الدعاء علي الكاتمين











الدعاء علي الکاتمين



862- مسند ابن حنبل عن سماک بن عبيد بن الوليد العبسي: دخلت علي عبد الرحمن بن أبي ليلي فحدّثني أنّه شهد عليّاً في الرحبة قال: أنشد اللَّه رجلاً سمع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وشهده يوم غدير خمّ إلّا قام، ولا يقوم إلّا من قد رآه.

فقام اثنا عشر رجلاً، فقالوا: قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول: اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.

فقام إلّا ثلاثة لم يقوموا، فدعا عليهم فأصابتهم دعوته.[1] .

863- تاريخ دمشق عن عبد الرحمن بن أبي ليلي: خطب الناس أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب في الرحبة، قال: أنشد اللَّه امرأً نِشدة الإسلام سمع

[صفحه 330]

رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم غدير خمّ أخذ بيدي يقول: ألست أولي بکم- يا معشر المسلمين- من أنفسکم؟ قالوا: بلي يا رسول اللَّه، قال: من کنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. إلّا قام. فقام بضعة عشر رجلاً، فشهدوا، وکتم قوم؛ فما فنوا من الدنيا إلّا عَموا وبرصوا.[2] .

864- حلية الأولياء عن عميرة بن سعد: شهدت عليّاً علي المنبر ناشداً أصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وفيهم أبو سعيد، وأبو هريرة، وأنس بن مالک، وهم حول المنبر، وعليّ علي المنبر، وحول المنبر اثنا عشر رجلاً هؤلاء منهم.

فقال عليّ: نشدتکم باللَّه، هل سمعتم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: من کنت مولاه فعليّ مولاه؟ فقاموا کلّهم فقالوا: اللهمّ نعم. وقعد رجل فقال: ما منعک أن تقوم؟ قال: يا أميرالمؤمنين، کبرت ونسيت! فقال: اللهمّ إن کان کاذباً فاضربه ببلاء حسن. قال فما مات حتي رأينا بين عينيه نُکتة[3] [4][5] .

865- المعارف لابن قتيبة- في أنس بن مالک-: کان بوجهه برص. وذکر قوم أنّ عليّاً رضي الله عنه سأله عن قول رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه؟ فقال: کبرت سنّي ونسيت!

فقال له عليّ رضي الله عنه: إن کنت کاذباً فضربک اللَّه ببيضاء لا تواريها العمامة.[6] .

[صفحه 331]

866- الأمالي للصدوق عن أبي هدبة: رأيت أنس بن مالک معصوباً بعصابة، فسألته عنها، فقال: هذه دعوة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقلت له: وکيف کان ذاک؟ فقال:... لمّا کان يوم الدار استشهدني عليّ عليه السلام فکتمته، فقلت: إنّي نسيته! فرفع عليّ عليه السلام يده إلي السماء، فقال: اللهمّ ارمِ أنساً بوَضَح[7] لا يستره من الناس. ثمّ کشف العصابة عن رأسه، فقال: هذه دعوة عليّ، هذه دعوة عليّ، هذه دعوة عليّ.[8] .

867- اُسد الغابة عن أبي إسحاق: حدّثني من لا اُحصي- منهم عمرو ذي مرّ ويزيد بن يثيع وسعيد بن وهب وهانئ بن هانئ-: أنّ عليّاً نشد الناس في الرحبة: من سمع قول رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: من کنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه؟ فقام نفر شهدوا أنّهم سمعوا ذلک من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وکتم قوم؛ فما خرجوا من الدنيا حتي عمُوا، وأصابتهم آفة، منهم: يزيد بن وديعة، وعبد الرحمن بن مُدْلِج.[9] .

868- رجال الکشّي عن زِرّ بن حُبَيش: خرج عليّ بن أبي طالب عليه السلام من القصر، فاستقبله رکبان متقلّدون بالسيوف، عليهم العمائم، فقالوا: السلام عليک يا أميرالمؤمنين ورحمة اللَّه وبرکاته، السلام عليک يا مولانا.

فقال عليّ عليه السلام: مَن هاهنا من أصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؟ فقام خالد بن زيد؛ أبو أيّوب، وخُزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وقيس بن سعد بن عبادة، وعبد اللَّه

[صفحه 332]

ابن بُدَيل بن ورقاء، فشهدوا جميعاً أنّهم سمعوا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول يوم غدير خمّ: من کنت مولاه فعليّ مولاه.

فقال عليّ عليه السلام لأنس بن مالک والبراء بن عازب: ما منعکما أن تقوما فتشهدا؟ فقد سمعتما کما سمع القوم. ثمّ قال: اللهمّ إن کانا کتماها معاندةً فابتلِهما.

فعمي البراء بن عازب، وبرص قدما أنس بن مالک، فحلف أنس بن مالک أن لا يکتم منقبة لعليّ بن أبي طالب ولا فضلاً أبداً، وأمّا البراء بن عازب فکان يسأل عن منزله، فيقال: هو في موضع کذا وکذا، فيقول: کيف يَرشُد من أصابته الدعوة؟![10] .

869- أنساب الأشراف عن أبي وائل شقيق بن سلمة: قال عليّ علي المنبر: نشدت اللَّه رجلاً سمع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول يوم غدير خمّ: اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، إلّا قام فشهد- وتحت المنبر أنس بن مالک، والبراء بن عازب، وجرير بن عبد اللَّه- فأعادها، فلم يجبه أحد، فقال: اللهمّ من کتم هذه الشهادة وهو يعرفها فلا تخرجه من الدنيا حتي تجعل به آية يعرف بها.

قال: فبرص أنس، وعمي البراء، ورجع جرير أعرابيّاً بعد هجرته، فأتي السَّراة[11] فمات في بيت اُمّه بالسَّراة.[12] .

870- المعجم الکبير عن أبي سلمان المؤذّن عن زيد بن أرقم: نشد عليّ الناس، أنشد اللَّه رجلاً سمع النبيّ صلي الله عليه و آله يقول: من کنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه. فقام اثنا عشر بدريّاً، فشهدوا بذلک.

[صفحه 333]

قال زيد: وکنت أنا فيمن کَتَم، فذهب بصري.[13] .

871- الإرشاد عن أبي سلمان المؤذّن عن زيد بن أرقم: نشد عليّ الناس في المسجد فقال: أنشد اللَّه رجلاً سمع النبيّ صلي الله عليه و آله يقول: من کنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه. فقام اثنا عشر بدرياً؛ ستّة من الجانب الأيمن، وستّة من الجانب الأيسر، فشهدوا بذلک.

قال زيد بن أرقم: وکنت أنا فيمن سمع ذلک فکتمته، فذهب اللَّه ببصري، وکان يتندّم علي ما فاته من الشهادة ويستغفر.[14] .

872- شرح نهج البلاغة: وذکر جماعة من شيوخنا البغداديّين أنّ عدّة من الصحابة والتابعين والمحدّثين کانوا منحرفين عن عليّ عليه السلام، قائلين فيه السوء، ومنهم من کتم مناقبه وأعان أعداءه ميلاً مع الدنيا، وإيثاراً للعاجلة، فمنهم أنس ابن مالک.

ناشد عليّ عليه السلام الناس في رحبة القصر- أو قال: رحبة الجامع بالکوفة-: أيّکم

[صفحه 334]

سمع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: من کنت مولاه فعليّ مولاه؟

فقام اثنا عشر رجلاً فشهدوا بها، وأنس بن مالک في القوم لم يقم، فقال له: يا أنس! ما يمنعک أن تقوم فتشهد، ولقد حضرتها؟ فقال: يا أميرالمؤمنين، کبرت ونسيت! فقال: اللهمّ إن کان کاذباً فارمِه بها بيضاء لا تواريها العمامة.

قال طلحة بن عمير: فواللَّه لقد رأيت الوَضَح به بعد ذلک أبيض بين عينيه.

وروي عثمان بن مُطرّف أنّ رجلاً سأل أنس بن مالک في آخر عمره عن عليّ بن أبي طالب، فقال: إنّي آليت أن لا أکتم حديثاً سُئلت عنه في عليّ بعد يوم الرحبة، ذاک رأس المتّقين يوم القيامة، سمعته واللَّه من نبيّکم.

وروي أبو إسرائيل عن الحکم عن أبي سليمان المؤذّن: أنّ عليّاً عليه السلام نشد الناس من سمع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: من کنت مولاه فعليّ مولاه. فشهد له قوم وأمسک زيد بن أرقم؛ فلم يشهد- وکان يعلمها- فدعا عليّ عليه السلام عليه بذهاب البصر، فعمي، فکان يحدّث الناس بالحديث بعدما کُفّ بصره.[15] .

873- الخصال عن جابر بن يزيد الجعفيّ عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري: خطبنا عليّ بن أبي طالب عليه السلام فحمد اللَّه وأثني عليه، ثمّ قال: أيّها الناس! إنّ قدّام منبرکم هذا أربعة رَهْط من أصحاب محمّد صلي الله عليه و آله؛ منهم أنس بن مالک، والبراء بن عازب، والأشعث بن قيس الکندي، وخالد بن يزيد البجلي.

ثمّ أقبل علي أنس فقال: يا أنس! إن کنت سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: من کنت مولاه فهذا عليّ مولاه. ثمّ لم تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتک اللَّه حتي يبتليک ببرصٍ لا تغطّيه العمامة.

[صفحه 335]

وأمّا أنت يا أشعث، فإن کنت سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: من کنت مولاه فهذا عليّ مولاه. ثمّ لم تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتک اللَّه حتي يذهب بکريمتيک.[16] .

وأمّا أنت يا خالد بن يزيد، فإن کنت سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: من کنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه. ثمّ لم تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتک اللَّه إلّا ميتةً جاهليّة.

وأمّا أنت يا براء بن عازب، فإن کنت سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: من کنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه. ثمّ لم تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتک اللَّه إلّا حيث هاجرت منه.

قال جابر بن عبد اللَّه الأنصاري: واللَّه لقد رأيت أنس بن مالک وقد ابتُلي ببرص يغطّيه بالعمامة فما تستره. ولقد رأيت الأشعث بن قيس وقد ذهبت کريمتاه وهو يقول: الحمد للَّه الذي جعل دعاء أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليَّ بالعمي في الدنيا، ولم يدعُ عليَّ بالعذاب في الآخرة فاُعذّب. وأمّا خالد بن يزيد فإنّه مات فأراد أهله أن يدفنوه وحُفر له في منزله فدُفن، فسمعت بذلک کندة فجاءت بالخيل والإبل فعقرتها علي باب منزله، فمات ميتة جاهليّة. وأمّا البراء بن عازب فإنّه ولّاه معاوية اليمن فمات بها، ومنها کان هاجرَ.[17] .



صفحه 330، 331، 332، 333، 334، 335.





  1. مسند ابن حنبل: 964:253:1، تاريخ دمشق: 8684:207:42، البداية والنهاية: 211:5.
  2. تاريخ دمشق: 208:42، کنز العمّال: 36417:131:13 نقلاً عن الخطيب في الافراد.
  3. النکتة: النقطة (تاج العروس: 151:3).
  4. بيضاء لا تواريها العمامة.
  5. حلية الأولياء: 26:5، محاضرات الاُدباء: 415:2 نحوه.
  6. المعارف لابن قتيبة: 580؛ الإرشاد: 351:1، شرح الأخبار: 221:232:1، الخرائج والجرائح: 49:207:1 والثلاثة الأخيرة عن طلحة بن عميرة، إرشاد القلوب: 228 نحوه.
  7. الوَضَح: البياض من کلّ شي ء (النهاية: 195:5).
  8. الأمالي للصدوق: 1012:753 وراجع روضة الواعظين: 145 والمناقب لابن شهر آشوب: 283:2.
  9. اُسد الغابة: 3388:487:3.
  10. رجال الکشّي: 95:246:1، الدرجات الرفيعة: 453.
  11. السَّرَاة: جبل مشرف علي عرفة ينقاد إلي صنعاء (معجم البلدان: 204:3).
  12. أنساب الأشراف: 386:2.
  13. المعجم الکبير: 4996:175:5 و ص 4985:171 عن أبي سليمان زيد بن وهب عن زيد بن أرقم وفيه «ستّة عشر رجلاً» بدل «اثنا عشر بدريّاً»، المناقب لابن المغازلي: 33:23 وفيه «أبي سليمان» وليس فيه «فقام اثنا عشر بدريّاً فشهدوا بذلک»؛ الاحتجاج: 36:184:1، شرح الأخبار: 22:100:1 وفيه «ستّة عشر» بدل «اثني عشر» و ص 222:232 وفيه «جماعة» بدل «اثنا عشر» وکلّها نحوه.
  14. الإرشاد: 352:1، الخرائج والجرائح: 50:208:1، کشف الغمّة: 283:1 وراجع السيرة الحلبيّة: 274:3.

    قال التستري في قاموس الرجال: فلا ريب في حسن خاتمته ورجوعه إلي أميرالمؤمنين عليه السلام، ونقله النصّ عليه کراراً في الغدير وغيره فيه عليه السلام خاصّة، وفيه وفي أهل بيته عامّة (قاموس الرجال: 529:4).

  15. شرح نهج البلاغة: 74:4؛ کشف الغمّة: 283:1 وفيه إلي «بين عينيه».
  16. أي عينيک، وکلّ شي ء يکرم عليک فهو کريمک وکريمتک (النهاية: 167:4).
  17. الخصال: 44:219، الأمالي للصدوق: 190:184، المناقب لابن شهر آشوب: 279:2 نحوه.