محمد جمال الهاشمي











محمد جمال الهاشمي



(1332 ه- 1397 ه)

السيد محمد ابن السيد جمال ابن السيد حسين ابن السيد محمد علي الموسوي الگلبايگاني، عالمٌ فاضلٌ مؤلّف وشاعر، شارک في المنابر والاحتفالات والمنتديات.

ولد في النجف الأشرف سنة 1332 ه 1914 م، ونشأ بها علي أبيه الذي أدخله المدرسة العلوية الإيرانية، ثم بدأ يتردد علي الجامع الهندي فأخذ فيه المقدمات والسطوح علي الشيخ المظفر وغيره، والحلقات التي حضرها في البحث الخارج کحلقة الآغا العراقي، والسيد الأصفهاني، ثم أبيه الذي أصبح احد المراجع بعد وفاة السيد الأصفهاني.

سافر إلي إيران أکثر من مرّة وتعرف إلي رجالات العلم والسياسة. وکان أحد المساهمين في جمعية المنتدي، وبعد انهيار کليتها خرج منها إلي جمعية الرابطة، وعمل بها فترةً حيث أصبح أحد الوجوه الأدبيّة البارزة في الحوزة.

أجازه في الاجتهاد الشيخ العراقي والسيد الأصفهاني، وکان يقيم الصلاة في مسجد الرأس الشريف. وله کتب عدة منها اثنان مطبوعان: الزهراء، الأدب الجديد، والباقية مخطوطةٌ منها: تأريخ الأدب العربي، هکذا عرفت نفسي، حاشية علي حاشية ملا عبداللَّه، حاشية علي المطول، حاشية علي الکفاية، حاشية علي الرسائل، حاشية علي المکاسب، رسائل في أهم المباحث

[صفحه 188]

الأصولية، توفي عام 1397 ه 1977، وطبع ديوان شعره مؤخّراً.

له، وعنوانها «ملحمة بدر الکبري» قوله:


هتفت يثرب برمز الجهادِ
فتبارت فرسانها للطرادِ


ومشت حيث ضمها المسجد السا
مي جلالا بخشعة واتئاد


ساد فيها السکون لما علا ط
-ه نبي الهدي علي الأعواد


راية الحمد ظللته فأمسي
يتهادي في ظلها المياد


تحتها فارس تجلل بالنو
ر فشعت منه الربي والبوادي


النبي الهادي الذي قاد بالإع
-جاز للحق موکب الآباد


وعلي علي اليمين وقد ظل
-له في لوائه المتهادي


صهره وابن عمه من فداه
(ليلة الغار) فهو أعظم فادي


هاج وادي القري وماجت قريش
تتهيا للحرب في کل وادي


ومطت للکفاح حيث التقت في
(سفح بدر) مع النبي الهادي


وهناک السيوف غنت نشيد ال
-مجد حتي هزت قدود الصعاد


ألبراز البراز صوت تعالي
رددته السهول للأطواد


وعلا صوت (حيدر) بطل الإس
-لام للحرب والصراع ينادي


وجم الجيش هائباً من صراع
فيه خارت عزائم القواد


فانثني هارباً وأبقي لجيش ال
-لَّه غنماً يربو علي التعداد


وله، وعنوانها «عيد الغدير» قوله:


حسرت عن جمالک الأبصارُ
واختفت في جلالک الأعصارُ


أي سحر هواه معناک حتي
وقفت دون سره الأفکار


بات فيک الزمان ما بين شک
ويقين ماذا يضم الستار

[صفحه 189]

راح يخفي العدو فضلک جهلا
ويح إدراکه، أيخفي النهار


وغلا العاشق المضلل حتي
قال ما فوق قدره مقدار


بَيدَ أَني أراک للحق ميزا
ناً تساوت في عينه الأقدار


عد علي المسلمين بالخير يا عي
-د فبالشر تطفح الأقطار


فيک فجر الهدي أطل فشعت
من سناه الأنجاد والأغوار


أمک الحق ظامئاً فرواه
بالأماني (غديرک) الفوار


وأقام الإسلام فيک کياناً
ينمحي الدهر وهو لا ينهار


نزل الوحي في رباک عليه
واستبانت لعينه الأسرار


واعتلي يخطب الحجيج وما المن
-بر إلّا الحدوج والأکوار


فأحاط الجمهور بالوحي علماً
وعليه سکينة ووقار


وبأمر الاله صار علي
ملکاً إذ عنت له الأمصار


بايعته المهاجرون ونادت
باسمه في جموعها الأنصار


وله من قصيدة أيضاً:


ذکري لها نفسُ الشريعة تجزعُ
وأسيً له عينُ الهداية تدمع


رزءٌ له الاسلام ضجَّ وحادثٌ
من وقعه قلبُ الهدي يتصدَّع


أدري ابن ملجم حين سلَّ حسامَهُ
للفتک بالايمان ماذا يصنع


أردي به التوحيد في ملکوته
فالعرشُ مما قد جني متفجّع


أردي به الاسلام في توجيهه
فشعاعُهُ بدمائه متبرقع


يا فتکة جبارةً لم تندمل
أبداً وغُلَّةَ واجدٍ لا تنقع


الدين من جرَّائها متزلزلٌ
والحقُّ من نکبائها متزعزع

[صفحه 190]

صُمَّت لها أُذُنُ الحوادث دهشةً
وتلجلج التاريخ وهو المصقع


جُرحٌ أصاب الطهر في محرابه
من وقعه قلب الهدي يتوجع


لاقي الإله وذکره بلسانه
ومضي اليه ساجداً يتضرّع


بين الصلاة وتلک ارفع شارةٍ
يقضي شهيداً بالدماء يلفّع


ونعاه للملأ المقدس صارخاً
جبريل قد مات الإمام الأورع


وتهدمت في الأرض أرکان الهدي
فکيانُهُ من بعده متضعضع


وله کذلک:


أيُّها الليلُ الذي أوصافهُ
فوق ما يرسمُ منا القلمُ


ما الذي تخفيه يا ليل ففي
وجهک الکالح رعبٌ مؤلم


وإذا الصرخة تعلو بغتةً
وإذا المحراب يغشاه دم


أيها المجرم هل تعلم ما
ارتکبت نفسک أو لا تعلم


هل دري سيفُک في ضربته
هدم الطود الذي لا يُهدم


وَجَمَ الايمانُ منها فزعاً
وتلاشي في لهاه النغم


وهوي الاسلامُ منها خائراً
وانبري موکبُهُ يستسلم


والصلاة انهدمت أرکانها
بعدما طاح العماد الأعظم


والجهاد انغلقت ابوابُهُ
بعدما فُلَّ الحُسامُ المخذم


والکتاب التبست آياتُهُ
بعدما جفَّ البيان المحکم


والضمير انهارَ لما سقطت
قيمٌ فيها تقوم الشيم


أيها الفجر الذي آلاؤهُ
لم تزل في کلِّ جوٍّ تبسم


عميتْ عنک عيونٌ کُحلتْ
ضوؤها في مروديه الظُلَم

[صفحه 191]

زحفت أوغادها ناقمةً
ومن الفجر انبرت تنتقم


أطفأتْ شعلتَهُ في ضربةٍ
في ضمير الحقِّ منها ضَرَم


سفکت فيها دماً لمّا يزلْ
مائراً تيارُهُ يحتدم


شرحت تاريخ جيلٍ رکبُهُ
حفّزتهُ للصعود القمم


ضربةُ المجرم رمزٌ ملهبٌ
وشعارٌ فيه رفَّ العلم


أيُّها الدمع انسجم في ليلةٍ
مدمعُ الحقِّ بها منسجم


فالإمامُ المرتضي محرابُهُ
مائجٌ في دمه ملتطم


وأمينُ اللَّه في لاهته
نادبٌ يقطرُ من الألم


هُدمت واللَّه أرکان الهدي
وعُري الحقِّ غَدت تنفصم


وله أيضاً:


عيد، ويومُک للعواطف عيدُ
فيه لکل قريحةٍ تغريد


يومٌ ابانک للوجود کأنما
فيه أفيض علي الوجود وجود


ما کنت الا الفجر فاجأ أُمةً
غمرت عوالمها ليالٍ سود


بک يبتدي التأريخ تاريخُ السما
وإليک موکبه السعيدُ يعود


البيتُ بيت اللَّه جلَّ جلالُه
لا، ما بنته قُضاعة وزبيد


هو مقصد الأرواح حين عُروجها
للحق يحدو رکبَها التجريد


يسعي له التسبيح وهو مطأطئ
ذُلاً، ويلثمُ ساحَه التحميد


هو رمز معنيً لا يُحيط بکُنهه
لفظٌ، أشارَ لأفقه التوحيد


بيتٌ يطوفُ به الخلود مُدلّها
فله رُکوعٌ حوله وسجود


اللَّه قدّس ساحتيه، فما حوي
إلا الجلالَ فضاؤه الممدود


غفلت فهامت مريم مطرودة
منه وضاع مَقامها المحمود

[صفحه 192]

وولدت فيه، فأيُّ سرٍّ کامنٍ
بک قد تقدّس سره المولود


بشر باُفق اللَّه يبزغُ نجمُه
فشُعاعُه من نوره موقود


سُبحان مجدک ينتمي لأواصر
باللَّه حبل نظامها مشدود


لاغرو أن عبدتَکَ منهم فرقة
فجمال وجهک للهوي معبود


مولاي هَبْ لي من رحيقک جُرعةً
يقوي به تفکيري المکدود


فالحادثاتُ وما أمضَّ هجومها
أبلت قواي فعالمي مهدود


ويکاد لولا إنَّ لُطفک عاصمي
ينحلُّ حفل جهادي المحشود


فإذا نظرت الي حياتي رحمةً
سعُدت وأمرع حقلها المخضود


ورجعت يصحبني النجاح بموکب
في جانبيَّ لواؤه معقود


وله أيضاً:


طافَ کالحُلم في ضمير العصورِ
واعتلا کالشُعاع فوق الأثيرِ


وتجلّي کالفجر فاستقبلَته
بالتهاني مواکبُ التکبير


رددته الأجيال فاخترق التأ
ريخ يطوي الدهور بعد الدهور


ولدته عناصرُ العالم الأع
-لي وربّته أُمهات النور


هو صوت الحياة طاف علي الکو
ن بروحٍ علويّة التأثير


ردّدته قيثارة اللَّه وحياً
عبقريَّ الخَيال والتصوير


يُلهم الأنبياء معجزةَ الرو
ح فيُبدي للعين ما في الضمير


هو سرُّ الأسرار أظهره الل
-ه لنا من حِجابه المستور


وانبري يعبر العُصور الي أن
بلغ القصد وانتهي بالمسير


کم طوي البحر من قرونٍ وأجيا
ل إلي أن سما ليوم الغدير

[صفحه 193]

أکمل اللَّه سُنّة الخلق فيه
وانتهي من کتابه المسطور


وعلا ذلک النداء وقد کا
ن خفيّاً في العالم المستور


وتلاقي النوران في الأُفق النا
ئي فشعّت عوالم الديجور


وسما البدر بالشعاع، فلا تُب
-صر إلا نوراً سما فوق نور


منبرُ الحقِّ کان من حدق الشه
-ب وما کان من حدوج وکور


عانق الروح جسمه فهما في
نشوة الوصل والتذاذ السرور


ووفود الحجيج في غفوة الوح
-ي تري اللُبَّ من وراء القشور


نسمات الجنان قد أسکرتها
فهي لم تلتفت للفح الهجير


ونداءُ السماء اشغلها عن
زعقات الحادي وهمس الخفير


منظرٌ هائلٌ يحارُ به الل
-بُّ وتنهدُّ قوة التفکير


وکلام تعيه بالروح حين ال
أُذن صُمّت من روعة التعبير


يرفع المصطفي علياً، لکي يک
-شف فيه عن فضله المستور


رامزاً أنه عن الناس أسمي
رتبةً في جهاده المشکور


إنَّ فعل النبي أفصح من أن
يلجأ المستريب للتفسير


فهو يغني الجمهور عن نغمة الوح
-ي وتوقيعها علي الجمهور


قُل لمن يستجير باللفظ هذا ال
-فعل يلغي مکائد المستجير


إنما الوحيُ کان للفعل تأکي
-داً وللقول لذّة التقرير


توّج المصطفي عليّاً فأمسي
ملکاً للهدي بأمر القدير


فأعيدي يا ربّة الشعر ذکرا
ه وثرْ حافلاً به يا شعوري

[صفحه 194]


صفحه 188، 189، 190، 191، 192، 193، 194.