الولادة المعجزة











الولادة المعجزة



کانت لولادته- کما لمقتله- (ع)، شهادة حق علي صدق رسالات الله.. إنه آية الله العظمي في کل جوانب حياته، من ولادته إلي شهادته. فلماذا تحاط ولادة الرسل والأئمة بالآيات؟ فموسي (ع) يقذف في التابوت ليلقيه اليم بالساحل.. وليُصنع علي عين الله. وعيسي (ع) يولد من غير أب، ويکلِّم الناس في المهد صبيّاً. وسيدنا محمد (ص) ترافق ولادته حوادث عظيمة، تسقط شرفات قصر فارس، وتخمد نيرانهم، وتغيض بحيرة ساوة، وتفيض الأخري في سماوة و. و.

والإمام علي يولد في الکعبة بعد أن ينشق لأمه فاطمة بنت أسد، جانب المستجار، لماذا؟. هل لأنهم قد اصطفاهم الله لرسالاته قبل الولادة، حيث بادروا بالتلبية في عالم الذر قبل غيرهم من الصالحين، فاجتباهم علي علم، وأبان فضلهم بالولادة المعجزة.[1] .

أم لأن الله سبحانه اطَّلع علي مستقبل حياتهم، فأکرم مواقفهم المسؤولة التي يعلم أنهم سوف يختارونها بکل حرية فأکرم مثواهم، وجزاهم بطيب الولادة، وإعجازها؟.. أم لأن الرب سبحانه أراد بذلک أن يکرم الأصلاب الشامخة والأرحام الطاهرة ممن ولدوهم، کما فعل بمريم الصدِّيقة، لمکانها عند ربها، أو بزکريا وزوجته عليهم السلام جميعاً؟. أم لأسباب أخري؟ ولکن الولادة المعجزة بلاغ مبين للناس، بشأن الوليد العظيم بدون أدني شک. بعد أن خرجت أم علي (ع) تحمله، استقبله النبي محمد (ص) وهو يعلم أنه سيکون وصيَّه وخليفته، فعمَّ السرور قلبه الکبير. ولم يتفارقا منذ تلک اللحظة حتي ارتحل عنه النبيُّ (ص) إلي ربه، فلزم الوصي سنَّته حتي الشهادة. وحين يصف الإمام بفخر عظيم تلک العلاقة الحميمة بينه وبين النبي (ص) لايدع لنا إشکالاً في أنها کانت من تقدير الله عزَّوجلَّ وأن لها آثارها في بلاغ رسالاته إلي الناس..يقول: «أنا وضعت في الصغر بکلاکل العرب، وکسوت نواجم قرون ربيعة ومضر، وقد علمتم موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد يضمّني إلي صدره، ويکنفني في فراشه، ويمسُّني جسده، ويشمّني عرفه، وکان يمضغ الشي ء ثم يُلقمنيه، وما وجد لي کذبة في قوله، ولا غلطة في فعل، ولقد قرن الله به (ص) من لدن أن کان فطيماً أعظم ملک من ملائکته يسلک به طريق المکارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره، ولقد کنت اتبعه اتِّباع الفصيل أثر أُمه، يرفع لي کل يوم من أخلاقه علَماً ويأمرني بالاقتداء به. ولقد کان يجاور کل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (ص) وخديجة وأنا ثالثهما، أري نور الوحي والرسالة. واشم ريح النبوَّة».[2] .









  1. هکذا جاء في بعض النصوص المأثورة.
  2. نهج البلاغة الخطبة (192).