محمد المحجوب
الاستاذ محمد المحجوب، اديب وشاعر مرموق، سوري الأصل والمولد، سني المذهب، عاش في منتصف القرن العشرين الميلادي. لما شاهد، محمد محجوب قبر معاوية بن ابي سفيان، الواقع في خرائب دمشق الشام خلف الجامع الأموي، وفي أزقة في ملتوية، وراي المکان المهين، حيث دفن معاوية في قعر خربة مهجورة تحت النفايات اصيب بهزة عنيفة، واستيقض ضميره، وجري علي لسانه الحق، فوقف علي قبره منشداً قصيدته الرائعة «الدالية» معبراً فيها عما يختلج في ضميره من صحوة وإستيقاض، ومقايساً بين مرقد الامام الطاهر علي بن أبي طالب، الذي نازعه معاوية الملک طيلة اربعين عاماً، ذلک المرقد الشامخ السامق الشاهق في النجف الأشرف، وشده زحام زواره وکثرتهم، ومقارناً بين قبره المهجور المهين. وقد اسقطت القصيدة المذکورة من ديوانه «نار ونور» المطبوع سنة 1947 م وديوانه «همسات القلب» المطبوع في سنة 1970 م لظروف خارجة عن ارادته. القصيدة تربو علي الخمسين بيتاً اليک مقتطفاتٍ منها، وهذا مطلعها: أين القصور أبايزيد، ولهوها أين الدهاء نحرت عزته علي [صفحه 178] هذا ضريحک لو بصرت ببؤسه کتل من الترب المهين بخربة أرأيت عاقبة الجموح ونزوة أغرتک بالدنيا فرحت تشنها تعدو بها ظلماً علي من حبه علم الهدي وإمام کل مطهر ورثت شمائله براءة «أحمد» وغلوت حتي قد جعلت زمامها هتک المحارم واستباح خدورها ما کان ضرک لو کففت شواظها ولزمت ظل «أبي تراب» وهو من ولو أن فعلت لصنت شرع محمد ولعاد دين اللَّه يغمر نوره الد أأبا يزيد وساء ذلک عترة قم وارمق النجف الشريف بنظرة أبداً تباکرها الوفود يحثها نازعتها الدنيا ففزت بوردها وسعت إلي الاُخري فأصبح ذکرها وقد القيت هذه القصيدة في حفل تکريمي أُقيم للامام علي عليه السلام بمناسبة يوم الغدير في سوريا ولبنان، ونشرتها مجلة «العرفان» البيروتية بموجب کتاب. [صفحه 179]
(من شعراء القرن الرابع عشر)
والصافنات وزهوها والسؤدد
أعتاب دنيا سحرها لا ينفد
لأسال مدمعک المصير الأسود
سکر الذباب بها فراح يعربد
أودي بلبک غيها المترصد
حرباً علي الحق الصراح وتوقد
دين وبغضته الشقاء السرمد
ومثابة العلم الذي لا يجحد
فيکاد من برديه يشرق «أحمد»
ارثاً لکل مذمم لا يحمد
ومضي بغير هواه لا يتقيد
فسلکت نهج الحق وهو معبد
في ظله يرجي السداد وينشد
وحميت مجداً قد بناه «محمّد»
نيا فلا عبدولا مستعبد
ماذا أقول وباب سمعک موصد
يرتد طرفک وهو باک أرمد
من کل صوب شوقها المتوقد
ثم انطوي کالحلم ذاک المورد
في الخالدين وعطف ربک أخلد
صفحه 178، 179.