عبدالحميد الخطي











عبدالحميد الخطي



(1331 ه-...)

هو الشيخ عبدالحميد ابن الامام العلامة الشيخ ابي الحسن علي الخنيزي امام القطيف في عصره، علامة فاضل وأديب بارز، ولد في اسرة معروفة بالعلم والفضل عام 1331 ه 1913 م فنشأ في رعاية أبيه الفاضل وتتلمذ علي يديه فقيهاً أديباً، ثمّ انقطع إلي الحوزة العلمية ودرسها في النجف الأشرف فنهل من علومها ومعارفها وحضر عند اساتذتها الأکفاء لکنه ما کاد يرتوي حتي استوي الي جنب ذلک شاعراً يُشار إليه بالبنان فانکفأ علي الأروقة والمکتبات يستظهر فيها قديم الادب وحديثه ثم ليشارک في المنتديات والمحافل حتي عاد إلي بلده فأسهم في تربية جيل جديد من الأدباء، کما درَّس مجموعة من المشايخ علوم الحوزة، وهو في غمار ذلک قاضي قضاة المحکمة الجعفريّة في بلده، ونشر العديد من قصائده ومقالاته في الصحف کما ربطته بأدباء العربية علائق شخصيّة وکتبت عنه دراسات ونقود، وما زال يواصل شوطه الطويل کأحد ابرز شعراء منطقة الخليج وعلمائها.

تحية وهدية إلي الصديق الوفي الاستاذ الشيخ علي الصغير.

أرهفوا السمع وانصتوا يا رفاقي لأساطير شاعر خلاق!

رب يوم قبل العصافير في الغاب، وقبل الشموس في الآفاق

في سکون الدجي، وفي هدأة الجدول، في غفوة الشذا العبّاق

[صفحه 242]

جئت أسعي لمشهد «البطل الفرد» وسر «المکوّن» الخلّاق


غربت أنجم السماء ولاحت، أنجم في سماه[1] ذات التلاقي

والثريا[2] عريانة... تتجلي قد أحيطت من السنا بنطاق

وبقايا الظلام في غرة الفجر تراءت کالکحل في الآماق

من رأي الفجر مصلتاً ضبة النور، ويعدو خلف الدجي، کالعتاق

والدجي خافق الجوانح، واهي العزم في حيرة، وفي إطراق

ذعر الليل هاتفاً: بالنجوم الزُهر: هيا قد آن وقت الفراق


هکذا الفجر قلّ لليل جيشاً بعمود من موجة الانبثاق

إنما يبلغ القوي الأماني ويؤوب الضعيف بالإخفاق

فتح الفجر جفنه فاکتسي الکون بروداً من السنا البراق

وانثني الفجر مائس العطف يختال علي ظل بنده الخفاق

وخفيق الأوارق والنسم الساري وعبق الربي ولحن السواقي


وتمطي الصباح من مهده الواجم يصغي لصيحة الصفاق

وأطلّت من خدرها غادة الآفاق ترنو الوجود لحظ استراق

وتهادت في موکب الحسن ثملي تتخطي مناکب الآفاق

هبطت من سمائها بعد لأي تسکب النور فوق تبر الرواق

[صفحه 243]

وصحا الطير بعد نوم عميق يتغني علي الغصون الرشاق

يا لها من مناظر تترک الشاعر رهن الفتون والأشواق


مشهد أبدعت يد الفن فيه متعة النفس نزهة الأحداق

ملأ النفس نشوة وارتياحاً فوجدت المرير حلو المذاق

وسقاني من خمرة الوحي کأساً حلقت بي لعالم الإشراق

أنا منها کأنني في ظلال الخلد، في جنب جدول دفاق


أنت أطلقتني وکنت أسيراً طالما قد شکوت عض وثاقي

بک أصبحت کالوليد، خلياً من هموم الحياة، والأطراق

سوف أدعو الألطاف، والنعم البيض، وتبقي في القلب مادمت باقي

ويوفيک شاعر أعمق الود ظهور الفؤاد سمح الخلاق

کعبة الدين معهد الأدب الحي، کيان الاسلام والاخلاق

ووفود العلوم من کلّ فجّ نهلت من نميره الرقراق

«قبة» دون قدمها القبة الزرقاء في رقعة، وفي إشراق

قد تعالت عن أن يحيط بها الوصف وأعيت خواطر السبّاق

إن تجدني قصَّرت في الوصف اني قد رأيت التصوير غير مطاق

جئت أسعي لمشهد البطل الفرد وسر المکوّن الخلّاق!

[صفحه 244]


صفحه 242، 243، 244.








  1. الضمير يعود علي المشهد في البيت السابق.
  2. المراد من الثريا هنا ثريا الکهرباء في سقف المشهد المعبر عنه لسموه بالسماء.