حذيفة بن أسيد











حذيفة بن أسيد



817- المعجم الکبير عن حذيفة بن أسيد الغفاري: لمّا صدر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من حجّة الوداع، نهي أصحابَه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهنّ، ثمّ بعث إليهنّ فقُمَّ ما تحتهنّ من الشَّوْک، وعمد إليهنّ فصلّي تحتهنّ، ثمّ قام فقال:

[صفحه 303]

يا أيّها الناس! إنّي قد نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يُعمَّر نبيّ إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله. وإنّي لأظنّ أنّي يوشک أن اُدعي فاُجيب، وإنّي مسؤول، وإنّکم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنّک قد بلّغتَ وجهدتَ ونصحتَ، فجزاک اللَّه خيراً!

فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ جنّته حقّ وناره حقّ، وأنّ الموت حقّ، وأنّ البعث بعد الموت حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ اللَّه يبعث من في القبور؟ قالوا: بلي نشهد بذلک. قال: اللهمّ اشهد!

ثمّ قال: أيّها الناس! إنّ اللَّه مولاي، وأنا مولي المؤمنين، وأنا أولي بهم من أنفسهم، فمن کنتُ مولاه فهذا مولاه- يعني عليّاً- اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه.

ثمّ قال: يا أيّها الناس! إنّي فَرَطُکم، وإنّکم واردون عليَّ الحوض؛ حوض أعرض ما بين بُصْري وصنعاء، فيه عددَ النجوم قِدْحانٌ من فضّة، وإنّي سائلکم حين تردون عليَّ عن الثَّقَلَين،[1] فانظروا کيف تخلفوني فيهما! الثَّقَل الأکبر کتاب اللَّه عزّوجلّ، سبب طرفه بيد اللَّه وطرفه بأيديکم، فاستمسِکوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا؛ وعترتي أهل بيتي، فإنّه نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن ينقضيا حتي يردا عليَّ الحوض.[2] .

[صفحه 304]

818- الخصال عن حذيفة بن أسيد: لمّا رجع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من حجّة الوداع ونحن معه، أقبل حتي انتهي إلي الجُحْفة، فأمر أصحابه بالنزول، فنزل القوم منازلهم، ثمّ نودي بالصلاة، فصلّي بأصحابه رکعتين، ثمّ أقبل بوجهه إليهم فقال لهم:

إنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّي ميّت وأنّکم ميّتون. وکأنّي قد دُعيت فأجبت، وإنّي مسؤول عمّا اُرسلت به إليکم، وعمّا خَلّفت فيکم من کتاب اللَّه وحجّته، وإنّکم مسؤولون، فما أنتم قائلون لربّکم؟

ثمّ قال لهم: ألستُم تشهدون أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّي رسول اللَّه إليکم، وأنّ الجنّة حقّ، وأنّ النار حقّ، وأنّ البعث بعد الموت حقّ؟ فقالوا: نشهد بذلک.

قال: اللهمّ اشهد علي ما يقولون! ألا وإنّي اُشهدکم أنّي أشهد أنّ اللَّه مولاي، وأنا مولي کلّ مسلم، وأنا أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فهل تقرّون لي بذلک وتشهدون لي به؟ فقالوا: نعم نشهد لک بذلک.

فقال: ألا من کنتُ مولاه فإنّ عليّاً مولاه، وهو هذا. ثمّ أخذ بيد عليّ عليه السلام فرفعها مع يده حتي بدت آباطهما، ثمّ قال: اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه، وانصُر من نصره واخذُل من خذله، ألا وإنّي فَرَطکم وأنتم واردون عليَّ الحوض؛ حوضي غداً، وهو حوض عرضه ما بين بُصري وصنعاء، فيه أقداح من فضّة عددَ نجوم السماء، ألا وإنّي سائلکم غداً: ماذا صنعتم فيما أشهدتُ اللَّه به عليکم في يومکم هذا إذا وردتم عليَّ حوضي؟ وماذا صنعتم بالثقلين من بعدي؟ فانظروا کيف تکونون خلفتُموني فيهما حين تلقوني!

قالوا: وما هذان الثقلان يا رسول اللَّه؟

[صفحه 305]

قال: أمّا الثقل الأکبر فکتاب اللَّه عزّ وجلّ، سبب ممدود من اللَّه ومنّي في أيديکم، طرفه بيد اللَّه، والطرف الآخر بأيديکم، فيه علم ما مضي وما بقي إلي أن تقوم الساعة؛ وأمّا الثقل الأصغر فهو حليف[3] القرآن، وهو عليّ بن أبي طالب وعترته. وإنّهما لن يفترقا حتي يردا عليَّ الحوض.[4] .



صفحه 303، 304، 305.





  1. سَمّاهُما ثَقَلَيْن لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل. ويقال لکلّ خطير نفيس: ثَقَل، فسَمّاهُما ثَقَلَيْن إعظاماً لِقَدْرهما، وتَفْخيماً لشَأنهما (النهاية: 216:1).
  2. المعجم الکبير: 3052:180:3 و ص 2683:67، تاريخ دمشق: 8714:219:42، البداية والنهاية: 349:7، الفصول المهمّة: 40 وفيه إلي «عاداه»؛ تفسير العيّاشي: 3:4:1 عن المفضّل بن صالح عن بعض أصحابه وراجع اُسد الغابة: 2729:136:3.
  3. کُلّ شي ء لَزمَ شيئاً فلم يُفارِقه فهو حَلِيفُه (لسان العرب: 54:9).
  4. الخصال: 98:65.