حديث يوم الإنذار
لم يلبِّ للنبيّ صلي الله عليه و آله دعوته من الحاضرين غير عليّ بن أبي طالب الذي وثب من بين الجمع مجيباً النبيّ؛ فما کان من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعد أن سمع جواب عليّ، إلّا أن قال علي مسمع من الملأ: «إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيکم؛ فاسمعوا له وأطيعوا». وهکذا أعلن النبيّ ولاية عليّ بن أبي طالب وإمامته والدعوة لم تزل في أوّل يوم من أيّام مرحلتها العلنيّة. لقد فهم الحاضرون في ذلک اليوم مغزي هذه الرسالة بوضوح، وأدرکوا تماماً من کلام النبيّ صلي الله عليه و آله إمامة عليّ ولزوم طاعته، لذلک انبري بعضهم مخاطباً أبا طالب: «قد أمرک أن تسمع لابنک وتُطيع!»،[2] بيد [صفحه 24] أنّهم عتَوا واستکبروا وأخذتهم العزّة بالإثم، فأنِفوا أن يستجيبوا للحقّ، وأن يذعنوا إليه. لقد دأبنا في صفحات هذه «الموسوعة» علي ذکر الحديث بطرق مختلفة ونقول متعدّدة، بحيث لا تُبقي مجالاً للشکّ. ونعطف علي ذلک شهادة أبي جعفر الإسکافي المعتزلي الذي عدَّ الحديث صحيحاً،[3] کما ذهب إلي الشي ء ذاته علماء آخرون منهم شهاب الدين الخفاجي في «شرح الشفا للقاضي عياض»،[4] والمتّقي الهندي، الذي ذکر تصحيح ابن جرير الطبري للحديث،[5] وإضافة إلي ذلک ثَمّ آخرون أکّدوا علي صحّة حديث الإنذار يوم الدار.[6] . [صفحه 25]
نزل أمر السماء إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يأمره أن يدعو عشيرته إلي الإسلام «وَ أَنذِرْ عَشِيرَتَکَ الْأَقْرَبِينَ»،[1] فدعا النبيّ عشيرته، ولمّا اجتمعوا عند رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، راح يعدّهم لتلقّي ما دعاهم إليه، وبعد مقدّمات أبلغهم دعوته، ثمّ انعطف يقول: «فأيّکم يوازرني علي هذا الأمر علي أن يکون أخي ووصيّي وخليفتي فيکم»، وفي بعض النصوص التاريخيّة: «خليفتي من بعدي».
صفحه 24، 25.