سؤال عذاب واقع











سؤال عذاب واقع



«وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن کَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِکَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ».[1] .

«سَأَلَ سَآئلُ م بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِّلْکَفِرِينَ لَيْسَ لَهُ و دَافِعٌ».[2] .

832- الإمام عليّ عليه السلام: أنا الذي نزل علي أعدائي: «سَأَلَ سَآئلُ م بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِّلْکَفِرِينَ لَيْسَ لَهُ و دَافِعٌ»؛ بمعني من أنکر ولايتي، وهو النعمان بن الحارث اليهودي، لعنه اللَّه تعالي![3] .

833- الإمام الباقر عن الإمام عليّ عليهاالسلام: لمّا نصب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عليّاً يوم غدير خُمّ فقال: «من کنتُ مولاه فعليّ مولاه» طار ذلک في البلاد، فقدم علي رسول اللَّه النعمان بن الحارث الفِهري، فقال: أمرتَنا عن اللَّه أن نشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأنّک رسول اللَّه، وأمرتنا بالجهاد والحجّ والصلاة والزکاة والصوم، فقبلناها منک، ثمّ لم

[صفحه 314]

ترضَ حتي نصبتَ هذا الغلام فقلتَ: من کنتُ مولاه فهذا مولاه! فهذا شي ء منک أو أمر من عند اللَّه؟!

قال: أمر من عند اللَّه.

قال: اللَّه الذي لا إله إلّا هو إنّ هذا من اللَّه؟

قال: اللَّه الذي لا إله إلّا هو إنّ هذا من اللَّه.

قال: فولّي النعمان وهو يقول: اللهمّ إن کان هذا هو الحقّ من عندک فأمطِر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم!

فرماه اللَّه بحجرٍ علي رأسه فقتله. فأنزل اللَّه تعالي: «سَأَلَ سَآئلُ م».[4] .

834- تأويل الآيات الظاهرة عن حسين بن محمّد: سألت سفيان بن عيينة عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «سَأَلَ سَآئلُ م» فيمن نزلت؟

فقال: يابن أخي، لقد سألتني عن شي ء ما سألني عنه أحد قبلک، لقد سألتُ جعفر بن محمّد عليهاالسلام عن مثل الذي سألتني فقال: أخبرني أبي، عن جدّي، عن أبيه، عن ابن عبّاس قال: لمّا کان يوم غدير خُمّ قام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله خطيباً، فأوجز في خطبته، ثمّ دعا عليَّ بن أبي طالب عليه السلام فأخذ بضَبْعَيه، ثمّ رفع بيده حتي رُئي بياض إبطيه، وقال للناس: ألم اُبلّغکم الرسالة؟ ألم أنصح لکم؟ قالوا: اللهمّ نعم.

قال: فمن کنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه.

[صفحه 315]

قال: ففشتْ هذه في الناس، فبلغ ذلک الحارث بن النعمان الفهري، فرحّل راحلته ثمّ استوي عليها- ورسول اللَّه صلي الله عليه و آله إذ ذاک في الأبْطَح-[5] فأناخ ناقته ثمّ عقلها، ثمّ أتي النبيَ صلي الله عليه و آله فسلّم، ثمّ قال: يا عبد اللَّه! إنّک دعوتَنا إلي أن نقول: لا إله إلّا اللَّه، فقلنا، ثمّ دعوتنا إلي أن نقول: إنّک رسول اللَّه، فقلنا وفي القلب ما فيه! ثمّ قلت لنا: صلّوا، فصلّينا، ثمّ قلت لنا: صوموا، فصمنا، ثمّ قلت لنا: حجّوا فحججنا، ثمّ قلت لنا: «من کنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه»، فهذا عنک أو عن اللَّه؟!

فقال له: بل عن اللَّه- فقالها ثلاثاً-.

فنهض وإنّه لمغضب، وإنّه يقول: اللهمّ إن کان ما يقول محمّد حقّاً، فأمطِر علينا حجارة من السماء تکون نقمة في أوّلنا وآية في آخرنا؛ وإن کان ما يقول کذباً فأنزِل به نقمتک!

ثمّ استوي علي ناقته فأثارَها،[6] فلمّا خرج من الأبطح رماه اللَّه بحجر علي رأسه، فخرج من دبره، فسقط ميّتاً!

فأنزل اللَّه تبارک وتعالي: «سَأَلَ سَآئلُ م بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِّلْکَفِرِينَ لَيْسَ لَهُ و دَافِعٌ مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ».[7] .

835- السيرة الحلبيّة: قال بعضهم: ولمّا شاع قوله صلي الله عليه و آله: «من کنتُ مولاه فعليّ مولاه»، في سائر الأمصار وطار في جميع الأقطار؛ بلغ الحارثَ بن النعمان

[صفحه 316]

الفهري، فقدم المدينة، فأناخ راحلته عند باب المسجد، فدخل والنبيّ صلي الله عليه و آله جالس وحوله أصحابه، فجاء حتي جَثا[8] بين يديه، ثمّ قال: يا محمّد! إنّک أمرتَنا أن نشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأنّک رسول اللَّه، فقبلنا ذلک منک، وإنّک أمرتنا أن نصلّي في اليوم والليلة خمس صلوات، ونصوم شهر رمضان، ونزکّي أموالنا، ونحجّ البيت، فقبلنا ذلک منک، ثمّ لم ترضَ بهذا حتي رفعتَ بضَبْعَي ابن عمّک ففضّلتَه وقلت: من کنتُ مولاه فعليّ مولاه! فهذا شي ء من اللَّه أو منک؟!

فاحمرّت عينا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وقال: واللَّه الذي لا إله إلّا هو إنّه من اللَّه وليس منّي- قالها ثلاثاً-.

فقام الحارث وهو يقول: اللهمّ إن کان هذا هو الحقّ من عندک- وفي رواية: اللهمّ إن کان ما يقول محمّد حقّاً- فأرسِل علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم!

فواللَّه ما بلغ باب المسجد حتي رماه اللَّه بحجر من السماء، فوقع علي رأسه، فخرج من دبره فمات!

وأنزل اللَّه تعالي: «سَأَلَ سَآئلُ م بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِّلْکَفِرِينَ لَيْسَ لَهُ و دَافِعٌ»الآية. وکان ذلک اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة.[9] .

836- تفسير القرطبي- في تفسير قوله تعالي: «سَأَلَ سَآئلُ م بِعَذَابٍ وَاقِعٍ»-: قيل: إنّ السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري. وذلک أنّه لمّا بلغه قول النبيّ صلي الله عليه و آله في عليّ رضي الله عنه: «من کنت مولاه فعليّ مولاه» رکب ناقته فجاء حتي أناخ راحلته بالأبطح، ثمّ قال: يا محمّد! أمرتَنا عن اللَّه أن نشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأنّک

[صفحه 317]

رسول اللَّه، فقبلناه منک، وأن نصلّي خمساً، فقبلناه منک، ونزکّي أموالنا، فقبلناه منک، وأن نصوم شهر رمضان في کلّ عام، فقبلناه منک، وأن نحجّ، فقبلناه منک. ثمّ لم ترضَ بهذا حتي فضّلتَ ابن عمّک علينا! أفهذا شي ء منک أم من اللَّه؟!

فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: واللَّه الذي لا إله إلّا هو ما هو إلّا من اللَّه.

فولّي الحارث وهو يقول: اللهمّ إن کان ما يقول محمّد حقّاً فأمطِر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم!

فواللَّه ما وصل إلي ناقته حتي رماه اللَّه بحجرٍ، فوقع علي دماغه، فخرج من دبره فقتله! فنزلت: «سَأَلَ سَآئلُ م بِعَذَابٍ وَاقِعٍ» الآية.[10] .

837- المناقب لابن شهر آشوب: أبو عبيد، والثعلبي، والنقّاش، وسفيان بن عيينة، والرازي، والقزويني، والنيسابوري، والطبرسي، والطوسي، في تفاسيرهم: أنّه لمّا بلّغ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بغدير خُمٍّ ما بلّغ وشاع ذلک في البلاد؛ أتي الحارث بن النعمان الفهري- وفي رواية أبي عبيد: جابر بن النضر بن الحارث بن کلدة العيدري- فقال: يا محمّد! أمرتَنا عن اللَّه بشهادة أن لا إله إلّا اللَّه وأنّ محمّداً رسول اللَّه، وبالصلاة والصوم والحجّ والزکاة، فقبلنا منک، ثمّ لم ترضَ بذلک حتي رفعتَ بضَبْع ابن عمّک ففضّلتَه علينا وقلت: من کنتُ مولاه فعليّ مولاه! فهذا شي ء منک أم من اللَّه؟!

فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: والذي لا إله إلّا هو إنّ هذا من اللَّه.

فولّي الحارث يريد راحلته وهو يقول: اللهمّ إن کان ما يقول محمّد حقّاً فأمطِر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم!

[صفحه 318]

فما وصل إليها حتي رماه اللَّه بحجر فسقط علي هامته، وخرج من دبره وقتله! وأنزل اللَّه تعالي: «سَأَلَ سَآئلُ م بِعَذَابٍ وَاقِعٍ» الآية. وفي شرح الأخبار أنّه نزل: «أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ».[11] [12] .

راجع: کتاب «الغدير»: 239:1 تا 266.



صفحه 314، 315، 316، 317، 318.





  1. الأنفال: 32.
  2. المعارج: 1 و 2.
  3. الفضائل لابن شاذان: 73.
  4. شواهد التنزيل: 1030:381:2 عن سفيان بن عيينة عن الأمام الصادق عليه السلام، فرائد السمطين: 53:82:1 وفيه «الحرث بن النعمان الفهري»؛ مجمع البيان: 530:10 کلاهما عن سفيان بن عيينة عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام نحوه وراجع شواهد التنزيل: 382:2 تا 385 وعيون المعجزات: 22.
  5. الأَبْطَح: کلّ مسيل فيه دقاق الحصي فهو أبطح (معجم البلدان: 74:1).
  6. أثَرْتُ البعيرَ: إذا کان بارِکاً وبَعَثَه فانْبَعَث (لسان العرب: 110:4).
  7. تأويل الآيات الظاهرة: 1:722:2 عن محمّد بن العبّاس، تفسير فرات: 663:505، خصائص الوحي المبين: 54.
  8. أي جَلَس علي رُکْبتَيْه للخُصومة ونحوها (لسان العرب 131:14).
  9. السيرة الحلبيّة: 274:3.
  10. تفسير القرطبي: 278:18؛ الإقبال: 251:2 نحوه.
  11. الشعراء: 204.
  12. المناقب لابن شهر آشوب 40:3 و راجع تفسير فرات: 661:503 و ح 662 و شرح الأخبار: 219:229:1.