رثاء أميرالمؤمنين











رثاء أميرالمؤمنين



وهنا يضع الشاعر آخر قطرة من مداد قلمه ليرثيه بهذه القصيدة التي نقتطف منها هذه الأبيات:


غاب ضوء النهار قبل انقضائه
هات يا شعر أدمعاً لرثائه


واذکر النسر عالياً لم يُدَنّس
فالأثير الطهور في أجوائه


يکسف الشمس بالجناح عريضاً
ويسد الفضاء رحب فضائه


في خضمٍّ من الضياء رحيب
صبَّ فيه الإله فيض بهائه


زوج بنت الرسول خلقک أسمي
من مناط العيُّوق في إسرائه


شيمة النور أن يظلّ نقياً
لا يمسّ الغبار کُنْهَ صفائه


يا أمير البيان نهجک بحر
تتلاقي الأرواح في أثنائه


متعة السمع والقلوب رواءً
وزئير الأقدار في أنوائه


يا أمير الزهّاد صيتک أنقي
من جبين العذراء قبل اصطلائه


يا يمين السفاح شلَّت يمينٌ
حملت للإمام يوم انتهائه


لم يرعه الإمام وهو يصلي
والملاک السميع في إصغائه


ومشي الليث للعرين جريحاً
مرسلاً طرفه إلي أجوائه


قال مدّوا له الفراش وثيراً
وأعدّوا أطايباً لغدائه


فاذا عشت فالجروح قصاص
وإذا متّ حان يوم انقضائه


جهش المسجد اليتيم بکاءً
حين غاب الإمام من فقهائه


وبکي الشط والفرات وغاضت
زقزقات الهزار في غينائه

[صفحه 228]

فقدت عِزّة الحجاز علياً
خاتم الراشدين من أمرائه


واشرأبت تهامة وعسير
وتنادت جبالها لبکائه


وأخيراً فقد وضع لملحمته هذه المسماة عيد الغدير خاتمة مطلعها:


يا إله الأکوان أشفق عَليّا
لا تمتني غِبّ العذاب شقيّا


ثم يقول:


أنت ألهمتني مديح عليّ
فهمي غيدقُ البيان عَلَيّا


وتخيّرتَ للأمير وأهل ال
-بيت قلباً آثرته عيسويّا


هکذا کان صهر أحمد يضفي
نبله مل ء سرحة الدهر فَيّا


هو فخر التاريخ لا فخر شعب
يدّعيه ويصطفيه وليّا


لا تقل شيعةٌ هواةُ عليّ
إن في کل منصف شيعيّا


يا عليّ العصور هذا بياني
صغت فيه وحي الإمام جليّا


أنت سلسلت من جمانک
للفصحي ونسَّقت ثوبها السحريّا


يا أمير البيان هذا وفائي
أحمد اللَّه أن خُلِقت وفيّا


جلجل الحق في المسيحيّ حتي
عُدَّ من فرط حبِّه علويّا


فإذا لم يکن عليّ نبيّاً
فلقد کان خلقه نبويّا


سفر خير الأنام من بعد طه
ما رأي الکون مثله آدميّا


يا سماءُ اشهدي ويا أرض قرّي
واخشعي إنني ذکرت عليّا


بيروت في حزيران سنة 1948

وله في غير هذه الملحمة قوله:


أنا مولي من حباه ربّه
بالرضا فاطمة زين العربّ


لست مولي الخاطب الوغد الذي
رُدَّ بالخيبة لمّا أن خطبْ

[صفحه 229]


صفحه 228، 229.