الحُلم الأخير











الحُلم الأخير



وعند هذا المنعطف الخطير ألقي الشاعر عصاه ورسا بسفينته في ميناء التأريخ ليسدل الستار علي آخر ليلة من حياة رجل عظيم، عظيم بنفسه، وعظيم بإباء الدنيا أن تلد مثله فکتب يقول:


أرِق الليل لا يذوق المناما
غير ما تخطف العيون لماما


ليلة تصبغ النجوم بلون ال
-همّ حتي الظلام يخشي الظلاما


وأحس الأمير مثل انقباض ال
-ورد، إمّا يُقطِّبِ الأکماما


ناء بالحمل وَعيُهُ کمريضٍ
بهظته همومه فاستناما


وتراءي له الرسول کضوء ال
-فجر يلقي علي الرياض سلاما


غبطةٌ لم ينل سواها عليٌّ
منذ مات الرسول إلا مناما


وشکا للرسول شعباً عقوقاً
عاد أعمي أو مبصراً يتعامي


خاصموني کأن صهرک لم يس
-لل حساماً فينصر الإسلاما


وأنا من علمت في الدين والهي
-جاء کهلا ويافعاً وغلاما


إن أکافأ بکل جرح وساماً
کان لي مِئزر السماء وساما


إن هذي الکلوم لسنٌ فِصاح
لا تماري لو يفقهون الکلاما


قال: تدعو عليهم قال: أدعو ال
-لَّه رَبي أن يفقدوني إماما


فيليهم بعدي إمام ظلوم
وأري جنة النعيم ختاما


واستفاق الکئيب يغرق في الرؤ
يا ويستشعر الممات الزؤاما


ذلک الليل لَفّ صِلّا وأفعي
خارجيَّين يشحذان الحساما

[صفحه 226]

مشرفيّاً يفي صداق (قطام)
لعن اللَّه (ملجماً) و (قطاما)


هَبّ في الصبح للصلاة عليّ
کصباح يُودّع الأياما


حاسراً سار للصلاة کوجه ال
-حق، والحق لا يطيق اللثاما


بلغ المسجدَ الطَهور فلاقا
هُ الأوزُّ الصَخَّاب يرفع هاما


رامَ أن يسکت النوائحَ صحبٌ
روَّعته صيحاتها استشآما


فيقول الأمير لا تزجروها
غمر اللَّه قلبها إلهاما


سوف تأتيکم النوائب بعدي
دفق غيث من ثقله يتهامي


تشهق الأرض من دماء الضحايا
فيموتون خضَّعا أغناما


يا حساما قد فلّ رأس عليّ
طبت من طعنة الورود حساما


قد شربت الدمَ الزکيّ، فطار ال
-رجس، کالشمس اذ تحلّ الغماما


يا صلاة الختام، في المسجد المح
-زون، طيري إلي السماء ضراما


طيِّبي مجلس الامير ومدِّي
ظل (طوبي) لظله إکراما


مسجد کان مهده، يوم جاء ال
-کون، فاستقبل الحطيمُ الاماما


لاح في مکة هلالا وليداً
وهوي في العراق بدراً تماما

[صفحه 227]


صفحه 226، 227.