بنو أمية تتسلل إلي السلطة











بنو أمية تتسلل إلي السلطة



إذا کانت معادلة السلطة مالت في أخريات أيام الخليفة الثاني إلي جانب الخط الرسالي، فإنها فسدت في عهد الخليفة الثالث، لمصلحة الخط الأموي بعد نجاح هذا الخط في دعم خلافة واحد منهم، وإخفاء آثار اغتيال الخليفة، بقتل المشارکين فيها من غير حزبهم! وهکذا لم يکن تسلل بني أمية إلي السلطة في عهد الخليفة الثالث خارجاً عن منطق الأحداث. فإنما صعد نجم الخليفة بهم، ولعل الشرط الثالث الذي اقترحه عبدالرحمن علي الإمام علي فرفضه وقبله عثمان کان محتواه إبقاء امتيازات بني أمية، ومنها ولاية الشام لمعاوية. ولقد قال الخليفة الثاني عند وفاته لعثمان: هبها إليک کأني بک قد قلدتک قريش هذا الأمر لحبها إياک، فحملت بني أمية وبني معيط علي رقاب الناس، وآثرتهم بالفي ء، فسارت إليک عصابة من ذؤبان العرب فذبحوک علي فراشک ذبحاً. والله لئن فعلَتْ لَتفعلنّ ولئن فعلتَ لَيُفعلن بک، ثم أخذ ناصيته وقال: فإذا کان ذلک فاذکر قولي[1] .

هکذا أوجز بعض المؤرخين الوضع في عهد الخليفة الثالث فقال: لقد أوطأ بني أمية رقاب الناس، وولاهم الولايات، وأقطعهم القطائع وافتتحت أرمينية في زمانه فأخذ الخمس کله ووهبه لمروان. وطلب منه عبدالله بن خالد بن أسيد خلة، فأعطاه أربعمائة ألف درهم، وافتتح خلافته بإرجاع الحکَم بن أبي العاص وبنيه وأسرته إلي المدينة بعد أن طردهم رسول الله (ص) منها، ولم يقبل ( رسول الله (ص) بهم شفاعة أحد أبداً. کما رفض الشيخان أبوبکر وعمر إرجاعهم إليها وشفاعة المتشفعين بهم. وقد أنکر المسلمون ذلک أشد الإنکار. ولکن عثمان لم يلبث أن ولاه صدقات قضاعة فبلغت ثلاثمائة ألف درهم فوهبها له. ثم إن رسول الله (ص) کان قد تصدق بموضع سوق في المدينة يُسمَّي (بهزون) علي المسلمين فأقطعه ابن عفان إلي الحرث بن الحکَم شقيق مروان- کما يذکر ذلک ابن أبي الحديد- ويضيف: أقطع مروان خدعاً وکانت لفاطمة الزهراء (ع)، وحمي المراعي حول المدينة کلها، منع عنها مواشي المسلمين، وأباحها لمواشي بني أمية. وأعطي عبدالله بن أبي سرح- وهو أخوه من الرضاعة- جميع ما أفاء الله عليه من فتح أفريقيا. وأعطي أباسفيان بن حرب مائتي الف من بيت المال في اليوم الذي أمر فيه لمروان بمائة ألف، وکان قد زوجه ابنته أم أبان، فجاءه زيد بن أرقم صاحب بيت المال بالمفاتيح ووضعها بين يدي عثمان وبکي- فقال له: لتبکي أن وصلت رحمي؟ فقال: لا ولکن أبکي لانني ظننت انک أخذت هذا المال عوضاً عما کنت تنفقه في حياة رسول الله، والله لو أعطيت مروان مائة درهم لکان کثيراً عليه، فقال له: أُلقِ المفاتيح يابن أرقم فإنا سنجد غيرک.









  1. المصدر: (ص 380).