يوم حنين











يوم حنين



لقد تم فتح مکة بيسر لم يحلم به المسلمون، ودب إلي قلوبهم الغرور، ولکنهم لم يهنأوا به طويلاً إذ استقبلهم خطر عظيم فها هي هوازن وثقيف وحلفاؤهم المشرکون، يُعَبِّأون کل طاقاتهم للهجوم علي المسلمين، فيجهزون جيشاً يبلغ ثلاثة أضعاف جيش الإسلام. وحين بادرهم الرسول (ص) بالخروج إليهم استفادوا من خبرتهم بأرضهم، فکمنوا له في مضيق جبلي لابدّ من مرور جيش الإسلام به في وادي حنين، وهي من أودية منطقة تهامة، ويصف المعرکة بعض مشاهديها قائلا: فما راعنا- ونحن نسير إلي القوم لنأخذهم علي غرة قبل أن يأخذوا حذرهم-، إلاّ وکتائب هوازن ومن معهم من العرب قد شدُّوا علي المسلمين شدَّة رجل واحد من کل جانب، فأمعنو فينا ضرباً وطعناً، واختلط الناس بعضهم، فاستولي الخوف علي المسلمين ودب فيهم الذعر، فانهزموا عن النبيِّ (ص) لا يلوون علي شي ء، وثبت رسول الله (ص) في مکانه، ومعه علي والعباس بن عبدالمطلب وأبوسفيان بن الحارث، واسامة بن زيد[1] .

وثبت الرسول وحوله الفتية من بني هاشم يتقدمهم علي بن أبي طالب (ع) الذي أخذ يکشف الکرب عن وجه رسول الله، ويضرب بالسيف يمنةً ويسرةً، فلم يقترب إلي الرسول أحد إلاّ وضربه بسيفه. ونادي العباس عم النبي برفيع صوته وبأمرالرسول: يا أهل بيعة الشجرة، يا أهل بيعة الرضوان، إلي اين تفرُّون عن الله ورسوله، فعادت طائفة منهم بلغت زهاء مائة فبرز «جرول» حامل راية هوازن فتحاماه الناس لصولاته الشديدة، فبرز إليه علي (ع) وقتله فدب الذعر في نفوس القوم، وقتل الإمام منهم أربعين بطلاً وعاد المسلمون إلي المعرکة، والْتَحم الجيشان، وأخذ النبي (ص) حفنة من التراب وأعطاها للإمام فألقاها في وجه المشرکين وهو يقول: شاهت الوجوه، وخلال ساعات دارت المعرکة علي الکفار وترکوا أرض المعرکة، وفيها نساؤهم وأطفالهم وأموالهم، وحمل الإمام علي (ع) وسام النصر کعادته في کل الحروب.









  1. المصدر: ص 253.