عبدالمهدي مطر











عبدالمهدي مطر



(1318 ه- 1395 ه)

الشيخ عبدالمهدي ابن الشيخ عبدالحسين ابن الشيخ حسن مطر الخفاجي، شاعرٌ فحلٌ وعالمٌ فاضل، ولد في النجف الأشرف عام 1318 ه 1900 م ونشأ علي أبيه ودرس مبادئ العلوم في الحوزة العلمية علي اساتذة فضلاء وحضر الدروس العالية علي مراجع التقليد کالميرزا النائيني والشيخ محمد حسين الاصفهاني والسيد محسن الحکيم والسيد ابوالقاسم الخوئي، وقد برع في علوم الفقه والأصول والتفسير والحديث الي جانب الأدب والشعر خاصةً، وله في کل ذلک آثارٌ ومؤلفاتٌ لم يُطبَع أغلبها، کما خاض مجال التدريس في کلية الفقه فهو من اساتذتها اللامعين وله تاثيرٌ واضح علي مجمل الحرکة الثقافية والادبيّة في النجف، کما عرف بقصائده القوية السبک الجيّدة الاختيار الفخمة الاسلوب، توفي عام 1395 ه 1975 م.

له من قصيدة شهيرة قوله:


أرصف باب عليٍّ أيُّها الذهبُ
واخطفْ بابصار من سُرّوا ومَن غضبوا


وقل لمن کان قد اقصاک عن يده
عفواً اذا جئت منکَ اليومَ اقترب

[صفحه 166]

لعل بادرةً تبدو لحيدرةٍ
ان ترتضيکَ لها الأبواب والعتب


فقد عهدناه والصفراء منکرة
لعينه وسناها عنده لهب


ما قيمةُ الذهب الوهاج عند يدٍ
علي السواء لديها التبر والترب


ما سرّه ان يري الدنيا له ذهباً
وفي البلاد قلوبٌ شفّها السغب


ولا تضجّرُ اکبادٌ مفتتةٌ
حتي يذوب عليها قلبُهُ الحدب


او يسقط الدمع من عيني مولّهةٍ
اجابها الدمع من عينيه ينسکب


تهفو حشاه لأنات اليتيم بلا
أمٍّ تناغي ولا يحنو عليه اب


هذي هي السيرة المثلي تموج بها
روح الوصيِّ وهذا نهجه اللحب


فاحذر دخول ضريحٍ أن تطوفَ به
الا باذنِ عليٍّ أيُّها الذهب


بابٌ به ريشةُ الفنان قد لعبت
فأودعته جمالاً کلّهُ عجب

[صفحه 167]

تکادُ لا تدرکُ الابصارُ دقته
مما تماوج في شرطانه اللهب


کأنها لجة الأنوار موجته
خلالها صور الرائين تضطرب


سبائکٌ صبّها الابداع فارتسمت
روائع الفنِّ منها الحسن منسکب


يدنو الخيالُ لها يوماً لينعتها
وصفاً فيرجع منکوساً وينقلب


أدلت بها يد فنانٍ منمقةً
تعنو لروعتها الاجيال والحقب


مل ء الجوانح مل ء العين رهبتُها
ومربض الليث غابٌ ملؤه رهب


يا قالع الباب والهيجاءُ شاهدة
من بعدما طفحت کأسٌ بمن هربوا


بابان لم ندر في التبريح أيّهما
أشهي إليک حديثاً حين يقتضب


بابٌ من التبر أم بابٌ يقوّمهُ
مسمارهُ وجذوع النخل والخشب


هذا يشعُّ عليه التبر ملتهباً
وذاک راح بنار الحقد يلتهب

[صفحه 168]

وأيُّ داريک أحري أن تطوف بها
وأن تجللها الاستار والحجب


دارٌ تحج بها الدنيا لمدک أم
دارٌ عليک بها العادون قد وثبوا


هذي تدالُ بها للحقِّ دولتُهُ
زهواً وفي تلک في ءُ الحق يغتصب


حتي اذا جاءت الدنيا مکفّرةً
عما جنته وجاء الدهر ينتهب


شادت عليک ضريحاً تستطيلُ علي
هام السماء به الاعلام والقبب


وتلک عقبي صراعٍ قد صبرت له
وذا فديتک مظلوماً هو الغلب


بلّغ معاويةً عني مغلغلةً
وقل له واخو التبليغ ينتدب


قم وانظر العدل قد شيدت عمارتُهُ
والجور عندک خزيٌ بيتُهُ خَرِب


تبني علي الظلم صرحاً رنَّ معولُهُ
بجانبيه وهدّت رکنه النوب

[صفحه 169]

أبت له حکمة الباري بصرختها
الا يخلّد مختالٌ ومرتکب


قم وانظر الکعبة العظمي تطوف بها
حشد الالوف وتجثو عندها الرکب


تأتي له من اقاصي الأرض طالبةً
وليس الا رضا الباري هو الطلب


قُل للمعربد حيث الکاس فارغةٌ
خفّض عليک فلا خمرٌ ولا عنب


سمّوک زوراً أميرالمؤمنين وهل
يرضي بغير عليٍّ ذلک اللقب


هذا هو الرأسُ معقودٌ لهامته
تاج الخلافة فاخسأ أيها الذنب


يا باب حطة سمعاً فالحقيقةُ قد
تکشّفت حيث لا شکٌّ ولا ريب


مواهب اللَّه قد وافتک مجزيةً
ما کنت تبذل من نفسٍ وما تهب


هذي هي الوقفات الغرُّ کنت بها
للدين حصناً منيعاً دونه الهضب

[صفحه 170]

هذي هي الضربات الوتر يعرفها
ضلع بها انقدّ أو جنب بها يجب


هذي هي اللمعات البيض کان بها
عن وجه خير البرايا تُکشفُ الکُرب


هذي هي النفس قد روّضت جامحها
فراق للعين منها عيشها الجشب


فلا الخوان لها يوماً ملوّنةً
منه الطعومُ ولا ابرادُها قشُب


لا تکتسي وفتاةُ الحيِّ عاريةٌ
ولا تعبُّ ومهضومُ الحشا سغِب


نفسٌ هي الطهر ما همّت بموبقةٍ
وليس تعرف کيف الذنب يرتکب


هذي التي انقادت الاجيال خاشعةً
لهديها وترامت عندها النُجُب


تعيّفوا ورکبنا في سفينته
فميّز اللُجَّ من عافوا ومن رکبوا


وساوموا فاشترينا حبَّ حيدرةٍ
ولا نبيع ولو أنَّ الدُنا ذَهب

[صفحه 171]

يا فرصةً کنت للاسلام ضيّعها
حقد النفوس وأبلي جدّها اللّعب


شجّوا برغمک امراً أنت تعصُبُه
في ذمة اللَّه ما شجّوا وما شجبوا


فرحت تنفض من هذا الحطام يداً
اذ شُمتَ فيه يد الاطماع تنتشب


تکالبٌ عنه قد نزهت محتقراً
له وعندک ما يشفي به الکَلَب


فاستنزلوکَ عن العرش الذي ارتفعت
بک القواعد منه فهو منتصب


لو أنصفوک لفاض العلم منتشراً
في الخافقين وسارت بالهدي کُثُب


ولازدهي باسمک الاسلام دوحتُهُ
فينانةٌ وفناه مربعٌ خَصِب


للَّه أنت فقد حمّلت من محنٍ
ما لم يُطق صابرٌ في اللَّه محتسب


ولا ابتنيت عليه من سماء عُلاً
ما ليس تأفلُ عن آفاقها الشُهُب


أمرٌ به ضاقت الدنيا بما رحبت
ولم يضقْ عنه يوماً صدرُک الرحب


وله أيضاً من قصيدة:

[صفحه 172]

أعلي غديرک هذه اللمعاتُ
أم من عبيرِکَ هذه النفحاتُ


يهتزُّ يومک وهو يومٌ حافلٌ
بالرائعات تحفُّها البرکات


يوم تتوجک السماءُ ببيعةٍ
عصماء لم تعبث بها الفلتات


جبريل يحمل سرّها ومحمدٌ
کان المبلّغ والقلوب دعاة


ربحت بها الدنيا وولّي خاسرٌ
منها تؤجج صدره الحسرات


فکأنَّ يومک وهو يومُ مسرّةٍ
غيضٌ تشقُّ به الصدور ترات


ولربَّ مغبونٍ تکلف بسمةً
تطغي عليها إحنةٌ وهناة


فدع الصدور يغصُّ في اکظامها
منهم فضاءٌ أو تضيقُ فلاة


فالکون يطربُهُ ولاؤکَ کلّما
غنت برکب الماجدين حُداة


ولأنت محورها وتلک مواهبٌ
هبطت عليک وللسماء هبات


ذاتٌ من الطهر انبرتْ فتقدَّست
ألّا تماثلها بطهرٍ ذات


کف العناية توجتک بتاجها
رضيت نفوسٌ أم أبت شهوات


لبيک يا بطل المواقف ولتطح
من دون کعبک هذه النکرات


وفداک روّاغون لم تفقدهم ال
-هيجاء إن عاشوا لها أو ماتوا


فغداة عَمرٍ حين زمجر في الوغي
کالليث تحجم عن لقاه کماة


وسطا فإما أن تثلّم شفرةٌ
للدين دهرا أو تقوم قناة


وأدال للاسلام من سطواته
وغدت تدورُ بأهلها السطوات


وغداة خيبر والحصون منيعةٌ
والبأس جاثٍ والقروم حماة


والموت في يد مرحبٍ قد سلّه
عضباً رهيفاً لم تخنه شباة


وتحامت الأسد الغضاب فرنده
الا تُطيح رؤوسها الشفرات

[صفحه 173]

ولراية الاسلام لما اعطيت
لسوي فتاها محنةٌ وشکاة


فهنالک الفشل المريع اصابها
وهناک راحت تُسکبُ العبرات


حتي اذا اهتزَّت بکفِّ مديرها
رقصت بيمناه لها العذبات


فتنازلا وسط الهياج ولم تکن
مرَّت هناک عليهما لحظات


واذا بفارسِ خيبرٍ أوداجُهُ
لحسام فارس هاشمٍ نهلات


هذي وفودُکَ اقبلت ترتادُ مِن
حوض الولاء قلوبها الشغفات


قمْ حيِّ وفدک إنَّ دارک کعبةٌ
عظمي وليس لحجّها ميقات


من أيِّ ناحيةٍ اتاک مؤمّلٌ
ملأت حقايب رکبه الحسنات


واديک وهو الطور في ذکواتِهِ
تشتاق رمل هضابه عرفات


هذا هو الوادي الذي يُلجي له
وتقالُ من زلّاتها العثرات


هذا هو الوادي الذي فيه استوت
في الدارجين رعيةٌ ورعاة


ترتادُهُ الاحياء تُحکمُ بيعةً
وتلوذُ في حفراتهِ الأموات


ويبيتُ روع اللاجئين اليه في
حصنٍ منيعٍ ما بنته بناة


والليلُ يعلمُ إنَّ حيدر لم ينمْ
فيه سوي ما تقتضيه سناة


متقوساً للَّه في محرابه
شبحاً تُذيبُ فؤاده الزفرات


قَلِقُ الوسادِ وإنه لصحيفةٌ
بيضاءُ لم تعلُقْ بها شبهات

[صفحه 174]


صفحه 166، 167، 168، 169، 170، 171، 172، 173، 174.