احتجاج عليّ











احتجاج عليّ



841- الاحتجاج: قال أميرالمؤمنين عليه السلام [بعد وفاة الرسول صلي الله عليه و آله وانتخاب أبي بکر]: يا معاشر المهاجرين والأنصار، اللَّه اللَّه لاتنسوا عهد نبيّکم إليکم في أمري، ولا تخرجوا سلطان محمّد صلي الله عليه و آله من داره وقعر بيته إلي دورکم وقعر بيوتکم، ولاتدفعوا أهله عن حقّه ومقامه في الناس! فواللَّه يا معاشر الجمع! إنّ اللَّه قضي وحکم ونبيّه أعلم وأنتم تعلمون أنّا أهل البيت أحقّ بهذا الأمر منکم، أما کان القارئ منکم لکتاب اللَّه، الفقيه في دين اللَّه، المضطلع بأمر الرعيّة؟ واللَّه إنّه لفينا لا فيکم! فلا تتّبعوا الهوي فتزدادوا من الحقّ بُعداً، وتفسدوا قديمکم بشرّ من حديثکم.

فقال بشير بن سعد الأنصاري الذي وطّأ الأرض لأبي بکر، وقالت جماعة من الأنصار: يا أبا الحسن، لو کان هذا الأمر سمعته منک الأنصار قبل بيعتها لأبي بکر ما اختلف فيک اثنان.

فقال عليّ عليه السلام: ياهؤلاء! أکنت أدع رسول اللَّه مسجّي لا اُواريه وأخرج اُنازع في سلطانه؟ واللَّه ماخفت أحداً يسمو له وينازعنا أهل البيت فيه، ويستحلّ ما استحللتموه، ولا علمت أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ترک يوم غدير خمّ لأحدٍ حجّة، ولا

[صفحه 320]

لقائلٍ مقالاً.[1] .

842- الإمام عليّ عليه السلام- من کلامه عليه السلام لمّا عزم علي المسير إلي الشام لقتال معاوية-: فالعجب من معاوية بن أبي سفيان! ينازعني الخلافة، ويجحدني الإمامة، ويزعم أنّه أحقّ بها منّي، جرأة منه علي اللَّه وعلي رسوله، بغير حقّ له فيها ولا حجّة، لم يبايعه عليها المهاجرون، ولا سلّم له الأنصار والمسلمون... ما بال معاوية وأصحابه طاعنين في بيعتي؟! ولِمَ لم يفوا بها لي وأنا في قرابتي وسابقتي وصهري أولي بالأمر ممّن تقدّمني؟ أما سمعتم قول رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم الغدير في ولايتي وموالاتي؟ فاتّقوا اللَّه أيّها المسلمون.[2] .

843- المناقب لابن شهر آشوب: روي علقمة أنّه خرج يوم صفّين رجل من عسکر الشام وعليه سلاح ومصحف فوقه، وهو يقول: «عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ»[3] فأردت البراز، فقال عليه السلام: مکانک. وخرج بنفسه وقال: أتعرف النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون؟ قال: لا، قال: واللَّه إنّي أنا النبأ العظيم الذي فيَّ اختلفتم، وعلي ولايتي تنازعتم، وعن ولايتي رجعتم بعدما قبلتم، وببغيکم هلکتم بعدما بسيفي نجوتم، ويوم غدير قد علمتم، ويوم القيامة تعلمون ما علمتم، ثمّ علاه بسيفه فرمي رأسه ويده، ثمّ قال:


أبي اللَّه إلّا أنّ صفّين دارنا
ودارکم ما لاح في الاُفق کوکب


وحتي تموتوا أو نموت ومالنا
ومالکم عن حومة الحرب مهرب[4] .

[صفحه 321]

844- الإمام عليّ عليه السلام- من کتاب کتبه بعد منصرفه من النهروان وأمر أن يُقرأ علي الناس-: إنّ هذا لأمرٌ عجيب، ولم يکونوا لولاية أحدٍ منهم أکره منهم لولايتي، کانوا يسمعون وأنا اُحاجّ أبا بکر فأنا وأقول يا معشر قريش، أنا أحقّ بهذا الأمر منکم ما کان منکم من يقرأ القرآن ويعرف السنّة، ويدين بدين اللَّه الحقّ، وإنّما حجّتي أنّي وليُّ هذا الأمر من دون قريش، إنّ نبي اللَّه صلي الله عليه و آله قال: الولاء لمن أعتق. فجاء رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعتق الرقاب من النار وأعتقها من الرقّ، فکان للنبيّ صلي الله عليه و آله ولاء هذه الاُمّة. وکان لي بعده ما کان له، فما جاز لقريش من فضلها عليها بالنبيّ صلي الله عليه و آله جاز لبني هاشم علي قريش، وجاز لي علي بني هاشم بقول النبيّ صلي الله عليه و آله يوم غدير خمّ: من کنت مولاه فهذا عليّ مولاه. إلّا أن تدّعي قريش فضلها علي العرب بغير النبيّ صلي الله عليه و آله، فإن شاؤوا فليقولوا ذلک.[5] .

845- الأمالي للمفيد عن أبي عليّ الهمداني: إنّ عبد الرحمن بن أبي ليلي قام إلي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا أميرالمؤمنين إنّي سائلک لآخذ عنک، وقد انتظرنا أن تقول من أمرک شيئاً فلم تقله، ألا تحدّثنا عن أمرک هذا أکان بعهد من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أو شي ء رأيته؟ فإنّا قد أکثرنا فيک الأقاويل، وأوثقه عندنا ما قبلناه عنک وسمعناه من فيک. إنّا کنّا نقول: لو رجعت إليکم بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لم ينازعکم فيها أحد، واللَّه ما أدري إذا سُئلت ما أقول! أزعم أنّ القوم کانوا أولي بما کانوا فيه منک؛ فإن قلت ذلک، فعلامَ نصبک رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعد حجّة الوداع؟ فقال: « أيّها الناس من کنت مولاه فعليّ مولاه ». وإن تک أولي منهم بما کانوا فيه فعلامَ نتولّاهم؟

[صفحه 322]

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: يا عبد الرحمن، إنّ اللَّه تعالي قبض نبيّه صلي الله عليه و آله وأنا يوم قبضه أولي بالناس منّي بقميصي هذا، وقد کان من نبي اللَّه إليَّ عهد لو خزمتموني بأنفي لأقررت سمعاً للَّه وطاعة، وإنّ أوّل ما انتقصناه بعده إبطال حقّنا في الخمس، فلمّا رقّ أمرنا طمعت رعيان البهم من قريش فينا، وقد کان لي علي الناس حقّ لو ردّوه إليَّ عفواً قبلته وقمت به وکان إلي أجل معلوم، وکنت کرجل له علي الناس حقّ إلي أجل، فإن عجّلوا له ماله أخذه وحمدهم عليه، وإن أخّروه أخذه غير محمودين، وکنت کرجل يأخذ السهولة وهو عند الناس محزون.

وإنّما يعرف الهدي بقلّة من يأخذه من الناس، فإذا سکتُّ فاعفوني فإنّه لو جاء أمر تحتاجون فيه إلي الجواب أجبتکم، فکفّوا عنّي ما کففت عنکم. فقال عبد الرحمن: يا أميرالمؤمنين، فأنت لعمرک کما قال الأوّل:


لعمرک لقد أيقظت من کان نائماً
وأسمعت من کانت له اُذنان[6] .



صفحه 320، 321، 322.





  1. الاحتجاج: 36:183:1، بحارالأنوار: 186:28.
  2. الإرشاد: 261:1، الاحتجاج: 88:406:1، بحارالأنوار: 360:388:32.
  3. النبأ: 1.
  4. المناقب لابن شهر آشوب: 79:3، تأويل الآيات الظاهرة: 5:759:2، بحارالأنوار: 6:3:36.
  5. کشف المحجّة: 245 نقلاً عن محمّد بن يعقوب في کتاب الرسائل عن الأصبغ بن نباتة وأبي الطفيل ورزين بن حبيش وجماعة، بحارالأنوار:1:13:30.
  6. الأمالي للمفيد: 1:223، الأمالي للطوسي: 9:8، کشف الغمّة: 3:2، شرح الأخبار: 563:261:2 عن سليمان بن أبي الورد بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلي نحوه، بحارالأنوار: 16:582:29.