/ جمال الدين الخلعي.

کتاب «نفحات الأزهار»: ج 9:8:7:6.

کتاب «الغدير»: 12:1 تا 14 و ص 267 تا 289.

[صفحه 347]



صفحه 340، 341، 342، 343، 344، 345، 346، 347.





  1. الأمالي للصدوق: 197:188، بشارة المصطفي: 23، الإقبال: 264:2، التحصين لابن طاووس: 12:550 کلّها عن عبد اللَّه بن الفضل الهاشمي عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام، روضة الواعظين: 115.
  2. بخعتُ له: تذلّلت وأطعت وأقررت (لسان العرب: 5:8).
  3. مصباح المتهجّد: 752 تا 843:758، الإقبال: 254:2 تا 259، مصباح الزائر: 154 تا 159 کلّها عن الفيّاض بن محمّد بن عمر الطرسوسي عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام.
  4. الکافي: 1:148:4، تهذيب الأحکام: 921:305:4، مصباح المتهجّد: 736، من لا يحضره الفقيه: 1816:90:2، ثواب الأعمال: 1:99، بشارة المصطفي: 238 والثلاثة الأخيرة نحوه وراجع تفسير فرات: 123:118.
  5. الکافي: 3:149:4، الإقبال: 263:2 وراجع مصباح المتهجّد: 736.
  6. الخصال: 145:264.
  7. المائدة: 67.
  8. قَمَّ الشي ء: کَنَسَه (لسان العرب: 49312).
  9. جمع دَوْحة؛ وهي الشجرة العظيمة المتّسعة (لسان العرب: 436:2).
  10. الإقبال: 279:2، بحارالأنوار: 1:300:98.
  11. الأمالي للشجري: 146:1.
  12. مصباح المتهجّد: 737، مصباح الزائر: 167، الإقبال: 276:2. راجع: التهنئة القياديّة (حديث أبي هريرة).
  13. تهذيب الأحکام: 317:143:3، الإقبال: 282:2 کلاهما عن عليّ بن الحسن أو الحسين العبدي، العدد القويّة: 4:166، جامع الأخبار: 503:205.
  14. الإقبال: 260:2.
  15. تهذيب الأحکام: 52:24:6، الإقبال: 269:2، فرحة الغريّ: 107 کلّها عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر وراجع العنوان الآتي/ ص 363/ ح 896.
  16. مصباح الزائر 154، مصباح المتهجّد: 752 وراجع ص 736 تا 758 والإقبال: 237:2 تا 309 والغدير: 267:1 تا 289.