يوم غدير خمّ











يوم غدير خمّ



في أحاديث الشيعة أخبار کثيرة تحدّد موضوع الآية بنصب النبيّ صلي الله عليه و آله للإمام عليّ عليه السلام قائداً للاُمّة من بعده، من دون أن تُشير إلي ذکر يوم الغدير أو أيّ يوم آخر غيره. بيد أنّ هناک ما يناهز العشرين حديثاً تتحدّث صراحة علي أنّ الآية نزلت يوم الغدير.[1] کما توجد أحاديث في کتب أهل السنّة تنتهي أساساً إلي أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، تُشير أيضاً إلي أنّ الآية نزلت في يوم الغدير، الموافق للثامن عشر من ذي الحجّة سنة عشر للهجرة،[2] وهذه الأحاديث تتوافق مع القرآن، ولا مناص من التسليم بها، وإلّا ليس ثمّة يوم يمکن العثور عليه في حياة النبيّ صلي الله عليه و آله ينطوي علي ما ذکره القرآن من خصائص غير يوم الغدير.

فبتعيين القائد المستقبلي للاُمّة الإسلاميّة من قِبَل اللَّه سبحانه في هذا اليوم، اندحر الکافرون، وانقطع دابرهم، وتبدّلت آمالهم يأساً، وقد کانوا من قبل يظنّون أنّ هذا الدين متقوّم بشخص النبيّ ووجوده الأقدس، فإذا ما غاب عن الساحة انتهي أمر الإسلام، وصار إلي زوال.

في هذا اليوم تکامل منهاج الإسلام، وتمّت اُطروحته لإدارة غد البشريّة، وتدبير أمر العالم کلّ العالم.

وبتبوّأ شخصيّة شاهقة متألّقة کالإمام أميرالمؤمنين عليه السلام الذي هو عِدل النبيّ-

[صفحه 286]

باستثناء النبوّة-[3] وتعيينه للخلافة، کملت نعمة اللَّه سبحانه علي الاُمّة الإسلاميّة.

وباستکمال منهاج الإسلام، وبلوغ برنامجه الذروة لتکامل المجتمع الإنساني مادّياً ومعنويّاً؛ رضي اللَّه سبحانه الإسلام ديناً لتکامل الإنسان.

ثمّة قرائن وافرة تدلّ علي أنّ يوم إکمال الدين هو يوم الغدير؛ فها نحن نُبصر علي المسرح التاريخي لوقائع يوم الغدير عام (10 ه) يدَي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله تضع العمامة علي رأس عليّ عليه السلام في مراسم مهيبة،[4] ثم هو ذا النبيّ يضع بنفسه برنامجاً خاصّاً لتهنئة الإمام القائد في ذلک اليوم،[5] فينثال علي الإمام الصحابة الکرام مسلّمين ومهنّئين،[6] وهذا حسّان بن ثابت يطلع من بين الصفوف بقصيدة توثّق الواقعة،[7] وبعد ذلک کلّه يُصار لإعلان يوم الغدير عيداً من أعظم الأعياد الإسلاميّة.[8] .

فهل تدع هذه القرائن شکّاً في أنّ يوم إکمال الدين هو يوم الغدير، بالأخصّ حين تنضمّ إليها وثائق وقرائن کثيرة اُخري تاريخيّة وحديثيّة؟



صفحه 286.





  1. راجع: الأمالي للصدوق: 197:188، کمال الدين: 276، اقبال الأعمال: 262:2؛ شرح الأخبار: 105:1، الغيبة للنعماني: 8:69، الاحتجاج: 342:1، إعلام الوري: 263:1، اليقين: 212، تفسير فرات: 123:118.
  2. راجع: کمال الدين: 276 والغدير: 230:1.
  3. راجع: أحاديث المنزلة.
  4. راجع: التتويج يوم الغدير.
  5. راجع: التهنئة القياديّة.
  6. راجع: التهنئة القياديّة.
  7. راجع: أبيات حسّان بن ثابت.
  8. راجع: عيد الغدير في الإسلام.