هكذا وقعت الواقعة











هکذا وقعت الواقعة



في البلاد الإسلامية جيشان جيش الشام وجيش الکوفة، وها هما يلتقيان لا ليحاربا عدوّاً مشترکاً، وإنما ليتحاربا. فکم کانت الصدمة عنيفة في نفوس المسلمين، وکم مشي رجال طيبون، وکم سعي الإمام (ع) لردع معاوية عن هذا الغي والفساد العريض. فمنذ أن التقي الجيشان بعث الأمام کبار قادته، إلي معاوية وقال لهم: ائتوا هذا الرجل فادعوه إلي الله عزَّوجلَّ وإلي الطاعة والجماعة. ولکنه يرفض إلاّ المطالبة بدم عثمان- کما يزعم- ويحاول أن يستخدم الوسائل الحربية التي کانت شائعة في الجاهلية. فلقد کتب في سهم أن معاوية يريد أن يفجر عليکم الفرات، فيغرقکم فخذوا حذرکم، ويرمي به إلي معسکر الإسلام فيقع السهم بيد رجل فينقل الخبر إلي الآخرين، وکالعادة تنتشر الشائعة في المعسکرات سريعاً، ويرتحل الجيش عن الشريعة ويهجم معاوية عليها. ولکن أصحاب الإمام لايلبثون أن يزحزحوه عنها. وعندما منع معاوية الماء- بعد سيطرته علي الشريعة- عن أصحاب الإمام، وأمر الإمام بکسر الحصار عنها، وقال کلمته المشهورة: «الحياة في موتکم مقهورين، والموت في حياتکم قاهرين». وزحف أصحاب الإمام (ع)نحو الماء وهزموا أعداءَهم، واستولوا عليه. وزعم البعض أن الإمام سوف يقابل أعداءه بالمثل لأن الحرمات قصاص. ولکنه رفض ذلک بقوة، وأرسل إلي معاوية رسولاً وأخبره بأن السبيل إلي الشريعة سالک وبإمکان جيشه الورود إليها متي ما شاؤوا.