سيدة النساء النصيرة الأولي للإمام











سيدة النساء النصيرة الأولي للإمام



هکذا أُفرزت الأجنحة السياسية بوفاة الرسول (ص)، وحُددت ملامح المعارضة الرسالية التي طالبت بعودة الإمام عليٍّ إلي الحکم لانه الأفضل، ولان الرسول الذي لاينطق عن الهوي قد أمر بذلک وشدد أمره بأخذ العهود والمواثيق. وکانت بنت رسول الله- فاطمة الزهراء عليهاالسلام- أشد المدافعين عن الإمام (ع) وأقواهم، وبالرغم من أنها لم تعش بعد والدها طويلاً، لانها صُفِّيت، وکانت أول من يلتحق بأبيها، إلا أن معارضتها الشجاعة فتحت أبواب المعارضة أمام أنصار الإمام (ع) وأعطتهم المنهج وشحنت إرادتهم بالعزم، خصوصاً بعد استشهادها ووصيتها بأن يُخْفَي محلُّ دفنها، ولا يحضر جنازتها مَنْ ظَلَمها.. ولقد أصبحت شهادة فاطمة (ع) راية ظلامة حارب تحت ظلها کل المحرومين عبر التاريخ.. وإن غيابها المبکِّر وبتلک الصورة الفجيعة، جدد أحزان المسلمين بفقد الحبيب محمد (ص)، وأثار في القلوب المجروحة بمصيبة الرسول زوبعة من العواطف الصادقة التي تحولت مع الزمن إلي قوة تحدٍّ لاتقهر..لقد حفرت کلماتها المضيئة في أفئدة الناس أنهراً من الحماس والتحدي الرسالي.فقد قالت لنساء الأنصار حين زرنها في مرض موتها وقلن لها: کيف أصبحت يا بنت رسول الله؟ قالت لهنَّ فيما قالت: لقد زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الروح الأمين، والطبين بأمر الدنيا والدين، أَلاَ ذلک هو الخسران المبين، ومضت قائلة: «وما الذي نقموا من أبي الحسن، نقموا منه- والله- نکير سيفه، وشدة وطأته، ونکال وقعته، وتنمُّره في ذات الله». ثم قالت:«استبدلوا والله الذُّنابي بالقوادم، والعجز بالکامل، فرغماً لِمَعاطس قومٍ يحسبون أنهم يحسنون صُنعاً، ألاَ إِنهم هم المفسدون ولکن لايشعرون. ويحهم، أفمن يَهدي إلي الحق أحقُّ أن يُتَّبع أمَّن لايَهِدِّي إلا أن يُهْدَي فمالکم کيف تحکمون »[1] .









  1. سيرة الأئمة الاثني عشر: ج 1، ص 124.